أكد خبراء السوق الاقتصادية الدولية على هامش ملتقى "الحوكمة الاستشارية" المنعقد بدبي، أن عمليات تبييض الأموال تمر عبر تجارة غير قانونية تتحول إلى إيداعات مالية بنكية، يستثمرها أصحاب الأقطاب العالمية "مثلث الاحتيال المالي" في مشاريع قانونية عابرة للحدود عملية التبييض تمر عبر المخدرات، التهريب، الدعارة، تجارة البشر، العقارات والسلاح تحت ضغوط اقتصادية وتبريرات تنموية يمارسها هؤلاء على الدول النامية خصوصا، منها الجزائر التي تعاني من ضعف النظام المصرفي، وضعف تعاملاتها الخارجية في هذا المجال. أطلق الخبراء تسمية أقطاب "مثلث الاحتيال المالي" على الفئة التجارية، التي تتعامل بصيغ خارجة عن القانون، من مظاهر تمثل المخدرات، الدعارة، تجارة البشر والأعضاء الجسدية، وتهريب الأسلحة والتلاعبات في سوق العقار والمؤسسات المالية، منها ما هو متفشي في الجزائر. وبالنظر إلى ضعف النظام المصرفي المحلي، فإن الجزائر تتكبّد خسائر سنوية "ضخمة" من عمليات تبييض وغسيل الأموال، في جرائم مالية تقوم بها فئات "المافيا" في شكل "تمويه" قانوني فيما بعد، وذلك بعد سحب الإيداعات المالية التي يجنيها هؤلاء من تجارتهم غير الشرعية من البنوك، واستثمارها في مشاريع مختلفة، ترتكز على السيولة النقدية لملء شركاتهم التي يستحدثونها بأموال تجارتهم السابقة. فيما يمضي هؤلاء في شراء واقتناء أسهم البنوك والمؤسسات المالية، وأسهم الشركات المنتجة والمصدرة والمستوردة، لا سيما منها المهددة بالإفلاس، والمشاركة في مناقصات دولية لإنجاز مشاريع مخططات الدول النامية، منها الجزائر، التي تخضع للضغوط الاقتصادية الدولية، لفقدانها لمؤشرات التنمية الصناعية، والتي تتهافت عليها الشركات العابرة للحدود للاستحواذ على حصص سوقية وإنجاز مخططات الدولة، وتقدم تبريرات كثيرا ما تكون فيها مغالطات حسابية ومبنية على أسس غير أخلاقية، ونتائج هذه الاستثمارات تظهر في تلاعبات الشركات الأجنبية، وتسجيل عمليات تبييض للأموال، وتهريب العملة الصعبة إلى الخارج من الأورو والدولار، تعرقل مسار التنمية المحلية بالجزائر، وتعرض المشاريع للتوقف وإعادة تقييم، وبالتالي ضخ ملايير أخرى لإنجازها، وتدخل في تلاعبات "مافيا" التجارة غير الشرعية أقطاب دولية وأخرى محلية، وهي شركات تتعامل في نسق موحد، تستهدف الأموال بمختلف الوسائل. تجارة غسيل الأموال تُشكل 5 بالمائة من الناتج المحلي عالميا قال الشريك والمدير الإداري لشركة "ايلايد كومبلاينس" للاستشارات الدولية، حسام عبد الرحمن، على هامش منتدى دبي المُختتم أمس، يصل حجم الأموال التي يتم غسلها بين 1.5 و3 مليار دولار سنويا في العالم، ما يشكل 5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، تتصدر أسواق العالم في هذا المجال، إذ يشهد اقتصادها غسل ما بين 500 و600 مليار دولار، تليها بريطانيا في المركز الثاني، ولم يذكر حسام، الجزائر ودول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، مكتفيا بقوله "لا تتوفر في هذه الدول إحصاءات دقيقة عن عمليات تبييض الأموال"، ولفت إلى أن -بحسب الدراسات التي أجريت في عدة مناطق-، 20 بالمائة من العاملين في الشركات لديهم مستوى عال من الأخلاق يمنعهم من الإقبال على مثل هذه التصرفات، و20 بالمئة لهم قيمة أخلاقية متدنية، ولا شعور لديهم بالانتماء المهني، في حين أن الغالبية التي تشكل 60 بالمئة تتصرف حسب الظروف، وهي الفئة التي تتأرجح وتتصرف في المنطقة "الرمادية" خصوصا خلال الأزمات المالية العالمية، وذلك ما يجب أن تحذر منه الجزائر ودول المشرق العربي، لا سيما بالنسبة للشركات الأجنبية المستثمرة عبر أقاليمها. وأردف حسام يقول "إن الرقابة على عمليات غسل الأموال والاحتيال كانت ضعيفة، وتم التركيز عليها بشكل كبير فقط بعد أحداث 11 سبتمبر 2001". الجرائم المالية الإلكترونية تمس بسمعة البنك المركزي وأضاف حسام بشأن التقارير الدولية، في تصريحاته لإحدى الصحف الإماراتية، أن عدد القضايا العالمية لعمليات غسل الأموال المشبوهة قد ارتفعت من 1170 عام 2008 إلى 1729 في أواخر 2009، وهي دلالة واضحة على تنامي قوة أقطاب "مثلث الاحتيال المالي" دوليا، وهو تهديد صريح للجزائر، رغم تحركات الحكومة وإقرارها لسلسة من الإجراءات الحمائية للاقتصاد الوطني ضمن قانون المالية التكميلي لسنتي 2009 و2010، بوضع شروط جديدة فيما يخص تعاملاتها مع المستثمرين الأجانب وتقويض نشاط مهربي العملة الصعبة المحليين والأجانب، إلا أن قوة أقطاب "مثلث الاحتيال المالي" تتحرك بمختلف الأشكال والصيغ وتتلاعب بالقانون، وتتدخل في عمليات الاستشارات الدولية بشكل كبير، لتغليط الرأي العام الدولي بخصوص مصدر أموالها وشركاتها الاستثمارية أو التجارية وحتى الخدماتية. وذكر حسام أن "الجرائم المالية الإلكترونية" تؤثر سلبا في الشركات والمؤسسات المالية والبنوك، لذلك يجب اتباع جميع الإجراءات والقوانين التي تحد من مثل هذه الجرائم التي تلحق الضرر بسمعتها وسمعة البنك المركزي بصفة خاصة.