أكد البروفيسور عبد اليمين بوداود أن الاحتراف في الجزائر لاتزال تنقصه جوانب عدة وفي مقدمتها التسيير والتكوين والمنظومة القانونية، مبرزا في حوار ل”الفجر” أنه كان من الأجدر بكرة القدم الجزائرية أن تمر بمرحلة انتقالية قبل دخول الاحتراف. وعن تراجع أداء المنتخب الوطني بعد المونديال أرجعه نفس المتحدث إلى غياب تقييم موضوعي للفريق تراجع الخضر بعد المونديال راجع لغياب تقييم موضوعي والمدرب الأجنبي ليس حلا 2 بالمائة فقط من الجزائريين يمارسون الرياضة مبرزا أن المدرب الأجنبي ليس حلا ما لم يتغير محيط الكرة الجزائرية. كما كشف أن الشعب الجزائري لايزال أضعف الشعوب الممارسة للرياضة بنسبة 2 بالمائة مقارنة ب78 بالمائة في فرنسا. ألا ترى أن بداية الاحتراف بالجزائر كانت عرجاء بدليل أن الكثير من الفرق لاتزال لم تفصل في مؤسساتها كاتحاد العاصمة ووفاق سطيف مثلا ؟ أولا ما لا يعرفه الكثير من الفاعلين الآن في الحركة الرياضية أن بداية الكلام حول الاحتراف كانت سنة 1999، حيث بدأت الاتحاديات الدولية لمختلف الرياضات وفي مقدمتها الفيفا تجري اتصالات ومشاورات مع وزارة الشبيبة والرياضة والاتحادية الجزائرية لكرة القدم، لكن ما يجب أن ننتبه إليه أن الاتحاد الدولي لكرة القدم لم يفرض على الجزائر تحويل أنديتها إلى شركات تجارية بل طالب باحتراف في التسيير والتكوين وإدارة الفرق وفق المقاييس المعتمدة دوليا. نفهم من كلامكم أن الجزائر فهمت الاحتراف ببعده التجاري ما يجعلنا نحكم عليه بالفشل مسبقا ؟ الاحتراف في الجزائر ظهر وكأنه تغيير في المصطلحات وأسماء النوادي التي تحولت إلى أسماء لشركات، فلا وجود لمعنى الاحتراف وفق مقاييس المنظومة الرياضية الحديثة، والسبب في ذلك التسرع، فأي احتراف لا يكتب له النجاح ما لم يتبعه تكوين شامل في التسيير. أنظر مثلا جل المرافق الرياضية لاتزال تسير من طرف الشبكة الاجتماعية للإدارات المحلية وقضية المنشآت... إلخ حيث كان من الأجدر أن يمر الاحتراف بمرحلة انتقالية تصاحبه ثورة في تكوين الحكام، اللاعبين، المدربين والمسيرين، تطوير الطب الرياضي، والإعلام الرياضي تعزيز المنشآت، لذلك أقول لك أن الاحتراف دون الأخذ بعين الاعتبار التكوين هو تسرع في اتخاذ القرار. هل الاحتراف الذي انتهجته الرياضة الجزائرية سيقضي على نكبة الرياضة ويساهم في إبراز أسماء في المستوى مستقبلا؟ نعود بك لشروط الاحتراف ونطرح السؤال التالي: هل في الجزائر توفرت شروط الاحتراف ؟ وهل هناك قانون واضح لعملية الاحتراف ؟ فالفرق الرياضية لاتزال تسير بقانون الجمعيات 90/31 وهو قانون غير تجاري، وعليه كان من الأجدر تغيير قانون إنشاء الفرق الرياضية وتسييرها، لذلك فإن الاحتراف سيصطدم بتناقضات قانونية أيضا، لذلك ففشل الاحتراف واضح خاصة إذا علمنا أن الاحتراف الذي لا يعنى بالتكوين والرياضة المدرسية لن يكتب له النجاح. على ذكر الرياضة المدرسية لاتزال الكثير من المؤسسات التربوية تفتقر إلى تجهيزات ؟ هذا صحيح وهو خطر كبير على الصحة الجسمية والعقلية للتلميذ، والرياضة المدرسية ليست قضية تجهيزات فقط بل قضية مختصين أيضا وأغلب أساتذة التربية البدنية ليسوا من ذوي الاختصاص الرياضي. ويجب أن نفهم أيضا أن عدم ممارسة الرياضة في سن مبكرة هو أحد مسببات العنف سواء كان مدرسيا أو اجتماعيا أو أسريا. ما يقال عن ضعف التجهيزات الرياضية في الوسط المدرسي يقال أيضا في الأحياء الشعبية.. أين الخلل ؟ واقع مأسوي تعرفه الأحياء الجزائرية من حيث نقص المرافق الرياضية، وهذا راجع لفهمنا الرياضة خطأ، حيث فهمنا الرياضة على أنها نتائج وفقط وليست ممارسة. حيث تشير آخر التقارير والأبحاث أن 2 بالمائة فقط من الشعب الجزائري يمارس الرياضة مقارنة ب78 بالمائة في فرنسا و70 بالمائة بسويسرا و80 بالمائة في هولندا، لذلك حان الوقت لرفع الاهتمام بالرياضة للقضاء على الكثير من المشاكل، لاسيما تعاطي المخدرات في أوساط الشباب والتقليل من فاتورة العلاج واستيراد الدواء. وتبقى التجهيزات الرياضية سواء في الأحياء أو الجامعات أو المدرسة على قلتها لا تلبي الطلب وتقف عائقا دون تطوير الممارسة الرياضية بالجزائر. وأمام كل هذا ما الحل لتفعيل الرياضة الجوارية ؟ يبدو أن برنامج التنمية للمخطط الخماسي 2010/2014 الذي رصد له غلاف 280 مليار دولار أعطى 40 بالمائة من اعتماداته المالية لقطاع الشباب والرياضة، وهو شيء مهم وإيجابي، حيث لأول مرة يعنى قطاع الرياضة بهذا الحجم من الاعتماد سواء بالنسبة للتجهيزات وبتوازن جهوي للجهات الأربع للوطن. أضف إلى ذلك القروض التي منحتها الدولة للفرق الرياضية بقيمة 10 ملايير وبنسبة فائدة رمزية تقدر ب1 بالمائة، إضافة إلى فتح مدارس التكوين ومساهمة الدولة ب80 بالمائة من إمكانياتها.. كل هذا يجب أن يستغل أحسن استغلال لتفعيل الرياضة سواء على مستوى الفرق أو الأحياء والمدارس والمؤسسات التربوية. نعود بكم لظاهرة العنف بالملاعب التي لاتزال مستمرة رغم توصيات مختلف الندوات التي عقدت بالجزائر، أين مشكل الظاهرة بالتحديد ؟ أسباب العنف في الملاعب بالجزائر بعضها رياضي كضعف تكوين اللاعب، المدرب والمسير، والبعض الآخر لا علاقة له بالرياضة. وإذا أردنا القضاء على الظاهرة وجب علينا القضاء على التهميش والحڤرة وأزمة السكن وتهذيب الإعلام الرياضي وتفعيل دور جمعيات الأنصار. على ذكر جمعيات الأنصار ألا ترى أنها فشلت في أداء مهامها في الوقاية من العنف، بل وتحول بعضها إلى محرض الأنصار ضد رؤساء الأندية والمسيرين؟ صحيح، والسبب في ذلك استمرار هذه الجمعيات في اعتماد أسلوب العمل التطوعي، وهو ما يتطلب إرادة قوية وطول نفس. لكن العمل التطوعي بالجزائر يصطدم بواقع مرير، لذلك وجب تحديد شروط معينة لتسيير لجان الأنصار، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والعنف ليس قضية لجنة الأنصار وحدها، بل هي الأسرة والمدرسة والمسجد، ورفع مستوى التحكيم واحترافية تسيير المرافق. فمثلا كيف تلجأ إدارة ملعب بحجم 5 جويلية إلى فتح باب واحد أمام الأنصار في داربي مولودية واتحاد العاصمة. يعاب على مسؤولي الرياضة في الجزائر اهتمامهم بكرة القدم دون باقي الرياضات، لاسيما تلك التي رفعت الراية عاليا في عز نكسة الرياضة بالجزائر ؟ صحيح هذا موجود، فكرة القدم هي أكثر الرياضات شعبية بالعالم والجزائر، لكن لابد من توازنات في تنمية الرياضات في كل الاختصاصات، بل وحتى رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، فتطوير الرياضة لا يكون بتدعيم كرة القدم على حساب باقي الرياضات. بماذا تفسر السقوط الحر للمنتخب الوطني لكرة القدم، فمن منتخب مونديالي إلى منتخب لا يقوى على التعادل أمام منتخبات غير معروفة إفريقيا ؟ أكيد أن المنتخب الوطني تغير مستواه مباشرة بعد المونديال، والسبب في ذلك علمي، حيث أن جل تشكيلة الفريق وصلت إلى مرحلة تسمى في التقنيات الحديثة للتدريب ”مرحلة الثبات” مباشرة بعد خروجهم المشرف من المونديال، ولذلك كان لابد على القائمين على شؤون الفريق اتخاذ عدد من الحلول، منها على سبيل المثال تغيير في مراكز اللاعبين ونمط التدريب، تجديد تشكيلة الفريق جزئيا بشبان من الفرق المحلية.ومن أكبر الأخطاء أن الفريق الوطني لم يقيم تقييما موضوعيا بعد مقابلة إنجلترا. وهل المدرب الأجنبي هو الحل للرفع من مستوى الخضر كما تدعيه بعض الأصوات ؟ لا يمكن ذلك، لأن المدرب الأجنبي يتعامل مع نفس المحيط ونفس الذهنيات، فالمشكل هو المحيط وعقلية التسيير، لذلك وجب إعادة النظر في قاعدة كرة القدم الجزائرية. قلتم منذ قليل أن الإعلام الرياضي تراجع أداؤه هو الآخر، ما هي مقترحاتكم للنهوض به ؟ حان للإعلام الرياضي الجزائري الذي يملك إمكانيات كبيرة أن يتحرر من الذاتية ويتحلى بالموضوعية ويهذب مصطلحاته ورسائله إلى الجمهور الرياضي. كما يجب أيضا رسكلة القائمين على هذا الإعلام وفتح مصادر الأخبار الرياضية بالجزائر. وبماذا تفسرون الفتح العشوائي للقاعات الرياضية وبعض المسابح التي ظهرت مؤخرا بالعديد من مناطق الوطن ؟ فتح مثل هذه الفضاءات يجب أن يكون مقننا ومدروسا. فنحن كخبراء في الرياضة نتساءل أي برامج تعتمدها هذه القاعات، خاصة رياضة تقوية العضلات، ومن يقوم عليها، لذلك وجب إعادة النظر في فتح هذه القاعات بقوانين محكمة.