لم أفهم المغزى من إعلان "فرانس 24" رفعها لساعات البث على قناتها الناطقة بالعربية إلى 24 ساعة من الجزائر، وستحل الصحفية الكبيرة، كريستين أوكرانت، بالجزائر لتعلن عن هذا خلال ندوة صحفية، مثلما فعل منذ قرابة السنتين الرئيس المدير العام للقناة، ألان بوزيلاك، عندما رفعت القناة الناطقة بالعربية بثها إلى 16 ساعة بدلا من الساعات العشر التي كانت تخصصها عند انطلاق القناة. فهل يعني هذا أن الجمهور المستهدف من القناة هو الجمهور الجزائري الناطق بالعربية، والذي استقطبته فضائيات أخرى مثل "الجزيرة" و"العربية" وقناة "العالم" الإيرانية، أو حتى قناة "روسيا اليوم" الناطقة بالعربية وغيرها من الفضائيات الأخرى، لأن الجمهور المتفرنس يتابع القنوات الفرنسية الأخرى منذ أن عرف فضاء الجزائر الهوائيات المقعرة منذ أزيد من عشريتين؟ قبلنا التبعية الثقافية بحكم الماضي التاريخي وبحكم غنيمة الحرب التي كسبناها من وراء القرن ونيف من الاستعمار، على حد تعبير المرحوم كاتب ياسين، لكن أن يصير مجالنا الإعلامي رهينة التبعية لفرنسا وتصبح العربية التي حاصرتها طوال سنوات الاستدمار وتابعت كل من كان يعلمها ويتعلمها، تحت حماية فرنسا، فهذا أمر آخر ويستحق الاهتمام، خاصة وأن التلفزيون الجزائري وما يعانيه من انغلاق يبقى رغم بعض المحاولات عاجزا عن المنافسة. صحيح أن "فرانس 24" رغم محاولاتها استقطاب المشاهدين في شمال إفريقيا تبقى عاجزة عن منافسة القناة القطرية، ولا العربية، ليس فقط لأنها ليست لها نفس الأجندة الإعلامية، بل لأن فرنسا لم تغير من نظرتها للعالم العربي، ومازالت تتعامل مع المشاهد العربي بنظرتها الاستعمارية وباستعلائية لم ولن تمكنها من كسب ود المشاهد في شمال إفريقيا خاصة، ولا حتى ثقته، لأن لديه البدائل ويحسن القراءة بين السطور. لكن العيب واللوم ليس على القناة الفرنسية، بل علينا نحن لأننا تأخرنا كثيرا وتركنا الفضاء الجزائري مفتوحا أمام كل التيارات والإيديولوجيات تتقاسمه كيفما شاءت، مع أننا لا ينقصنا لا الذكاء ولا الخبرة ولا المهنية وإنما الإرادة السياسية التي خسرنا بسببها الكثير.