في هذه الدردشة القصيرة التي جمعتنا مع أشهر شعراء مدينة الجسور المعلقة، وكاتب كلمات الأغنية الشهيرة “أنا نحبك يا سارة”، تحدث ابراهيم رخوم ل”الفجر”، عن بعض تيمات طابع أغنية المالوف القسنطيني، وبعض المعاناة التي يجدها هذا النوع من الطبوع الغنائية في ظل تعددها وتنوعها في الجزائر.. الكثير من الفنانين سقطوا لأنهم يغنّون ويلحنون ويكتبون أغانيهم بأنفسهم تكتب كلمات أغاني المالوف، وقدمت العديد من الأغاني في هذا الطابع، حققت شهرة كبيرة على غرار أغنية “أنا نحبك يا سارة”. كيف ترى واقع هذا النوع من الطبوع مقارنة مع الطبوع الأخرى المنتشرة في الجزائر؟ طابع المالوف، للأسف الشديد، لازال محصوراً في منطقته، أو بمعنى أصح في بيئته التي ولد فيها، الشرق الجزائري، وبالتحديد قسنطينة، وفي بعض المرات يتعدى ذلك ليصل إلى مختلف مناطق الوطن، على غرار ما فعلته أغنية “أنا نحبك يا سارة“ التي وصلت إلى أقصى الحدود الجزائرية، وقدمها العديد من المطربين المغاربة والتونسيين. والحقيقة أن رواج أي طابع غنائي عن طابع آخر يرجع في الأساس إلى الإخراج العام للأغنية بعد عملية التلحين والتوزيع الفني لها، لأن كلمات الأغنية لوحدها لا تصنع النجاح الكبير. بالإضافة إلى كل هذا، فإن الوقت الحالي أصبح يعتمد في الكثير من الأحيان على الإيقاع السريع والخفيف، وهذه هي العوامل التي تصنع نجاح أي طابع غنائي عن آخر، وترفع أغنية من بين آلاف الأغاني. بالحديث عن أغنية “أنا نحبك يا سارة”، هل لك أن تحدثنا عن ظروف كتابة هذه الأغنية التي تعد من أشهر الأغاني الجزائرية؟ هذه الأغنية هي ثمرة تعاون بيني وبين مطرب المالوف القسنطيني، عبد الكريم بوعزيز، حيث قمنا معا بتعديل وتهذيب كلمات الأغنية، بما يليق باللحن الذي استمده بوعزيز من التراث المحلي التونسي القريب من التراث القسنطيني، وهي ليست أول أغنية لي في هذا الطابع الغنائي المحلي القسنطيني، فقد سبق لي أن قدمت العديد من الأغاني لبعض المطربين المحليين الشباب، وتلتها بعد ذلك، خاصة بعد الرواج الكبير الذي حققته أغنية “أنا نحبك يا سارة”، تعاونات عديدة مع مختلف المطربين الذين ينتمون إلى منطقة الشرق الجزائري. كما عدت إلى العمل مع المطرب القدير عبد الكريم بوعزيز، وقدمنا بعض الأغاني التي لم تلق ذات الرواج، ولكنها حققت الرواج على الأقل في منطقة الشرق الجزائري. هل لنا أن نعرف هذه الأغاني؟ قدمت معه أغنية “نساء قسنطينة”، “حسنك يا الزين كاوي”، وأغنية “يا ظالمة”، التي أعادها العديد من المطربين الجزائريين. لماذا بقيت أغنية المالوف حبيسة الشرق الجزائري، في الوقت الذي تعدت فيه أغنية الراي التي نشأت في الغرب الجزائري حدود الوطن ووصلت إلى العالمية؟ ربما يرجع السبب إلى بعد تاريخي.. فأغنية الحوزي مثلاً نجدها رائجة أكثر في العاصمة، وبعض الشيء في تلمسان، ونحن في الجزائر لكل منطقة جغرافية طابعها الغنائي الذي تشتهر به، وفنانها الخاص بها. أما فيما يتعلق بأغنية الراي فهي استثناء، لكون أوائل الفنانين الذين قدموا هذا النوع من الطبوع الغنائية كانت لهم فرصة الإحتكاك بالآخرين، كما أن أغلب أغاني الراي كانت تأتي بتوزيع غربي، وهو ما ساعد على رواج هذا النوع من الطبوع الغنائية عندنا دون نوع آخر، دون أن ننسى أن مؤدي طابع الراي هم كثيرون مقارنة بمؤدي طابع الحوزي مثلاً أو المالوف، وهو ما ساعد على عدم خروجه من منطقته الأولى التي نشأ فيها. العديد من كتاب الأغاني قدموا في الفترة الماضية أغاني خاصة بالمنتخب الوطني، هل خضت هذه التجربة في أوج عطاء أبناء الخضرا؟ بالطبع قدمت قبل ملحمة أم درمان الشهيرة، 6 أغاني خاصة بالفريق الوطني الجزائري، بعد المشوار الطيب في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم وكأس الأمم الإفريقية الفارطة، وصدرت كلها في ألبوم في شهر أكتوبر 2009، للشاب سيماك فنان فريق شباب قسنطينة، بعدها تلقيت عرضا من الفنان زين الدين بن عبد الله، شيخ الطريقة العيساوية، حيث قدمت له أغنية عن الفريق الوطني، وكذا الفنان عبد الحكيم بوعزيز، بالإضافة إلى مطربة الحوزي الشابة حسنية، وآخرها أغنية صدرت مطلع السنة الجارية قدمها الشاب السطايفي فوزي لاكلاس، والشاب خلاص، وهي أغاني في مجملها حققت رواجا كبيرا جدا. يشتكي أغلب مطربينا من غياب كتاب كلمات أغاني جديرين بأن يتعاونوا معهم في أعمالهم الفنية، خاصة في ظل رواج كتاب أغاني تجارية. كيف ترى أنت ابن”الكار”، هذه المعضلة؟ والله هذه المشكلة من صنع يد الفنان نفسه، وهو الآن يحصد ما زرعه.. ففي الفترة الأخيرة أصبح أغلب الفنانين يعتمدون على أنفسهم في كتابة وتلحين أغاني ألبوماتهم، مع أن أغلبهم لا يفهم لا في اللحن ولا في الكلمات، وهذا ما دفع بالعديد من كتاب الكلمات إلى العزوف عن منح أغانيهم إلى مطربي الأغاني التجارية، خاصة كتاب الكلمات الجادين. تعاونت مع العديد من الأصوات الفنية المعروفة على الساحة الوطنية، لأي الأصوات الغنائية يرتاح أكثر إبراهيم رخوم؟ لا يوجد مطرب معين، ولكني أرتاح كثيراً مع الفنان القسنطيني عبد الحكيم بوعزيز، فمعه اشتهرت أغانيّ وعرفني الجمهور ككاتب أغاني بعدما عرفني كشاعر، في مختلف المنابر الشعرية الوطنية. بالحديث عن المنابر الأدبية، بين كتابة الأغاني وكتابة الشعر أين يجد رخوم نفسه؟ لكل النمطين نصيبه من وجداني فالموضوع يفرض ذاته على النمط، فالفكرة تولد في ذهني لتصب في قالب سيميائي على الفصيح أو الملحون العامي، وبعدها أفكر إن كنت سأسمح بتحويل هذه القصيدة إلى أغنية أم لا. ما جديدك الفني مستقبلا؟ حاليا أنا أحضر لأغنية رياضية لصالح الداربي القسنطيني بين شباب قسنطينة ومولودية قسنطينة، وستصدر الأغنية قريبا إن شاء الله. وفي مجال الأدب..؟ لازلت أنتظر فرصة طبع ديواني الشعري الأول، بعد محاولات عديدة مع بعض الناشرين، آمل أن يكون حاضراً مطلع السنة القادمة.