تواصل الرباط نفث سمومها على الجزائر، في كل مناسبة أو دون مناسبة، وكان الدور هذه المرة لملكها محمد السادس، الذي راح يدعو المجموعة الدولية إلى تحمل مسؤوليتها بوضع حد لتمادي الجزائر، التي تقوم بخرق المواثيق الدولية الإنسانية، حسب رؤيته الضيقة للأمور، وليس كونها بلدا يرفض الاستعمار ويدافع عن قضية عادلة تتمثل في استقلال الصحراء الغربية كما يحاول محمد السادس، على عكس الواقع، اتهام الجزائر برفض السماح للمفوضية العليا للاجئين بإحصاء سكان المخيمات وحمايتهم، إلى درجة أن وصل الحد بالعاهل المغربي أن زعم أن “بلاده لن تتخلى عن رعاياها الذين وصفهم بالأوفياء بمخيمات تندوف”، في محاولة أخرى لمغالطة الرأي العام الدولي، الذي يدرك جيدا الوضع، بما فيه المؤسسات الأممية والقارية، متناسيا كل الاعتداءات والاعتقالات التي يتعرض لها الصحراويون في الأراضي المحتلة. ولم يفوت الملك المغربي فرصة ما يسمى “المسيرة الخضراء”، كما يقول نقول نظام المخزن، رغم أنها حمراء دموية وقاتمة استولت على حقوق شعب كامل، لا لشيء إلا لأنه مستضعف، ليفتح النار على الجزائر، ليحملها المسؤولية مرة أخرى في قضية الصحراء الغربية، حيث اتهمها بمحاولة النيل من الوحدة الترابية للمغرب لأنها تدافع في جميع المحافل الدولية عن “ضرورة التخلص من الاستعمار في جميع أنحاء العالم مهما كان شكل المستعمر”. وحاول العاهل المغربي أن يقنع المجموعة الدولية بانتهاج المغرب “سياسة جديدة مبنية على الديمقراطية والانفتاح”، حيث قال إن الوضع “لا يجب أن يستمر على هذا الحال”. وجاء رد فعل العاهل المغربي يوما واحدا قبل بداية المفاوضات بين طرفي النزاع المغرب والصحراء الغربية في منهاست، حيث سعى محمد السادس من خلال خطابه، الذي يشبه خطاب السنة الماضية، والذي ورد فيه اسم “الجزائر” مرة واحدة إلى “التأكيد على بقاء الصحراء تحت الوصاية المغربية”، وهي إشارة ضمنية إلى رفضه بطريقة مباشرة كل جهود تسوية القضية الصحراوية أو عدم اعتراف مسبق بنتائج تلك المفاوضات، رغم أنها تجري تحت وصاية الأممالمتحدة، ليعطي بذلك الصورة الحقيقية عن البلد الذي يحترم القوانين الدولية. وبالنسبة للمتتبعين للملف الصحراوي فإن “مثل هذه المواقف الصادرة عن الجانب المغربي لم تعد جديدة على الجزائر، حيث أصبح المغرب لا يفوت أية فرصة خلال المحافل الدولية لبث سمومه نحو الجزائر باتهامها بالوقوف وراء مشكل الصحراء الغربية، ومغالطة جميع الدول المساندة لهذه القضية التي كسبت الكثير من التعاطف مع مختلف الشعوب المتعطشة للاستقلال” إلى درجة أن “رفض الجزائر فتح الحدود المغرب جعلت منه قضية وطنية، رغم أن الملك الراحل الحسن الثاني كان هو من أقر غلق الحدود دون استشارة الجزائر”.