لسنا راضين عن كتابة التاريخ ولا تدريسه ولا محتوى التدريس ولا الوثائق التي تم جمعها" أكد الأمين العام للمنظمة الوطنية المجاهدين، سعيد عبادو، أن أول هدف تسعى المنظمة إلى تحقيقه هو سن قانون من طرف المجلس الشعبي الوطني يجرم الاستعمار، يكون السند القانوني والأساسي لمحاكمة مجرمي حرب التحرير الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في حق الشعب الجزائري، مضيفا أن المنظمة ستبقى وفية لمبادئ وقيم ثورة نوفمبر قانون تجريم الاستعمار هو السند القانوني والأساسي لمحاكمة مجرمي حرب التحرير ثورة نوفمبر هي كذلك للشعوب المتعطشة للاستقلال لأنها ثورة شعب وليست ثورة جماعة " وهي تدعم مشروع قانون تجريم المستعمر، وتعلق آمالا كبيرة عليه على حد قوله، وقال إنه "إلى حد الآن لم نسمع أي مسؤول في الدولة طالب بإلغاء مشروع قانون تجريم الاستعمار". أما بشأن كتابة التاريخ، فأبدى الوزير الأسبق للمجاهدين، في حوار مطول وصريح ل"الفجر"، عدم رضاه عن كتابة التاريخ ولا تدريسه ولا محتوى التدريس ولا الوثائق التي تم جمعها، كما قال إن موقفه الداعم لمشروع القانون لا يحرجه بصفته عضوا قياديا في حزب سياسي يرفض مساندة القانون، في إشارة إلى حزب التجمع الوطني الديمقراطي. تحتفل الجزائر غدا الإثنين بالذكرى ال56 لاندلاع الثورة التحريرية العظيمة التي كانت وراء استقلال الجزائر، ماذا يمثل تاريخ الفاتح نوفمبر بالنسبة إليكم؟ إن هذا التاريخ غال ومجيد، ويذكرنا بتضحيات الشهداء والمجاهدين الذين قاوموا الاستعمار ودافعوا عن هذا البلد إلى آخر قطرة من دمائهم، وبفضل هذا التاريخ تحررت الجزائر من الاستعمار، ومن واجبنا أن نمجد هذا التاريخ ونتمسك بالمبادئ والقيم التي تضمنها بيان أول نوفمبر 1954. ثورة نوفمبر ثورة عظيمة، ليس للجزائر فقط، وإنما هي كذلك للشعوب المتعطشة للاستقلال، وواجب الأجيال الصاعدة هو أن تبقى وفية للشهداء وللتضحيات التي قدمها الشعب الجزائري، لأن ثورة نوفمبر ليست ثورة جماعة وإنما هي ثورة شعب بأكمله، كانت طليعة من الوطنيين وراء تفجيرها، فهي ثورة شعبية وعمقها في الشعب الجزائري الذي بفضله تمكنا من الانتصار على الاستعمار. وأضيف أن الأهداف التي كانت وراء اندلاع الثورة تحققت، ونغتنم هذه الذكرى لنستمد منها قوتنا من جديد من أجل معركة البناء والتشييد لتحقيق الهدف الثاني المتمثل في بناء دولة ديمقراطية واجتماعية، وهو الهدف الذي نتمنى أن يتحقق بفضل جهود الجميع. معالي الوزير، دأبت الجزائر على أن تحتفل كل سنة بهذه الذكرى من خلال تنظيم تظاهرات رسمية مخلدة، لكنها ترفض بالمقابل القيام بأي مبادرة لتجريم الاستعمار، كيف ذلك؟! مسألة تجريم الاستعمار أمر مفروغ منه، الاستعمار هو طغيان واستغلال واستدمار وإبادة ونهب وتخريب، ولهذا المستعمر هو أصلا مجرم. يبقى المشكل هو متابعة غلاة الاستعمار الذين كانوا وراء التنكيل والتعذيب والإبادة، هؤلاء يجب متابعتهم بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة. من تقصدون بهؤلاء؟ هل يمكن ذكر بعض الأسماء؟ إنني أتحدث عن المسؤولين الفرنسيين الذين كانوا يحكمون الجيوش الفرنسية في الجزائر قبل وإبان الثورة التحريرية، بالإضافة إلى أحفادهم الذي يتبنون اليوم نفس أفكار أجدادهم، كونهم تبنوا نفس الفكر الاستعماري ولا يؤمنون بحرية الشعوب، وهؤلاء يجب الرد على دعاياتهم التي كانوا يروجون لها من خلال محاولة إقناع أنفسهم ومحيطهم بأن فترة الاستعمار كانت فترة حضارية وإنسانية، ومحاولات تمجيده، وبالتالي يتعين علينا محاربة هذه الأفكار على جميع المستويات. هل يمكننا معرفة الطريقة التي يجب أن تحارب بها هذه الأفكار؟ بالكشف عن جرائم المستعمر ورفع الصوت عاليا لسن قوانين لمحاكمة مجرمين مستعمرين، والعمل على تفادي السكوت عن أي استعمار وتحسيس كل شعوب العالم بخطر الاستعمار، وبضرورة حفاظ كل واحد على سيادته، ووضع حد للهيمنة على الشعوب مستقبلا، والعمل على زرع الفكر الوطني بين الأجيال الصاعدة. وهل أنتم راضون عن طريقة كتابة التاريخ؟ هناك مجهودات بذلت، وإذا قارناها بالماضي فهناك تطور، لكن بصفة عامة لسنا راضين عن كتابة التاريخ ولا تدريسه ولا محتوى التدريس ولا الوثائق التي تم جمعها. فإذا أردنا كتابة التاريخ يجب أن تكون مؤسسات من متاحف ومراكز الدراسات والبحث، وأن تتكفل الجامعة بهذا التاريخ مع توفير الأموال والإمكانيات في ميدان البحث، وتخصيص الأموال لمعاهد البحث في التاريخ، كونها لا تقل أهمية عن المواضيع العلمية والتكنولوجية. فالاهتمام بالتاريخ الوطني لا يقل هو الآخر قيمة عن الاهتمام بالتطور التكنولوجي، وهو بمثابة أرضية صلبة لبناء المستقبل والحفاظ على السيادة الوطنية. إذن أين يكمن المشكل حسب رأيكم؟ أولا، توفير الإمكانيات وبناء المؤسسات، حيث لا يعقل أن نطلب من مجاهد وثيقة أو شهادة يجب توثيقها، ونحن لا نملك مكان استقبال أو تخزين الشهادة ووضعها تحت تصرف الباحثين، وانطلاقا من هذا يتعين على الدولة الاهتمام بالأستاذ الباحث في التاريخ وإعطائه الإمكانيات، بالإضافة إلى فتح قناة تلفزيونية وإذاعة وطنية تهتم بمادة تاريخ الثورة، وتنظيم لقاءات وندوات ونقاشات بين المجاهدين والباحثين والطلبة، كفضاء لتسليط الضوء على جميع مراحل ثورة التحرير. تطرقتم منذ قليل إلى موضوع محاكمة مجرمي حرب التحرير وتحدثتم عن مباشرة استشارات قانونية قصد رفع دعوى قضائية ضد هؤلاء السفاحين أمام المحكمة الدولية، إلى أين وصلت هذه الاستشارات؟ إن أول هدف تسعى المنظمة الوطنية للمجاهدين إلى تحقيقه هو سن قانون من طرف المجلس الشعبي الوطني يجرم الاستعمار، يكون السند القانوني والأساسي لمحاكمة مجرمي حرب التحرير الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في حق الشعب الجزائري. وعند سن هذا القانون يمكن رفع دعاوى قضائية ضد المستعمرين والمحتلين، وهذا هو الطريق الذي يجب اتباعه وهو من حقنا. ونحن ما نزال في استشارة مستمرة مع قانونيين وأساتذة وباحثين ومؤرخين وحتى بعض النواب في البرلمان. بذكركم للبرلمان، فإن هذا الأخير رفض برمجة جلسة علنية لمناقشة مشروع تجريم الاستعمار، وقدم رئيس هذه الهيئة التشريعية ذرائع سياسية ودبلوماسية وقانونية، فما رأيكم؟ في هذا المقام أكتفي بالقول إن منظمة المجاهدين تدعم النواب الذين قدموا مشروع قانون تجريم الاستعمار، وسنقف إلى جانبهم من أجل تمرير هذا الاقتراح وقبول برمجته في جلسة علنية والمصادقة عليه. هذا يعني أنكم ماضون في هذا المسعى؟ هذا أمر مفروغ منه، وهو موقف ثابت ولا نقاش أو جدال بشأنه، كوننا نعرف الاستعمار ولا نرضاه لأي شعب من الشعوب بما في ذلك أعداؤنا، وخير دليل على ما أقوله أن النازية عندما استعمرت فرنسا رفضت الحركة الوطنية بقيادة مصالي الحاج هذا الاستعمار انطلاقا من مبادئنا، رغم محاولة النازية الاهتمام أكثر بمشكلة الجزائريين ووعدها بالميل إلى كفتنا. تنوي بعض المنظمات والجمعيات الوطنية الإعلان عن تأسيس لجنة التنسيق من أجل المصادقة على مشروع قانون تجريم الاستعمار واقترحتكم كشخصية وطنية للإشراف عليها، هل تمت استشارتكم وهل تقبلون بمثل هذا المنصب؟ إننا نبارك نشاط كل المنظمات والجمعيات التي تدعم مشروع قانون تجريم الاستعمار ونقوم بالتنسيق معها، ونرتاح عندما نرى المجتمع المدني يتحرك في هذا الاتجاه، رغم أننا على دراية بأن المستعمر مجرم، وسنسعى من أجل سن قانون وإيجاد الطريقة القانونية لمحاكمة المجرمين وإصدار أحكام وجعلهم يعترفون ويعتذرون ويعوضون كل الضحايا، ومنه وضع حد للاستعمار في العالم. ألا يحرجكم موقفكم المدافع عن مشروع تجريم المستعمر وأنتم قيادي في حزب سياسي يرفض مساندة هذا القانون؟ هذا الموقف لا يحرجني بتاتا، فأنا أنتمي لفئة المجاهدين وأنا الأمين العام لمنظمة المجاهدين، هؤلاء الذين حاربوا الاستعمار وانتصروا عليه وهم اليوم يدافعون عن المبادئ والقيم التي حاربوا من أجلها، وسنبقى في المنظمة ندين ونجرم الاستعمار، وسيكون موقفنا هكذا كونه لا يمكن أن يكون مخالفا له. في نظركم معالي الوزير، ما هو السبب الذي يدفع بالمسؤولين السياسيين إلى رفض مشروع قانون تجريم المستعمر؟ إلى حد الآن أرفض القول إن البرلمان رفض مشروع قانون تجريم المستعمر أو قام بإلغائه، وأفضل القول إن البرلمان أو المسؤولين السياسيين لهم نظرة مغايرة، ربما لاعتبارات نجهلها، وبالتالي هناك اختلاف في الظروف والتوقيت الزمني، لكن لحد الآن لم نسمع أي مسؤول في الدولة طالب بإلغاء مشروع قانون تجريم الاستعمار. وبالنسبة إلينا، هذا المشروع كان بمثابة رد على قانون 23 فيفري 2005، الذي نعتبره قانونا استفزازيا ولا يحتمل، فكان من واجبنا الرد عليه بقوة، فانزعج الفرنسيون من هذا المشروع واهتزوا أكثر من أي وقت مضى، وها هم اليوم يهللون ويطالبون بعدم تمرير القانون. نعود إلى الأمور التنظيمية للمنظمة، هل بدأ التحضير للمؤتمر الحادي عشر لمنظمة المجاهدين؟ الدورة الرابعة للمجلس الوطني للمنظمة أقرت أن المؤتمر الحادي عشر سيعقد شهر نوفمبر من سنة 2011، وقد تم إنشاء لجنة تحضير للمؤتمر وسيتم الشروع في هذه العملية مباشرة بعد تنصيبها. وماذا عن تطبيقات قانون المجاهد والشهيد؟ صدرت بعض المراسيم التنفيذية وهو في طريقه إلى التنفيذ، والرئيس بوتفليقة أعطى تعليمات صارمة في هذا السياق بغية تطبيقه، من أجل تحسين وضعية المجاهدين وذوي الحقوق في مجال المنح والعلاوات ومعاشات التقاعد. وأهم مشكل يبقى يشغل بال المجاهدين وذوي الحقوق هو الرعاية الصحية، رغم تكفل المستشفيات العسكرية والمدنية بهذه الفئة، إلا أن هذا غير كاف، والمجاهدون بحاجة إلى عناية أكثر من خلال عقد اتفاقيات مع مؤسسات استشفائية خاصة، بالإضافة إلى قضية السكن التي يجب أن تحظى باهتمام السلطات العمومية كون العديد منهم يعاني في صمت. لا أفوت هذه الفرصة معكم سيدي الأمين العام دون الحديث عن علاقتكم بالجمعيات التاريخية والثورية؟ هناك تنسيق دائم ومستمر ما دام الواجب يفرض علينا التنسيق معها، كون الجميع يناضل من أجل هدف واحد، وهو الاهتمام بالمجاهدين وذوي الحقوق وحمايتهم والتكفل بهم والاستماع إلى انشغالاتهم، بالإضافة إلى الأهداف الأساسية المتمثلة في كتابة التاريخ والدفاع عن مبادئ وقيم ثورة نوفمبر وتخليد أرواح الشهداء.