يعتبر الدكتور محمد البلتاجي أحد أبرز وأنشط أعضاء مجلس الشعب المصري عن الإخوان المسلمين المعارضين للنظام حسني مبارك، إلتقته ''الجزائر نيوز'' في أنطاليا التركية وأجرت معه دردشة حول ظروف التحضير لكسر الحصار على غزة من مصر، ومستوى تعامل نظام مبارك مع قضية الحصار، وما إذا كان يحذو حذو عدد من الدول العربية والأوروبية، كما عادت معه إلى العلاقات المصرية الجزائرية ·· أولا، لماذا اقتصر الحضور المصري على متن أسطول الحرية المتوجه إلى غزة لكسر الحصار على عضوين فقط في البرلمان، ومن الإخوان المسلمين تحديدا؟ بادئ ذي بدء، يجب أن نفرق ونميز في مصر بخصوص هذه القضية بين موقفين مختلفين، الموقف الرسمي للنظام والموقف الشعبي، فالرأي العام والشارع المصري داعم لكل الحركات والمبادرات التي تحرر الشعب الفلسطيني من غطرسة الاحتلال الإسرائيلي، وهو داعم ووراء كل حقوق الشعب الفلسطيني، حيث يقف ضد الحصار، ويدعم المقاومة الشعبية بكل ما لديه، ويريد تخليص مقدساته التي هي مقدساتنا جميعا من الاحتلال اليهودي، وإنهاء عدوانه، فالشعب عبر عن رأيه في الشارع عن الحصار وعن إغلاق معبر رفح وعن مسألة هدم الأنفاق بكل وضوح، وعن الجدار العازل، وأؤكد لك أنه لو تمت إتاحة الفرصة للمصريين في مبادرة كهذه لساروا بقوة كبيرة معكم مثلما سمحت سلطات بلادكم بانضمام وفد جزائري إلى وفود دولية أخرى· وفيما يخص الموقف الرسمي، فإن الجدار العازل مثلا لا نعتبره، في حركة الإخوان المسلمين، إجراء وقائيا لحماية الأمن القومي المصري، بل هو حماية للأمن القومي للصهاينة أكثر منه لمصر، ويمس بسمعة مصر، وبذلك تظهر مصر بنظامها السياسي الحالي أقرب إلى الصهاينة من أي جهة في العالم· ألا تعتبرون عدم مشاركة وفد مصري بالنظر للمعطيات السياسية والتاريخية والجغرافية، مؤثر جدا على هدف الأسطول؟ شعبيا، مصر لم تتوقف عن نصرة القضية الفلسطينية يوما واحدا، والرأي العام الدولي شاهد على ذلك، وقد نُظمت في مصر مؤخرا ثلاث حملات من أجل غزة، لكنها اصطدمت بالمعوقات الحكومية التي تقف دائما حجر عثرة أمام هذا الحراك الداخلي القوي الذي تميزه إرادات مغايرة تماما لإرادات النظام المصري، الذي يعرف أن مطلبه هو التغيير، وهو المطلب الذي ترفعه العديد من الأطياف السياسية· تقولون حراكا قويا مختلف ألوانه السياسية، لكنكم لا زلتم بعيدين عن الرهانات الحقيقية، كمشاركتكم في التغيير من خلال ترشيح شخصية إخوانية في استحقاقات كبرى؟ نعم، نقول حراكا قويا لأنه يضم تيارات سياسية قومية وليبيرالية وسياسية وإسلامية ووطنية، وهو حراك من أجل التغيير وإرساء عملية الديمقراطية لنصرة القضايا العربية، لكن يبقى الحراك دوما في مواجهة موقف الاصطدام مع الموقف الرسمي أو أجندة سياسية معينة· أما عن عن مشاركتنا في الإستحقاقات الكبرى، فالإخوان المسلمون حاضرون فيها جميعها في الإنتخابات المهنية القطاعية والاتحادية والمحلية والتشريعية، وفي كل ما يمكن أن يخدم مصلحة الشعب المصري مع نظرائه من الشعوب العربية، وإذا كنتم تلمحون للمشاركة في الإنتخابات الرئاسية، فالإخوان يرون حاليا أن التنافس على رأس السلطة السياسية مغامرة حقيقية بالنظر للمعطيات الدولية والإقليمية، التي لا تساعدنا على النزول إلى هذا الميدان، وخير دليل أمامكم عندما فازت حركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين، حدثت انقسامات في الداخل الفلسطيني، وهذا يمكن أن يحدث في مصر لو تقدمنا إلى الرئاسيات· وهذا ما يجعل البعض يقول أن تنظيم الاخوان في مصر عقد صفقة مع النظام للإبتعاد عن الرئاسة في إطار تقاسم الأدوار، وإلا فأي منطق هذا الذي يجعل حركة بشعبية الإخوان الباحثة عن التغيير لا تشارك بالترشح لهرم السلطة وغرفة التحكم في التغييرات التي هي رئاسة الجمهورية لمجرد توقعات وتخوفات من تكرار سيناريو حماس في فلسطين؟ إذا كان هذا الكلام صحيحا، كيف تفسرون حملة الاعتقالات والمطاردات، التي تتعرض لها كوادر الحركة بدون انقطاع ·· ؟ أعتقد أن المتتبع لتاريخ الحركة وتوجهاتها ومواقفها من القضايا المحلية والدولية، لا يمكن أن يصل إلى مثل هذا التحليل الباطل الذي لا يستند إلى أي حقيقة أو دليل، فمشاركتنا في الرئاسيات مرهونة بإدراج تعديل في النصوص ادستورية وتوفير مناخ ديمقراطي وضمان حرية التعبير والمساحة التي تسع المجتمع المدني، أما الآن فلا يمكن ذلك خاصة بعد الانزعاج الذي أحدثته حماس بوصولها إلى السلطة في التشريعيات الماضية· كيف تقومون بالتنسيق حاليا مع من يتقاسمون أفكاركم ونهجكم عبر العالم في ظل وضعكم ضمن قائمة المغضوب عليهم دوليا؟ ننسق في مثل هذه المناسبات التي تنظم عبر دول العالم وننسج علاقاتنا ونجددها، وننقل عن طريقها مواقفنا ولا نتوقف عن الاتصالات بهذا الشكل ما دامت دائرة التحرك الداخلي في مصر ضيقة وحتى في الخارج أيضا، المهم بالنسبة لنا هو تحقيق هدف تحويل مبادرات نخبوية إلى مطلب جماهيري يتبناه الشارع· بالعودة إلى العلاقة المصرية الجزائرية على خلفية ما وقع عقب مباراة القاهرة، كيف تقرأون مستقبلها؟ الحقيقة أن هناك داخل النطام المصري من حاول الاستنجاد بمباراة الجزائر لتحقيق مجد سياسي، لكنهم فشلوا، وكان ذلك النموذج نموذجا حقيقيا عن تضييع مصالح الأمة بالتفاف مجموعات حول الأنظمة، وهذا يحدث عندما تسيس مسائل غير قابلة للتسييس، فسقط الإعلام المصري والجزائري في كثير من المطبات، بينما لا يخدم تدهور العلاقة لا مصلحة الجزائريين ولا مصلحة المصريين، والحمد لله أن مثل هذه المبادرات الإنسانية تزيل تلك الضغائن والأحقاد وترقع الأخطاء·