قررت الجزائر فتح ”أبوابها” لخبراء الأممالمتحدة في خطوة جديدة قد تساعدها على تجاوز مرحلة المعاناة من تقارير تستمد ”سوداويتها” من أطراف غير حكومية، وقد أعلن أول أمس وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، من الأممالمتحدة عن دعوة الجزائر لعدد من الخبراء الأميين الذين أسندت لهم مهام ترقية وحماية حقوق الإنسان في بعض المجالات الاجتماعية ومدى توفر الخدمات القاعدية فيها. ووجه الوزير دعوة للخبراء من الأممالمتحدة لزيارة الجزائر خلال السنة الجارية2010، وهم المكلفين بمهام ترقية وحماية حق حرية الرأي والتعبير، ومكافحة العنف ضد المرأة، والحق في التربية، بالإضافة إلى ملف الصحة البدنية والذهنية، والتغذية، والسكن اللائق كعنصر في الحق في التمتع بمستوى معيشي كاف، والحقوق المتعلقة بالاستفادة من الماء الشروب والتطهير. ووعد وزير الشؤون الخارجية مبعوثي الأممالمتحدة بتعاون الجزائر الكامل من أجل ضمان نجاح مهمتهم، ولم يحدد موقف الجزائر من زيارة مبعوثين أمميين مكلفين بملفات أخرى كانت الجزائر قد تلقت بشأنها تقارير سلبية جدا، بعدما رفضت السنة المنصرمة قبول زيارة مبعوثين أمميين من مجلس حقوق الإنسان، بينهم المقرر الخاص المكلف بملف التعذيب، ومقرر حقوق الإنسان في مكافحة الإرهاب، وآخر مكلف بملف الاختفاء القسري، ومقرر الإعدام خارج نطاق القضاء، حيث تتهمهم الجزائر باستعمال هذه المواضيع للضغط والابتزاز ووجود عناصر من ضمنها محسوبة على أطراف غير محايدة. وكانت الجزائر قد تعرضت إلى جانب عدد من الدول لاتهامات بتخصيص مراكز للاعتقال السري في إطار مكافحة الإرهاب، استنادا إلى تقرير أصدرته الأممالمتحدة مؤخرا تكفل به خبراء أمميون عن أوضاع المعتقلات السرية في 66 دولة، وسهر على إعداده كل من المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في إطار محاربة الإرهاب، مارتين شاينين، والمقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، مانفريد نوفاك، مدة سنة كاملة، وهما الخبيران اللذان قالت بشأنهما منظمة ”هيومن رايتس ووتش” إنهما تلقيا رفضا لزيارة الجزائر، ولكن ذلك لم يمنعهما عن اتهامها بتخصيص مراكز احتجاز سرية. وفي ذات السياق، ذكر موقع ”سويس انفو” الإخباري، أن عددا من الدول التي تنتمي إلى المجموعة الإسلامية والإفريقية بمجلس حقوق الإنسان كانت قد طالبت بعدم مناقشة التقرير الخاص بالاعتقال السري خلال الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان، واستندت في ذلك على اتهام الخبراء بتجاوز صلاحيات المهمة الموكلة إليهم. وفي هذا الشأن ذكرت ذات المصادر عن منظمات حقوقية غير حكومية أن الدول المعنية بالتقرير، ومنها الجزائر والصين وإيران وسيريلانكا، بالإضافة إلى روسيا وباكستان، ترفض أن توجه إليها أصابع الاتهام على أساس التقرير، فيما لم يتضح موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية التي كانت ”سيدة الانتهاكات” وفقا لنص التقرير. ومن حق الجزائر أن تعترض على عرض التقرير واتهامها من طرف معديه اللذان لم يدخلا إليها في إطار مهمة الإعداد لهذه الدراسة التي تكون في الأخير قد استمدت ما يتعلق بالجزائر من بعض المنظمات الحقوقية غير الحكومية، وأشارت ”سويس آنفو” إلى أن نتيجة الجدل بخصوص التقرير الأممي حول الاعتقال السري ستظهر غدا وتكون بمثابة معيار لمصداقية مجلس حقوق الإنسان. وعن طرق سير وعمل مجلس حقوق الإنسان دعا وزير الخارجية إلى عدم إهمال الطابع الاستعجالي لبعض الملفات التي تشكل حقيقة وجوده وهي الوقاية من انتهاكات حقوق الإنسان في البلدان المحتلة، في إشارة إلى الشعب الفلسطيني والصحراوي، كما دعا إلى تفعيل أداء المجلس وإبعاده عن شبه الكيل بمكيالين، واستعمال ملفات حقوق الإنسان للتدخل في الشؤون الداخلية والمساومة على مواقف معينة.