تعرف العشرات من الأسواق الشعبية والمذابح البلدية بولايات الجنوب انتشارا فظيعا لبيع اللحوم بطرق غير شرعية باتت تهدد صحة المستهلكين. ويلاحظ أن هذه اللحوم مختلفة الأنواع تعرض للمواطنين في ظروف غير صحية ولا وقائية، حيث ينتشر الذباب والبعوض فوق قطع اللحم، كما يتطاير عليها الغبار السام المنبعث من المزابل المجاورة الذباب والبعوض فوق أجساد اللحوم والمذابح تتحول إلى وكر للأوساخ يحات المواطنين بضرورة التدخل العاجل لوضع حد لهذه الظاهرة السلبية التي تهدد صحتهم، فإن المصالح المكلفة بالمراقبة بعدد من ولايات الجنوب لم تحرك ساكنا. وحسب مصالح المراقبة وقمع الغش ببعض مديريات التجارة في هذه الولايات، فإنها لا تستطيع منع هذه الأنشطة غير الشرعية لكونهم لا يتدخلون إلا لمراقبة محلات الجزّارة القانونية التي يمتلك أصحابها سجلات تجارية، في حين أن أيديهم مكتوفة لمنع اللحوم غير المراقبة في الأسواق، معتبرين هذه المهمة من مسؤولية مصالح الصحة بالبلديات ومصالح حفظ النظام من شرطة ودرك بوصف تلك الأنشطة غير الشرعية. وقد فاقم من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة السلبية المطلقة لجمعيات حماية المستهلك في هذه المناطق، والتي تحولت إلى أبواق لا همّ لها إلا تبرير كل الإنحرافات التجارية في الأسواق دون أن تبادر إلى إعلان الحرب بإرسال تقاريرها حول ما يجري في هذه الأسواق من تجاوزات. ولتقصي الوضع المذكور، وعيد الأضحى على الأبواب، قامت “الفجر” برصد النقاط المتعلقة بالموضوع، وكشفت عددا من النقاط المهمة المتعلقة على وجه الخصوص بوضعية المذابح الكارثية ببعض البلديات وكذا الذبح المشوّه والفظيع للكباش والبقر، والتي تعرّض صحة المستهلكين للموت إذا لم تتدخل المصالح المختصة لمكافحة الظاهرة. الكلاب المتشردة تتخذ من مذبح الوادي وكرا لها في هذا السياق، يشتكي سكان أحياء بلدية الوادي، لاسيما سكان الجهة الشرقية، من الوضعية المزرية للمذبح البلدي الذي أصبح مصدرا للروائح الكريهة ومرتعا لاستقطاب الكلاب والقطط المتشردة ليلا، حيث أعرب العديد من السكان المجاورين له والكثير من المارة باتجاه منازلهم مرورا بهذا المذبح، أن وضعه بات مقرفا ومقززا، ومن المستحسن - حسبهم - إيجاد حل جذري لهذا المذبح، الذي كشف أحد المطلعين على حالته الآنية أنه لا يراعي المقاييس الصحية والقانونية السارية المفعول، والتي من بينها وجوب ربط المذبح بشبكة الصرف الصحي. كما أكدت المادة 03 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 01 أوت 1984 المتضمن إحداث مفتشيات صحية بيطرية في المذابح و المسمكات ومخازن المنتوجات الحيوانية، على مراقبة نظافة الذبح والسلخ، وكذلك التفتيش الصحي للحيوان قبل الذبح وبعد الذبح. ونظرا لعدم استيعاب إسطبل المذبح الذي لم يعد يلبي الحاجة للكم الهائل من الحيوانات التي تفوق قدرة استيعابه، لم يعد صالحا لهذه المهمة، حسب أحد المختصين.. فصغر الإسطبل يقلص من فرص التفتيش الصحي للحيوان قبل الذبح، وهو ما يخالف نص القانون. وأفادت بعض المصادر أن هناك مشروعا لنقل المذبح إلى إحدى أطراف المدينة بعيدا عن السكان. مذبح ڤمار صورة شاهدة على فظاعة الإستهتار بصحة المستهلكين عند وقوفنا على وضعية المذبح البلدي لبلدية ڤمار، اتضح لنا جليا مدى فظاعة الجرم المرتكب في حق المستهلكين بولاية الوادي، فرغم كون المذبح البلدي لڤمار من أقدم المذابح عبر الولاية فهو يفتقر لأدنى شروط النظافة، ما حوّله إلى هاجس حقيقي بات يقلق السكان جراء انتشار الأوساخ والروائح الكريهة لفضلات الذبح، التي نتجت عنها جيوش من الذباب والحشرات الضارة.. يحدث هذا دون تحرك فعلي للسلطات رغم المراسلات العديدة من المواطنين. ويقع المذبح البلدي في الجهة الشمالية الشرقية من مقر بلدية ڤمار، إذ تم إنشاؤه في فترة الثمانينيات بمكان معزول عن السكان، لكن بمرور السنين والتوسع العمراني أصبح هذا المذبح جار للعديد من السكان، الذين تحولت حياتهم إلى جحيم خاصة في فصل الصيف. ولعل أول ما يشدّ انتباهك عند الولوج للمذبح الأبواب التي تفتقر إلى قفل فهي تغلق بواسطة سلك حديدي، حيث يكون عرضة لهجوم الحيوانات الضالة التي تجلبها رائحة اللحم. أما عن الأوساخ والفضلات والروائح الكريهة فحدث ولا حرج، فالمذبح عموما عبارة عن قاعة ضيقة بطول 12 مترا وعرض 08 أمتار، وأول ما يقابلك بمجرد الدخول جيوش الذباب في كل مكان.. على الجدران والسقف والأرضية، خاصة على اللحوم المعلقة على قضبان حديدية أكلها الصدأ، مع خزانات المياه الحديدية التي توضع بها المياه التي تجلبها شاحنة البلدية لاستعمالها في الذبح والغسل، أكلها الصدأ هي الأخرى بفعل الرطوبة الزائدة الموجودة بالمكان، خاصة أن المذبح ينعدم للمياه.. لولا تدخل مصالح البلدية التي تقوم بجلبها يوميا بواسطة الشاحنة. أما السقف عموما فتحول لونه من الأبيض إلى الأسود بفعل أوساخ الملايين من الذباب وكذا الجدران التي مازالت بها بعض الحبات من السيراميك. كما يعرف المذبح انعداما كليا للمراحيض والحمام، فالمرحاض الموجود تحوّل إلى غرفة للوازم وملابس الذبّاح العامل، فهي غرفة مظلمة تشبه إلى حد كبير زنزانة في إحدى السجون وتحوي مختلف الحشرات الزاحفة. أما غرفة البيطري فهي أنظف مكان تقريبا بهذا المذبح، فبابها في الجهة الأخرى مغلق طول النهار تقريبا، لكن البيطري جهزه على حسابه الخاص. 5000 لتر من المياه العفنة والفضلات تصب بالقرب من النسيج العمراني لعل الكارثة التي باتت تهدد حياة السكان الذين تقدموا بعديد المراسلات إلى المصالح المعنية دون تحرك فعلي، متمثلة في المياه المستعملة بعد عملية الذبح والغسل وغيرها، فهي تخرج عبر أنبوب كبير إلى خارج المذبح لتصب وسط “غوط” محاذي للمذبح وسط العراء مباشرة، حيث يصب هذا المجرى يوميا من 1000 إلى 5000 لتر من المياه الزائدة، ومختلف أنواع فضلات الذبائح من أمعاء وغيرها تنبعث منها روائح كريهة لا تطاق.. فنحن بهذا المكان لم نستطع الوقوف أكثر من 05 دقائق، فما بالك بالسكان الذين يعيشون وسط هذه الكارثة الإيكولوجية. فبعد انسداد مجاري المذبح الموجودة بالداخل وامتلائها، تم الإستغناء عنها بواسطة ردمها كحل ترقيعي، اهتدت إليه مصالح البلدية في العهدة الماضية. بلدية ڤمار تعد بإنجاز مذبح عصري قريبا بلدية ڤمار، حسب تصريح نائبها الأول، أوضحت أنه تم تنظيف المذبح عدة مرات. كما تعهد “المكّاس” أيضا بإعادة تهيئته وتنظيفه وإعادة دهنه، مؤكدا أنه مازال يفتقر لعديد النقائص، مضيفا أن دائرة ڤمار استفادت خلال سنة 2007 من مذبح وسوق مغطى، وبما أن بلدية ڤمار مقر الدائرة فإن السوق انتهت مشكلته - حسبه - بعد منح الأروقة القديمة لمقاول لتحويلها إلى سوق مغطى. أما المذبح، فيضيف ذات المتحدث، فتم اختيار الأرضية المناسبة له في انتظار باقي الإجراءات التي تقوم بها مديرية التجارة المكلفة بمثل هذه المشاريع.. وأمام هذا الوضع، وجد هؤلاء السكان أنفسهم متخوفون من ظهور بعض الأمراض الخطيرة في أضاحي العيد التي قد تهدد حياتهم وحياة أبنائهم، وتحول فرحة العيد إلى حزن كبير. وناشد هؤلاء وزارة التجارة بحل وقائي استعجالي لهذه الوضعيات الكارثية في المذابح والتي تسوق لحومها في الأسواق الشعبية.