المرأة بموجب قانون مكافحة الرشوة مستثناة من مصادر أملاكها إن تورط زوجها في اختلاسات وحولها باسمه. فهل يزول هذا الاستثناء الذي يشجع ''الرجل'' على السرقة مع زوال العقبة المكلفة بمحاربة الرشوة، أم تعود في ثوب جديد مع المرصد المزعوم لحماية الحرم المصون؟ ولد... ثم مات! في العام 2006 صدر قانون لمكافحة الرشوة، وتضمن هيئة لهذا الغرض سادت أربع سنوات على الورق ثم بادت... وكان يفترض أن تنسينا في مجلس المحاسبة الذي لم يحاسب أحدا منذ أن ولد ومات، وكان يفترض أن يعلقون عليه كما علّقوا على أحد عاش طول العمر المر والعلقم إلى أن مات، هنا يرقد جبر الذي انتقل مباشرة من بطن أمه للقبر! فما الذي جاء به هذا القانون الذي حلّ وقت الجنون المالي والمشاريع التي يحسب فيها بالألف مليون. ولايختلف فيها من يقوم بتسيير قطاع السجون والمساجد بعد أن صار الكل يحسب بالدولار واليورو ولايرون في الدينار إلا عملة زوالية!!؟ توعّد القانون أن السراقين شرَّا مستطيرا يقطع دابرهم ويعلقهم من أرجلهم ويحشرهم طول الدهر. والسبب أن الأمر تعدى الخطوط الحمراء ولم يعد معه قانون ''الستر'' ممكنا ولا قانون التستر. فهو مثل قانون المرور والسير لابد أن نطبق معه آخر الطب الكيّ.. ولو كان عند أحمد أويحيي، أو حتى عند الدكتور سعيد سعدي الذي دائما رأسه يدور، فهما وجهان لعملة واحدة من الناحية الاقتصادية، يدعمان النهج البورجوازي ويعتبران الاقتصاد الحرّ ودعه يعمل دعه يمر دواء لكل داء.. والقانون مع أنه لم يتجسد في هيئة رسمية أحسن مقارنة بما قبله! ففي عهد نفس طبيب الكي هذا، خرج من رحم البرلمان ''فرمان'' مملوكي من عهد المماليك يشرح بالتفصيل المضحك عقوبة كل سرقة بما يقابلها من حبس، فمثلا الذي يسرق مليون أو أقل فله نصف عام حبسا والذي يسرق مليار له خمس سنين في إقامة مقبولة تليق بالمقام! شيء يشبه قانون المرور الجديد الذي يطبق شعار أضربه على الجيب يستجيب، ومن يدري لعلّه مع غلاء الأسعار والطلب الشديد على المال لحد التلهف يأتي بنتائج تفرح القلب وتسعد الطريق فنخرج من الضيق، ويصبح خير صديق وخير من الكتاب حتى وإن مدحه الشعراء، فقتلهم جوعا أو هاموا على وجوههم إلا من المتزلفين ممن يحطون على الموائد وحول كل طاولة يدورون! فما الذي يمنع السلطة لو كانت فعلا جادة في القضاء على المفسدين والسراقين في أن تعلق أحدهم في ساحة الشهداء لكي يراه الناس فيصبح عبرة ويبلغ منهم حاضرهم غائبهم بأن هذا جزاء كل من تسول له نفسه سرقة المال العام؟ ثمة عدد كبير من قضايا الإرهاب التي فصل فيها القضاء بالحكم بالإعدام.... في حق أمراء اتضح بأنهم قطعوا الرقاب والأرزاق معا... ومع ذلك لم ينفذ حكم واحد في أحدهم... وهذا الأمر قد نجد تفسيره ليس فقط في كون السلطة رؤوفة بأبنائها كما تزعم، وإنما لكونها لاتريد أن تكشف عورتها مرّة واحدة على سبيل إيهام الغير بأنها إذا كانت متساهلة مع من يقتل، فكيف لاتتساهل مع من يسلب؟ طريق مضمون المضحك في قانون مكافحة الرشوة الذي رضع منه اللصوص مدّة أربع سنوات كاملة أنه يستثني الزوجة من ملاحقتها، إن ثبت بأن زوجها مارس اللصوصية! فلايجوز بموجب القانون الذي وضعه ''حاميها حراميها'' مصادرة الأملاك إن كتبت بأسمها. في حين يمكن مصادرة الأملاك المنهوبة إن هي سجلت باسم الأولاد وعلى هذا يمكننا أن نفهم ما الذي جعل القاضي مثلا يقتنع في قضية عاشور عبد الرحمان صاحب مستوى ''التروازيام''، ومع ذلك فهو إطار كبير في البنك الوطني، بأن الأربعة ملايير الموجودة في رصيده هبة من والده العزيز! وبين قوسين هذا السارق الذي هرب للمغرب قبل أن تعيده العدالة بعد طلب يده، نفذ عمليات سطو منظمة ضد بنك عمي موح، لاتقل غرابة عما فعله صاحبنا الخليفة، ومن قبله صاحب بنك ''البسيا'' الصناعي التجاري، والقائمة طويلة من اللصوص الكبار والصغار ممن جاء ذكرهم في الأخبار وممن لم يأت بعد أي في قائمة الانتظار، وممن يراد لهم أن يختفوا عن الأنظار. فماذا لو أن مدير سونطراك مزيان الزين أحمر العين كتب ماسرقه باسم زوجته المصون، وفعل ذلك الخليفة المؤمن (بالدورو) وصاحب البسيا؟! لو فعل هؤلاء لنجى الكلب على الأقل وضاع فقط الحبل ''الشريط''، فماذا هم فاعلون بواحد مثل مزيان إن لزم الحبس عشرة أعوام...؟ لاشيء، سينسون بمرور الأيام أن مزيان كان مديرا عاما (وخاصا) للبقرة الحلوب سوناطراك المهددة بالفرز بسبب جفاف ما تحت الأرض.... مثلما هو مهدد مافوقها وسيذكرون فقط بأنه كان متزوجا وأن زوجته العزيزة حمت جهده المبذول (في تحريك اليدين) فصانت ماله ورعته ونمّته في غيابه.... وسيأكل منه إلى أن يزول ويصبح واحدا من سراق تحت الأرض الأموات بعد أن كان واحدا من الأحياء فوقها! كل هذا بالطبع أخذه ''المشركون'' من طينة ''أنهب ولاتهب'' وخض الحروب في الجيوب ولا تخف! فأصدروا لنا مثل هذا الاستثناء! وبالطبع، فإن الذين لاتعرفهم ممن طبقوا القانون كما ورد وحولوا المال المسروق إلى المضمون بالمئات، إن لم نقل بالآلاف... وقد يشكل مجموع ماحول ميزانية ولاية الجزائر وحدها بالنظر إلى كون شركة وقباضة بريد وبنك فيها مائة سرقة! فإن لم تكن مائة فحفرة أو فلتة أو بركة مال مفقود! والمشكلة أن المال المسروق لن يعود أبدا لأصحابه، أي الحكومة التي تنوب عنا بالقوة في تسيير مالنا بشتى الوسائل من التزوير المكشوف وحتى إقرار حالة طوارئ دائمة تحفظ حقوق السراقين والفاشلين و ''الحرامية'' ولهذا تحمس ''البلطاجية'' لكي يقيموا في كل دشرة ودوار زردة كروية في خاطر سعدان، بدعوى أنه رفع معنوياتنا، وأزاح عنا الوهن والأحزان! فقد تكون هذه الحكومة أدخلته ضمن سياسة الخوصصة، خاصة أنها منذ أن سمعت بأن كل شيء للبيع، صار الواحد يخشى على نفسه من أن يقاد حتى للمسلخ لكي يبيت ليلة هناك (باطل) ويعد للذبح! فالخوصصة في حالة دولة رعيان كحالتنا نحن، أحسن واحد في أيام الإستقلال كان يمشي بكلاكيت... لايمكنها إلا أن تمر من باب دعه يلحس من العسل الذي يعمل فيه، فرب لحسة مع لحسة مع ثالثة شكلت جداول والجداول شكلت وديانا والوديان أصبحت أنهار، ثم أصبح بعد ذلك الحساب بالمليار والدولار، وولت أيام الرعي بالماعز والأبقار! وعلى هذا يمكن الجزم بأن المرأة عندنا مكرمة أكثر مما هي مكرمة عند غيرنا، فهي حافظة السر والمال المحول الذي نقلها إلى ربة أعمال، ولو كانت جاهلة... فلايهم إذا كان كذلك الرجال من المسؤولين من طينة ''شدو لايطيح'' والخطر الوحيد الذي يمكن أن يظهر إذا كانت الزوجة غير الخائنة والعفيفة التي تقبل بأن يوضع في حسابها مالا مسروقا، وهي تعلم مصدره أن تكون أجنبية... فهذا قد يسمح بالتطلع إلى ماوراء الحدود بحكم الأجداد أو من باب الفساد... فهناك عدد كبير ممن سرقوا هربوا أيضا أو اختفوا عن الأنظار، أصبح معه القبض على بن لادن المطلوب رقم واحد أمريكيا حيا أو ميتا، أسهل من القبض عليهم ! فمن يعرف مثلا أين يختفى الرأس المدبر لقضية خليفة، محافظ بنك الجزائر السابق عبد الوهاب كيرمان (كي مزيان)! محترمات جدا لاحظوا الإجحاف في قانون استثناء المرأة من متابعة ممتلكاتها المشبوهة... فالمال لكي يكون مضمونا ومصونا بشرط أولا وقبل كل شيء أن يكون السارق متزوجا، أي بمعني لكي يتأكد الواحد من أن المبلغ المسروق سيضمنه إلى الغد، لابد أن تكون له زوجته. أما إذا كانت له أربع زوجات فتلك نعمة وبإمكانه أن يفتح أربعة حسابات ويسجل أربع فيلات وشاحنات! فالغراب من هذا الجانب قد أغلق عليهم قانون السرقة المسمى مكافحة الرشوة الباب! وبالمناسبة ماذا هو فاعل عازب بمال وفير إن حوكم وأودع السجن؟ أما لماذا لم يستثن نفس القانون الأولاد من المتابعة؟ فيبدو حسب منطق السراقين الذين نحتوه لنا باعتباره كوستيم على المقاس ''تاي ''42 أن هؤلاء خافوا أن تشتد الفتنة بين هؤلاء، خاصة أن الواحد فيهم ينجب مثل الأرنب بالعشرة ولايبالي، فإذا هبط عليهم مال وفير مثلما تهبط خبزة على كلب راقد، فإنهم سيتقاتلون وتؤدي إلى فتنة ليست أقل من الفتنة التي عشناها تحت غطاء محاربة الإسلاميين بهدف اقتسام خيرات البلاد فيما بينهم... وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وليهدأ بال الزوجات المحترمات جدا!