في وقاحة أخرى جديدة، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد الملك المغربي محمد السادس السيطرة على نفسه، ولم يستطع أن يكون دبلوماسيا كما جرت عليه العادة في الأعراف الدبلوماسية وطريقة كيل الاتهامات، وانتقائها لتتلاءم مع شخصية ملك، فقد تحامل الملك على الجزائر مرة أخرى، متهما إياها اتهاما أقل ما يقال عنه إنه قديم متجدد بالتعرض للاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف. ففي خرجة استعراضية ومحاولة للبحث عن ثغرة للتنفس بعدما صارت فضائح ما يتعرض له الشعب الصحراوي على ارضه من امتهان واستعمار من نظام المخزن، تفوح عبر العالم كله، ففي خطباه بمناسبة ما يسمى ب "المسيرة الخضراء" التي ورثها عن والده الراحل الحسن الثاني، دعا جارنا الملك المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى تحمل مسؤولياتها بوضع حد لما أسماه "تمادي الجزائر" في خرق المواثيق الدولية والإنسانية، وهو أمر غريب فعلا حين يستنجد "الجلاد" بهيئات حقوقية انسانية من أجل حماية لاجئين هربوا من بطش نظامه الاستعماري. ففي الوقت الذي كان فيه الملك يدعو المجتمع الدولي لوقف الجزائر عما يقول إنه انتهاك لحقوق الصحراويين، كانت حكومة جلالته تعتقل أكثر من ثمان حقوقيين صحراويين، من بينهم نساء، لأنهم طالبوا باستقلال بلادهم. وماذا يقول الملك لهيئات حقوق الإنسان عن الآلاف الصحراويين من المعتقلين في سجونه ومعتقلاته السرية الذين يرفضون الأمر الواقع؟ إن هذه الخرجة التي لا يمكن سوى أن نسميها ب "الوقحة" من الملك محمد السادس الذي فقد أوراقه كله في قضيته الخاسرة، وهذا ما يدل على إفلاس حقيقي في القصر الملكي بعدما لم تعد كل الخطط التي تبناها القصر، والتي وضعها مستشاروه، تجد حلا أو نفعا مع إصرار الشعب الصحراوي على استقلاله ونيل حريته، ووقوف المجتمع الدولي من قضية الشعب الصحراوي. وفي مقابل هذا الاتهام الباطل والذي يراد منه التضليل ومحاولة يائسة لتحقيق بعض النقاط، تقف القيادة في الجزائر موقفا حكيما بعدم الخوض في الاتهامات، أو محاولة توتير العلاقات التي هي متوترة أصلا بسبب التعنت المغربي. ففي كل خرجة يخرج فيها الملك عن صوابه، يواجه دعوات منطقية من الجزائر ومن غير الجزائر بضرورة التفتح أكثر والخروج من فكرة الاستعمار والأوهام التي آمن بها المغرب وصدقها. ففي الوقت الذي تغيرت فيه خرائط العالم كلها، وتحوّلت أفكار وتحررت شعوب، لا يزال المغرب مصرا على نظرة قاصرة من خلال إصراره على إخضاع شعب بكامله لطموحات الجنون والعظمة، والتوسع على حساب شعب له تاريخه في الكفاح، اعترف العالم بأسره بحقه في الاستقلال والكرامة والحرية. لذا، فما على محمد السادس إلا أن يعود إلى المنطق ويخرج من هذا المأزق خروج الشرفاء من أجل بناء مغاربي كامل متكامل بعيدا عن النظرة الأنانية والاتهامات للأشقاء والتي لم يعد طائلا منها. وصفته ب "العدواني والخطير" الحكومة الصحراوية تندد بخطاب محمد السادس وتذكّر هيئة الأمم بمسؤولياتها البت حكومة الجهورية العربية الصحراوية الديمقراطية مجلس الأمن الدولي والأممالمتحدة، بالإسراع في فرض عقوبات على المغرب حتى يقبل بالتطبيق الكامل لمقتضيات الشرعية الدولية في الصحراء الغربية، حسب ما أفاد به أمس بيان لوزارة الإعلام الصحراوية. وبحسب البيان الرسمي، فقد دعت الحكومة الصحراوية مجلس الأمن الدولي والأممالمتحدة "إلى الإسراع في اتخاذ الخطوات اللازمة، بما في ذلك فرض العقوبات الضرورية على المملكة المغربية حتى تقبل بالتطبيق الكامل لمقتضيات الشرعية الدولية لاستكمال تصفية الاستعمار في إفريقيا". وأضاف البيان الذي صدر في أعقاب خطاب ملك المغرب بعد مرور 35 سنة على اجتياح بلاده للأراضي الصحراوية، أن حكومة الجمهورية الصحراوية تلفت انتباه الأممالمتحدة إلى "خطورة" ما انطوى عليه خطاب ملك المغرب من "عدوانية تهدد الأمن والاستقرار وجهود المجتمع الدولي لإحلال السلام العادل والدائم في المنطقة". إلا أن هذا الخطاب "يغلق الباب أمام جهود الحل قبل يوم واحد من انطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين طرفي النزاع جبهة البوليساريو والمملكة المغربية في منهاست بالولايات المتحدةالأمريكية لكونه يتجاهل الشرعية الدولية ويصر على محاولة فرض الأمر الواقع الاستعماري المغربي في الصحراء الغربية". وأضاف البيان "أن الخطاب جاء مشحونا بنبرة الحرب ولغة التهديد والوعيد، سواء ضد الجيش الصحراوي في الأراضي الصحراوية المحررة، أو ضد المواطنين الصحراويين في الأراضي الصحراوية المحتلة، أو ضد الجزائر التي تحتضن اللاجئين الصحراويين الناجين من بطش القوات الملكية المغربية التي سعت لإبادتهم بالنابالم والفوسفور الأبيض سنة 1975". وبعد أن نبهت إلى "تزايد خطورة الوضعية التي يمر بها آلاف الصحراويين المقيمين في مخيم النازحين في العراء بمنطقة أقديم إيزيك شرقي مدينة العيونالمحتلة"، أشارت الحكومة الصحراوية إلى أن ملك المغرب "آثر في خطابه تجاهل الأوضاع المزرية للنازحين ومطالبهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المشروعة، بل عمد إلى تهديدهم".