شن العاهل المغربي الملك محمد السادس هجوما حادا على الجزائر، في خطاب له عشية أول أمس حاول فيه تأليب الرأي العام الدولي ضد الشرعية الدولية القاضية بتقرير مصير الشعب الصحراوي، ساعيا إلى وضع الجزائر موضع المتهم بما وصفه ''تماديها في خرق المواثيق الدولية الإنسانية في تعاملها مع لاجئي تندوف''. في خطاب مطول ألقاه بمناسبة مرور ما تسميه الرباط الذكرى ال35 على ''المسيرة الخضراء'' التي قام بها والده الحسن الثاني سنة 1975، لم يجد محمد السادس سبيلا إلى تبرير عزلة موقف بلاده الشاذ دوليا حيال القضية الصحراوية سوى تحويل الجزائر إلى خصم رئيسي، زعم أنها تحاول ''النيل'' من وحدته الترابية بدعمها جبهة البوليساريو و''افتعال'' قضية الصحراء الغربية. وذهب ملك المغرب إلى حد الاستنجاد بالمجتمع الدولي قصد الضغط على الجزائر زاعما خرقها المواثيق الدولية الإنسانية، ومتهما إياها بتعذيب صحراويين في مخيمات تندوف، وحاول تقديم صورة مأساوية عن الوضع الإنساني في المخيمات لتوريط الجزائر مع المجتمع الدولي وهيئة الأممالمتحدة بالأخص. حيث قال ''لقد دقت ساعة الحقيقة لتكشف للمجتمع الدولي ما يتعرض له أبناؤنا في مخيمات تندوف من قمع وترهيب وإهانة وتعذيب، وذلك في خرق سافر لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني''. ويأتي خطاب العاهل المغربي المتهجم على الجزائر، قبيل ساعات من بدء الجولة الثالثة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، المنتظرة بداية من اليوم، برعاية الأممالمتحدة في نيويورك، حيث يسعى إلى ضغط بغرض توجيه المفاوضات وفقا لأجندة الرباط. وحمل خطاب محمد السادس في طياته غموض موقف الرباط حيال تصورها للعلاقات مع الجزائر، بين دعوات صريحة ومتوالية من المسؤولين في الرباط إلى فتح الحدود البرية والعودة إلى وضع ما قبل 1994، حين قرر الراحل الحسن الثاني غلقها، وبين هجوم غير مبرر على الجزائر لما يتعلق الأمر بدفاعها عن الشرعية الدولية وتطبيقها في ملف قضية الصحراء الغربية. والواضح أن محمد السادس ناقض نفسه لما اتهم الجزائر بخرقها المواثيق الدولية الإنسانية في مخيمات تندوف التي تحتضن صحراويين يرغبون في تقرير مصيرهم، في الوقت الذي يواصل فيه التنكر للشرعية الدولية القائمة على تصفية الاستعمار. وقدم العاهل المغربي، الجزائر على أنها خصم يرفض الحوار والوئام، ويعرقل بناء المغرب العربي، ويقصد رفضها دعوة الرباط إلى حوار بشأن فتح الحدود البرية، وتشترط الجزائر حوارا شاملا منفتحا على كل القضايا العالقة بين البلدين، بما فيها تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، الأمر الذي لم يستسغه المغرب الذي درج على قلب الطاولة على الجميع كلما ذكرت المسألة الصحراوية. ودافع ملك المغرب عن خيار بلاده بإقامة حكم ذاتي في الصحراء الغربية، دون حتى إشارات عرضية إلى الخيارات المطروحة من الجانب الآخر، لكنه لم يتخلف عن توجيه التهمة للجزائر، على أنها طرف ''معرقل'' للمسار التفاوضي، موجها نداء للأمم المتحدة قصد تحديد'' الطرف المعقل'' للمفاوضات، رغم أنه استبق للقول إنهم ''خصوم الرباط''، في إشارة واضحة وصريحة للجزائر.