عقب المحاضرة التي ألقاها الوزير الفرنسي السابق، جان بيار شوفانمان، في المركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة، الأسبوع الماضي، وقف شخص من الحضور وحيا بقوة المحاضر، ثم أضاف قائلا: "سيدي الوزير، لقد سبق واستقبلتك في مكتبي بسجن سركاجي سنة 1993، جئت وقتها مسرعا وقلت أريد أن أرى صديقي، وهو ما كان لك. وصديقك كان مسجونا وقتها بسجن سركاجي واسمه "رمضان. ص"، وهو ما كان بالفعل، وجيء لك بصديقك الذي جلست معه قرابة الثلاث ساعات، ثم ذهبت إلى الرئيس وكان وقتها رئيس المجلس الأعلى للدولة، علي كافي، وطلبت منه أن يصدر عفوا رئاسيا خاصا لصديقك، وهو ما كان لك، وأطلق سراح صديقك". طبعا شوفانمان، وجد في هذا التدخل الكثير من الحرج، وقال باختصار: "نعم صديقي أعرفه منذ كنت جنديا هنا في الجزائر، وكنت على يقين أنه سجن ظلما، وفعلت ما كان عليّ فعله". لا أدري إن كان الرئيس علي كافي قد وافق على إطلاق سراح صديق شوفانمان بناء على قناعة ببراءة المتهم، أم فعل ذلك هذا نزولا عند رغبة الرجل الذي هو حقا يستحق الاحترام لما له من مواقف إنسانية، وموقفه من اجتياح العراق سنة 1991، حيث استقال من على رأس وزارة الدفاع، احتجاجا على مشاركة فرنسا في هذا العدوان الذي لا مبرر له! من حق علي كافي كرئيس للجمهورية وبصفته القاضي الأول للبلاد أن يصدر عفوا رئاسيا على أي متهم، لكن الفضول يدفعني لمعرفة تفاصيل التهمة الموجهة إلى صديق شوفانمان، ومادام بإمكان الشخصيات السياسية في حجم شوفانمان تخليص متهم من قضبان سركاجي الاستقلال، لماذا لم نعمل نحن بالمثل وأرسلنا شخصيات في وزن الرئيس علي كافي أو سعيد سعدي، أو أية شخصية وطنية أخرى، وتدخلت لتخليص المتهم محمد زيان حسني الذي بقي تحت الرقابة القضائية في فرنسا قرابة السنتين بتهمة التورط في اغتيال مناضل الأفافاس علي مسيلي، أو للإفراج على الشاب مامي، الذي تم الإفراج المؤقت عنه من يومين، وإن كان في نظري لا يستحق الشاب مامي تدخلا من هذا الحجم، لجسامة الفعل الذي قام به، بتعرضه للسلامة الجسدية والنفسية لشخص آخر؟! أم أن القضاء عندهم غير الذي عندنا، ولا يمكن لرئيس الجمهورية هناك، مهما كانت الوساطات، أن يتدخل ويفرج عن متهم؟! أتوقف هنا وفي شيء من الفضول لمعرفة المزيد عن مثل هذه القضايا التي تسوى في الخفاء وبعيدا عن أعين الإعلام.