الحقوق الاجتماعية ولقاء الأحزاب والنقابات مجالات نشاط واردة كشفت مصادر حقوقية أن الجزائر ستستقبل، خلال الأيام القليلة القادمة، سبعة من مقرري هيئة الأممالمتحدة المكلفين بملفات مختلفة، وسيكون لهؤلاء المقررين حرية عقد لقاءات مع الأحزاب والنقابات وفق برنامج عمل يسلم لوزارة الشؤون الخارجية، وذلك تحضيرا لصياغة تقارير عن وضعية حقوق الإنسان في الجزائر لرفعها إلى الأمين العام الأممي، وإرسال نسخة مرفوقة بالتوصيات إلى الحكومة. وأوضحت ذات المصادر، أن “الضيوف” قد حصلوا على التأشيرات لدخول الجزائر، ويعكفون حاليا على ضبط برنامج الزيارة الذي يسلم إلى مصالح وزارة الخارجية، باعتبارها المعنية بمتابعة تنقلهم وظروف إنجاز مهمتهم خلال فترة تواجدهم بالبلاد. وأكد المصدر، في تصريح ل”الفجر”، أنه تم منح المقررين الخاصين لهيئة الأممالمتحدة الحرية التامة في إجراء لقاءات مع الأحزاب والنقابات المستقلة في إطار الملفات التي كلفوا بها، حيث من المنتظر حضور المقرر الخاص بترقية وحماية حرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى المقرر الخاص المكلف بملف العنف ضد المرأة، أسبابه ونتائجه، وكذا المقرر المكلف بملف الحق في التربية، ومقرر “الحق لكل شخص في الصحة الجسدية والذهنية”، زيادة على المقررين المكلفين بملفات الحق في التغذية، والماء والتطهير. ويلاحظ في القائمة غياب المقررين الذين كانوا قد تقدموا للسلطات بطلب زيارة، وهم المكلفون بملف الاختفاء القسري والتعذيب، واقتصر الأمر إلى حد الآن على المقررين المتابعين لملفات ليست على درجة كبيرة من الحساسية، عكس الملفات التي ظلت تستثمرها المنظمات الحقوقية غير الحكومية، منها منظمة العفو الدولية، لتسويد صورة الجزائر، كملف المفقودين والتعذيب في مراكز الأمن، وحتى وإن كانت هذه التقارير مغلوطة، إلا أنها تحمل في طياتها جزءًا من الحقيقة لم يكن من قبل ينشر عبر الصحافة مثلما هو الأمر حاليا. وكان وزير الخارجية، مراد مدلسي، قد وجه دعوة رسمية لمقرري الأممالمتحدة لزيارة الجزائر، خلال تدخله أمام مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأممالمتحدة، شهر مارس الماضي، بهدف الاطلاع عن قرب على وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، في وقت ما تزال التقارير التي تصل الأممالمتحدة متضاربة ومتناقضة بين الحكومية منها وغير الحكومية. كما أن الدعوة الجزائرية يرجى منها أن تكون دليلا على تحول البلاد نحو الانفتاح أكثر، عكس ما كانت عليه سنوات التسعينات. وستنتهي مهمة المقررين الأمميين برفع تقارير للأمين العام للأمم المتحدة حول وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، ثم إرسال نسخة منها إلى الحكومة مرفوقة بملاحظات وتوصيات لمعالجة الجانب السلبي في الموضوع. ومن المرجح أن تحاول المنظمات الحقوقية الاستفادة من زيارة المقررين من أجل إيصال رسائلها وشكاواها، التي تعتقد أن الحكومة تكون قد تجاهلتها من قبل، لاعتمادها على سياسة تهميش هذه المنظمات وأرائها وملاحظاتها، حتى وإن كانت تستند إلى حالات واقعية. وكانت الجزائر سجلت قبل سنتين آخر زيارة لمقررين من الأممالمتحدة، معنيان بملفات العنف ضد المرأة والحق في حرية الديانات، بعد سلسلة من الشكاوى التي هطلت على الحكومة فور إصدار قانون تنظيم ممارسة الشعائر الدينية، ولكن تبقى الدعوة الرسمية خطوة إيجابية نحو العمل الجدي لترقية حقوق الإنسان وسد الثغرات ودفع مظالم، لطالما ارتكبت ولم يعاقب مرتكبوها، خاصة بعد أن أصبحت الجزائر تصنف ضمن الدول الصاعدة.