لم يكد الجزائريون يفيقون من مطالب ومستلزمات رمضان وعيد الفطر التي استنزفت مدخرات الأسر حتى جاءت متطلبات العودة إلى المدارس لتكمل على ما تبقى منها، مع الارتفاعات الكبيرة في أسعار الملابس والمآزر والحقائب والأدوات المدرسية وغيرها، في حين استقبلت المكتبات زبائنها بتشكيلات واسعة من تجهيزات الدراسة بأسعار مبالغ فيها في بعض الأحيان ولكن هناك مشكلة تتمثل في وجود أزمة سيولة مادية خلال فترة بدء الدراسة بعد استنزاف متطلبات رمضان وعيد الفطر لجيوب المواطنين مما يؤخر شراء بعض المستلزمات واضطر البعض للاقتراض لسد العجز. العودة إلى المدارس.. موسم من مواسم البيع والربح عند فئة من التجار..لكنه موسم الإنفاق والدفع عند الآباء، موسم تفريغ الجيوب لشراء متطلبات المدرسة التي لها أول وليس لها آخر.. فهي مناسبة يحسب لها رب الأسرة ألف حساب لكثرة متطلباتها.. فما من منزل يخلو من التلاميذ والطلاب الذين يصل عددهم في بعضها إلى سبعة أو أكثر، وهذا يعني الحاجة إلى ميزانية خاصة لتجهيز الأبناء وشراء الملابس والأدوات المدرسية والأحذية والحقائب المدرسية. انتعاش موسمي أدت عودة التلاميذ والطلاب للمدارس إلى انتعاش حركة بيع وشراء المستلزمات المدرسية والمكتبية بعد فترة إعداد وترقب من قبل أصحاب المكتبات وتجار الأدوات المدرسية على وجه الخصوص في هذا الوقت من السنة. ويتطلع أصحاب المكتبات وتجار الأغراض المدرسية بشغف لعودة التلاميذ والطلاب إلى مقاعد الدراسة والتي تقود حركة تصاعدية لسوق المستلزمات المدرسية تنشط معه حركة البيع والشراء وتعوض التجار الخسائر التي تكبدوها خلال أيام الإجازة المدرسية بسبب الكساد. عدد من المهتمين ببيع الكتب والكراريس وعموم المستلزمات المدرسية الأخرى، كشفوا عمّا يشهده السوق هذه الأيام من حالة استنفار، خاصة خلال الأيام الأولى من أيام الدراسة إذ يلقى السوق إقبالاً منقطع النظير من جميع الفئات العمرية ثم ما يلبث أن تهدأ حالة السوق الشرائية عن ذي قبل. يبين حميد.ع، صاحب مكتبة لبيع الأدوات المدرسية بعين مليلة، أن عملية الاستعداد تبدأ منذ فترة من ناحية تجهيز جميع المتطلبات المدرسية، وأنه قد تم الأخذ بالاعتبار التزاحم الشديد خلال بدء الدراسة لمعرفته بأن معظم الأسر الجزائرية لا تقوم بتوفير مستلزمات أبنائهم الدراسية إلا مع بدء الدراسة. ويشير إلى أن بعض المشتغلين بهذه السلع يُهملون عملية التخزين، مما ينعكس سلبًا على جودة المادة التي تكون عرضة للفساد والتلف نتيجة تأثرها بالحرارة الشديدة داخل المستودعات. ويؤكد المهتمون بسوق الأدوات المدرسية أن السوق المحلية تنتشر فيها الكثير من البضائع المدرسية المغشوشة والمقلدة، الرخيصة السعر والعديمة الفائدة والتي يشكل بعضها خطورة عند الاستخدام لرداءة المادة الخام المصنوعة منه. رمضان، عيد الفطر والدخول المدرسي الثالوث القاتل...! في جانب آخر يمثل موسم العودة إلى المدارس مأساة حقيقية لدى بعض الأسر. وفي هذا الشأن يؤكد سليمان.ح، وهو أستاذ في الطور المتوسط-، أن بدء الدراسة لدى بعض الأسر يكون قاسيًا ومؤلمًا، نظرًا للصعوبات المالية التي تعاني منها هذه الأسر والتي من جرائها لا تستطيع تلك الأسر الوفاء بالمتطلبات والمستلزمات المدرسية لأبنائهم فتشكل عبئًا إضافيًّا يُرهق كاهل رب الأسرة في المقام الأول فأرباب الأسر، خاصة ذوي الدخل المحدود أو الضعيف يعانون هذه الأيام من ضغوطات كبيرة، فما أن بدأ يلوح لهم شهر رمضان بالوداع مع ما رافقه من خسائر فادحة ليليه عيد الفطر حتى فتحت المكتبات أحضانها لهم. وهو ما يعلق عليه الهادي.ك، موظف بشركة سونلغاز، بقوله: “كارثة هذا العام أظنها فريدة من نوعها، فرمضان والعيد بكلفتهما، ويأتي بعدهما مباشرة الدخول المدرسي، كلها ستتسبب في مشكلة عويصة، خاصة لذوي الدخل المحدود”. ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد، فإن المكتبات والأسواق بدأت بالتحضيرات، حيث يقول سليم. ل، وهو مدير مكتبة بأم البواقي “إن الاستعدادات للموسم الدراسي تمت متسلحين بأدوات التخفيض والعروض على المستلزمات المدرسية. تجار الأرصفة يُزاحمون أصحاب المكتبات وفي ظل الارتفاع الكبير في الأسعار لجأت الأسر إلى الباعة المتجولين الذين نجحوا في سحب البساط من المكتبات المتخصصة في بيع المستلزمات والأدوات المدرسية ومع انطلاق العام الدراسي الجديد شهد هؤلاء الباعة إقبالاً كبيرًا. وأوضح ف.ك، موظف بشركة نفطال وأب لخمسة أبناء متمدرسين، أنه حرص على التزود من هؤلاء الباعة بسبب المبالغة في أسعار الأدوات المدرسية في بعض المكتبات وخروجها عن نطاق المعقول، فالأبناء عندما يعجبون بسلعة يسعون إلى الحصول عليها بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، ما يوقعك في حرج كبير وهذا ما يجعلنا نتجنب تلك المكتبات التي تحتاج إلى فرض رقابة عليها. وأضاف “لدي خمسة من الأبناء وكلهم متمدرسون وهذا العدد يحتاج إلى ثروة مالية أو كنز لتأمين تجهيزات الموسم الدراسي، والباعة المتجولون يوفرون الأدوات ذات الجودة المتوسطة أو المقبولة في أسعار تناسب مداخيل الآباء وهذا سر الإقبال عليها”. من جانبه قال عيسى.ب، تاجر وأب لسبعة أبناء جميعهم متمدرسون، إنه يحرص دائمًا على الحصول على السلعة ذات الجودة العالية حتى لو ارتفع سعرها، حيث إنها تعطيك مدة أطول وفائدة أكثر، ولكن توقيت انطلاق الموسم الدراسي الجديد لهذا العام أجبرتنا على التوجه لتجار الأرصفة كون التوقيت جاء بعد موسمي رمضان وعيد الفطر، وكما هو معلوم أن هذه المناسبات مواسم صرف. وأكد صالح بحري، وهو بائع في إحدى المكتبات بعين مليلة، أن تجار الأرصفة يسحبون الكثير من زبائن المكتبات فهم يبيعون الأدوات المدرسية بكافة أشكالها وأنواعها بأسعار منخفضة جدًا مقارنة بأسعارها في المكتبات الكبيرة، لأن الأخيرة تبيع منتجات ذات علامات تجارية معروفة، أما الباعة المتجولون فهم يبيعون أدوات مدرسية ذات صناعة غير معروفة وبعضها مجهولة المصدر، فيما أكثرها مستورد من الصين وأنتم تعلمون المنتجات الصينية الغنية عن كل تعريف. وأعرب يوسف بزاز، وهو موظف بمؤسسة بريد الجزائر وأب لأربعة أبناء متمدرسون، عن ارتياحه للتسوق لدى تجار الأرصفة لأنهم يبيعون سلعاً متنوعة وبأسعار معقولة ما يدفعه لزيارتهم لشراء متطلباته، ويعتقد أن السعر المناسب هو ما يدفع الكثيرين للتوافد إليه، وقال: إن بعض السلع التي يصل سعرها إلى 1000 دينار كالحقائب المدرسية مثلا في المكتبات أجده عند تجار الأرصفة بنصف الثمن حتى وإن كانت صناعة أخرى فإن هذا لا يهم بقدر ما تهم قيمتها ومناسبتها للوضع المادي كي أتمكن من شرائها. ارتفاع في أسعار الأدوات المدرسية بنسبة %30 تجولت “الفجر” في عدد من المكتبات والأسواق التي تبيع الأدوات المدرسية ورصدت الحركة والأسعار. وأوضح الزوبير.ب، وهو بائع، أن موسم بداية الدراسة أهم مواسم البيع وقد قمنا منذ شهر بتأمين تشكيلات واسعة من الحقائب والكراريس والأقلام ودفاتر التحضير للمعلمين والمعلمات، وغيرها من مستلزمات الدراسة وتتراوح أسعار الحقائب بين 300- 1500 دينار جزائري، فيما تختلف أسعار الكراريس بحسب النوع والحجم وتكون أسعارها بين 100- 400 دينار جزائري. وأشار حيدر.ق، وهو أب لخمسة أبناء متمدرسون، إلى أن لديه 5 أبناء يدرسون في مراحل دراسية مختلفة بمدارس حكومية وقام بتوفير احتياجاتهم الدراسية من إحدى المكتبات، ولكنه فوجئ بارتفاع بعض الأنواع من الحقائب والكراريس والأقلام، الأمر الذي سيرفع تكلفة توفير طلبات الأبناء من المستلزمات المدرسية. وأوضحت عائشة.ط، ممرضة بمستشفى سليمان عميرات بعين مليلة، أن لديها 4 بنات في مختلف المراحل الدراسية، وتحتاج لتفصيل مئزر لكل واحدة منهن في حين أن سعر المئزر الواحد يتجاوز 500 دينار جزائري وقد يصل إلى 1000 بحسب نوع القماش وارتفاع الأسعار ما سوف يؤثر على الكثير من الأسر، بحيث لن يستطيع البعض توفير المستلزمات المدرسية لأبنائه خصوصًا الأسر التي لديها عدد كبير من الأبناء. من جانبه، أوضح قادة. ب.ز، صاحب مكتبة، أن موسم بداية الدراسة يتم من خلاله تعويض فترة الركود الكبيرة التي شهدتها المكتبات هذا العام نظرًا لطول الإجازة. وقد حرصت كافة المكتبات على تأمين كافة الاحتياجات المدرسة بدءًا من قلم الرصاص وانتهاء بالحقائب. وهنالك مكتبات كبرى قامت بتقديم عروض لزبائنها. وأبدى عدد من المواطنين استياءهم من غلاء الأدوات المكتبية والمدرسية والتي بلغت 20 ٪ وطالبوا وزارة التجارة بمراقبة الأسعار لكبح ارتفاعها. وأرجع عدد من بائعي الأدوات المدرسية وأصحاب المحلات التجارية أسباب رفع أسعار الأدوات المدرسية لغلاء الأدوات المستوردة وعبّر أولياء أمور التلاميذ والطلاب عن استغرابهم من تذبذب الأسعار بين مكتبة وأخرى رغم توحد النوعيات والماركات. وبشكل عام، فإن أغلب الأسر في الجزائر تحاول التوفيق بين رغبات أبنائها وقدرتها المالية، حيث يشير الوناس.ب. ح، موظف وأب لثمانية أبناء معنيين بالدراسة إلى أنه يحاول الاقتصاد في الإنفاق من خلال اللجوء إلى “المكتبات الشعبية” التي تنتشر في الأسواق مع قرب بداية العام الدراسي والمليئة بكافة أنواع وأشكال الأدوات المدرسية المختلفة وأسعارها أرخص من المكتبات.