كتب الدكتور عبد المجيد بوزيدي في وقفته ليوم السبت الماضي في ركن “المؤشر”، معلقا تحت عنوان “لا.. البترول ليس نقمة علينا”، أن الجزائر استفادت من ثروتها النفطية، ولا أعيد هنا تفاصيل ما قاله الأستاذ بوزيدي، الذي علل موقفه علميا بالكثير من الأدلة الدامغة، لكني أرد عليه وأقول، بل إن البترول هو نقمة على الجزائريين، ولا أقول هذا من منظور اقتصادي الذي لا يمكن أن أناقش أستاذي المحترم بشأنه، لكني أقولها من منظور اجتماعي. نعم البترول كان نقمة على الجزائريين، ليس لأن نسبة كبيرة من ريعه تذهب إلى جيوب اللصوص، بل لأن ثروة النفط جعلت منا شعبا كسولا، أهملنا الأرض ولم نفلح لا في الصناعة ولا في الحفاظ على البيئة، أو كنا تجارا شاطرين، ورحنا كلنا ننتظر ما يدره ضرع البقرة الحلوب، أهملنا الأراضي الفلاحية التي أكلها الإسمنت، ولم نرب أبناءنا على حب العمل والاعتماد على النفس، وفي المقابل فتحنا الباب واسعا للصينيين، ليبنوا لنا مساكننا ويبيعوننا سلعهم التعيسة، في الوقت الذي تتزايد أعداد الشباب البطال، شباب يتعفف عن العمل في بعض المهن التي يعتبرها دنيئة، ويفضلون كلهم أن يكونوا أعوان أمن أو سائقين أو “معاليم”، ولا يهمهم شيء مادام الخبز في البيت مضمونا. فلو لم يكن هناك نفط ومداخيل نفط تضمن الخبز للجميع لاضطر هؤلاء لعمل أي شيء، بنائين أو حتى “خماسة”، لا يهم، المهم فقط ضمان ما يبقي الرمق في الجسد بشكل نزيه ونظيف، فالمثل الشعبي يقول “البرد يعلم الخياطة والجوع يعلم السقاطة”، فلو هم بردوا أو جاعوا لقبلوا بأي عمل، لكن ليس هناك من مات جوعا في الجزائر، بل بالعكس، المزابل نصفها خبز يابس، والخبز في الجزائر يقدم كعلف للحيوانات. فلو لم يكن لدينا نفط، لأولينا اهتماما مثلا لقطاع يدر ذهبا، مثل قطاع السياحة، مثلما يفعل إخواننا التوانسة، أو جعلنا من ريفنا الرحب جنة، مثلما هو الريف التونسي أو المغربي الذي لا ترى فيه شبرا من الأرض غير مستغل. من هذا المنطلق فالبترول هو نقمة علينا وليس نعمة.