لكن السؤال الذي يبقى دائما يتردد عند المصريين وغير المصريين هو: لماذا لا تظهر مثل هذه الحوادث عندما تكون الدولة قوية والأمة المصرية تملأ بمشروعها الوطني القومي الحيز الجغرافي المكاني والحيز الحضاري الجهوي.. وتظهر هذه الظواهر فقط عندما تصبح البلاد بدون مشروع وبدون دور وطني وقومي حيوي ومتجدد؟! نعم الأمم مثل الأجسام عندما تصاب في جهاز مناعتها تستأسد عليها الأمراض حتى البسيطة منها.. وتهددها في كيانها ووجودها. قد يكون ما حدث في الإسكندرية هو عدوان خارجي على مصر الشقيقة.. وأصابع الفاعلين بصماتها واضحة.. لكن هذه هي سنة الحياة.. من لا يظلم الناس يظلم.. فمصر التي أصبحت لا تهدد مصالح أحد أصبحت تضرب في قلبها النابض.. فالسلم الحقيقي يا مصر هو الاستعداد الدائم للحرب.. هكذا قال عقلاء السلم والحرب في الماضي.. وأن تكون مصر موصوفة بالعدوان أفضل لها من أن تكون موصوفة بأنها ضحية سهلة للعدوان! ولا يمكن أن يقتنع أي عامل بأن ما حدث في الإسكندرية هو من فعل القاعدة! فالقاعدة هذه لماذا لا تضرب في إسرائيل؟! ولماذا لا تضرب في من أنشأوا القاعدة أول مرة وتضرب في مصر وفيما يشبه مصر؟! وسواء كان ما حدث.. حدث بسبب تراخٍ أمني أو تواطؤ طائفي ديني فالأمر عدوان موصوف والتراخي الأمني لا يبرر أبدا التعرض لمثل هذا العدوان الموصوف. والرد المناسب على هكذا أفعال هو إعادة النظر جذريا في الصياغة العامة لمفهوم الأمن القومي المصري. فالأمر لا يتعلق فقط بما يسميه "بلهاء" الإعلام المصري ضرب السياحة الوطنية أو إثارة الفتنة الطائفية.. لا.. فالأمر أعمق من هذا بكثير.. إنه يتعلق باستباحة مصر أمنيا.. هذا في مرحلة أولى.. واستباحة العرب بعد ذلك.. ومن يهن يسهل الهوان عليه.