الحمد للّه نحن الأوائل عربياً في انتشار الرشوة! وعندنا مجلس محاسبة! وعندنا مرصد لرصد الرشوة! وعندنا قانون محاربة الرشوة! وقد يتساءل الناس لماذا نحن الدولة الأولى عربيا في موضوع الرشوة؟! والجواب بسيط.. لأننا نملك أكبر عدد من السراق والمفسدين في أجهزة الدولة لا يوجد مثله في أية دولة عربية أخرى! ولأننا نملك مؤسسات تكافح الرشوة لا يوجد مثلها (نوعية وعددا) في بلدان أخرى! ولأننا نملك أيضا ما يمكن أن يسرق من المال العام! بلدنا ورث عن فرنسا عام 1962 أكثر من 2 مليون هكتار من الأراضي الزراعية.. وورث أيضا ثروة عقارية قاربت نصف المليون سكن من روائع العقارات الحديثة.. تشكلت حول هذه الخيرات جماعات مافيوية سنت قوانين خاصة وخصوصية لنهب هذه الأملاك بطرق قانونية.. وتكونت تبعا لذلك مدارس السرقة والرشوة بالقانون تعمل على السرقة بالقانون من حالة السرقة بتعليمة شفوية إلى حالة السرق بمرسوم! ولذلك عندما تشكل المرصد الوطني لمكافحة الرشوة والفساد وسن القانون الذي قيل أنه يكافح هذه الظواهر.. احتار الناس في تحديد مفهوم الفساد والرشوة! هل يستبعد من الفساد والرشوة ما أخذ بالقانون ؟! وإذا تم ذلك فما معنى الرشوة إذن؟! فالرشوة والفساد في الجزائر لهما حالة خاصة.. فأغلب عمليات الفساد والرشوة المهمة تمت بواسطة القانون.. أما الرشوة التي تمت خارج القانون فإن حجمها لا يكاد يذكر بالنظر إلى حجم الرشوة والفساد الذي تم بالقانون! لهذا أقترح على العاملين في هذا الحقل أن لا يهتموا بحالات الرشوة والفساد لأنهم لن يستطيعوا إحصاءها.. بل عليهم أن يحصوا أولا الحالات التي ليس فيها فساد.. بدءاً من فساد بناء مؤسسات الدولة الدستورية إلى فساد القوانين التي تتيح الوصول إلى المال العام بالقانون! لقد أصبحنا دولة فيها حالات اللافساد واللارشوة في تسيير الشأن العام أقلية الأقليات.. والغالب الأعم هو الفساد الطاغي!