تشتهر عاصمة أبو مروان الشريف، عنابة، بأكلاتها الشعبية المختلفة، على غرار الكسكسي، الشخشوخة، طبق الحمص، والعيش، وغيرها من الأطعمة التقليدية التي تطبع يوميات سكان بونة، من خلال إقبالهم على المطاعم الشعبية التي تتوزع بين “بلاص دارم” وحي الغزالة “لاكولون” وبني محافر وتستغل المرأة العنابية فترات الخريف والشتاء لاستظهار مهارتها في تنويع الأطباق المرصعة بلحم الخروف الجبلي والمتبلة بمختلف البهارات، على غرار إكليل الجبل، الزعتر والقرنفل وشواشي الورد، وذلك من أجل أن تعبق الأكلات الشعبية وتضفي عليها ميزة خاصة بأهل المنطقة. ويكمن جمال هذه الأخيرة من خلال الأواني المستعملة في هذه الأطعمة والمصنوعة عادة من الفخار الذي تزينه أشكال وفسيفساء مستوحاة من الحضارة الإسلامية. تصنف مختلف الأكلات الشعبية ضمن قائمة الأطعمة الثقيلة جدا على المعدة، نظرا لتوفرها على المواد الدسمة، إلا أن هذه الأطباق تبقى الوجبة الرئيسية لمختلف العائلات مهما اختلف مستواها المعيشي. هذه الأطباق تبقي المرأة العنابية في دوامة البحث عن طريقة خاصة لتدبر شؤونها، من خلال “التويزة”.. وهي أن تجتمع النسوة خلال فترة الصيف لإعداد “الذخيرة” المتمثلة في الحصول على مادة السميد ذي النوعية المتوسطة لتصنع منه أطباق الكسكسي الذي تشرف على إعداده امرأة مسنة تحسن صنعه بإضافة الفلفل مثلا حتى لا تتلف هذه الذخيرة التي تخبأ بإحكام داخل أكياس يطلق عليها في اللهجة المحلية “المزود” وتوضع في مكان دافئ. نفس العملية تعدّ بها الشخشوخة، وكل هذه المواد تجفف في الهواء، ثم تعبق بإكليل الجبل.. وحسب خالتي الزهرة، عجوز تعمل في إحدى المحلات الخاصة بصنع الحلويات التقليدية، فإن أغلبية العائلات تتوافد على المحل لاقتناء هذه العجائن، خاصة “الشخشوخة” التي تعرف إقبالا واسعا رغم أسعارها المرتفعة، والتي قفزت إلى 95 دج للكلغ الواحد. أما عن سر الإقبال على هذه الأكلات، تقول محدثتنا إن هذه الأطعمة تتوفر على غذاء كامل، وتجعل الإنسان لا يشعر بالإرهاق خلال فترة الصيف أو الشتاء.