نشرت صحيفة "ذي إنديبندنت" تقريرا لمراسلها في جوبا، دانيال هودين، يكشف فيه التفاوت ما بين الواقع والأمل في جنوب السودان المقبل على الانفصال. في حين اعتبرت الأممالمتحدة أن كل شيء جاهز بجنوب السودان لإجراء الاستفتاء في أجواء هادئة تقول الصحيفة إنه ما من شك بأن نتيجة الاستفتاء ستكون لصالح تقسيم أكبر بلد إفريقي إلى شطرين، ولكن ما هو أقل وضوحا هو طبيعة هذه الدولة ولا سيما أن لحظة الاختيار لجنوب السودان تأتي وسط أجواء عامة من الشكوك والاعتقاد بخروج أول دولة فاشلة في العالم قبل ميلادها. كما أن العاصمة الصاعدة (جوبا) تقدم فهما حقيقيا للصورة التي تشير إلى ظهور جماعة منعزلة في السابق ومتخلفة عن الركب الإفريقي ضمن تجربة غير مسبوقة جاءت برعاية دولية. وتشير ذي إندبندنت إلى أن الصورة ما زالت غير واضحة حيث إنه بعد خمس سنوات من الحكم الذاتي يعيش أو يعمل عدد كبير من النخبة في خيم أو حاويات شحن، وفي ظل احتمال أكبر لموت الفتاة الجنوبية في عملية الولادة قبل أن تنهي مدرستها. فبينما تزدحم شوارع جوبا بسيارات الهامر الفارهة، وتضم متعاقدين أمنيين يستمتعون بأحواض السباحة، ويتناول عمال الإغاثة سلطة الأخطبوط على شرفة مطعم يوناني، يتراجع أمراء جوبا الجدد بالفعل خلف الجدران المرتفعة والأسلاك الشائكة. وتحدثت الصحيفة عن الفساد، مستشهدة بإرسال فريق يعمل على إعادة فرش قصر الرئيس المتوقع للجنوب سلفاكير ميارديت، إلى دبي بمليون دولار، غير أنه عاد، وفق شهود، بثريات وعرش خشبي. والرجل دينس دارامولا في جوبا الذي يفترض به أن يكون الأقرب إلى الرئيس هو زعيم قبيلة باري، وينص القانون العرفي على أن جميع الأراضي تعود إلى السكان التقليديين، وهو ما يعني في حالة جوبا قبيلة باري. كما أن عدد السكان الذين يعيشون في جوبا الآن يصل إلى ثمانمائة ألف، أي أربعة أضعاف ما كان عليه خلال الحرب الأهلية، فالتفاوت الكبير في المدينة يشوش حلم الاستقلال والبداية الجديدة. وتنتقل ذي إندبندنت إلى مشهد الفتيات التي ينتهي بالآلاف ممن يأتين إلى جوبا في زنازين مركز غومبو للدعارة، وسط انتشار هذه الصناعة في البلاد. وهذا المركز يعد جزءا من قطاع الخدمات المزدهر في جوبا حيث يوجد ما لا يقل عن ستة مراكز للدعارة تضم أكثر من ألفي فتاة، وفقا لبحث غير منشور أجرته منظمة غير حكومية. وخلصت الصحيفة إلى أن التقدم كأي شيء آخر في جوبا يسير بخطى بطيئة جدا وسط غموض في مستقبل البلاد. ومن جهة أخرى أعلن مسؤول في الأممالمتحدة أن كل شيء بات جاهزا لتنظيم الاستفتاء على استقلال جنوب السودان ابتداء من غد الأحد، واصفا الوضع الأمني بأنه مستقر. وقال ديفيد غريسلي مسؤول جنوب السودان في بعثة الأممالمتحدة في السودان “كل شيء يبدو في مكانه في المناطق التي تضم 2638 مركز اقتراع ستفتح في الثامنة صباحا غدا الأحد. وأضاف خلال لقاء مع الصحافيين في جوبا، عاصمة جنوب السودان، أن المشككين الذين كانوا يعتقدون أن جنوب السودان لن يجهز لتنظيم الاستفتاء هذا الأحد كانوا على خطأ. ويختار الجنوبيون غدا الأحد ما بين الانفصال عن الشمال أو البقاء ضمن السودان الموحد. قال غريسلي إن الوضع الأمني مستقر على الرغم من المعارك القبلية التي أوقعت 11 قتيلا و25 جريحا في نهاية الأسبوع الماضي في ولاية البحيرات الجنوبية. وقال إن التوتر على طول الحدود بين الشمال والجنوب تراجعت خلال الأسابيع الماضية. المعلومات التي قالت إن المعسكرين يعززان مواقعهما العسكرية على الحدود كان مبالغا بها على ما يبدو. وقال إن مستوى عدم الاستقرار في جنوب السودان هو الأدنى منذ التوقيع على اتفاق السلام في 2005. وأضاف أن قرابة 143 ألف جنوبي عادوا من شمال السودان إلى قراهما منذ نهاية أكتوبر. وأوضحت مليندا يانغ مسؤولة أوكسفام في جنوب السودان خلال مؤتمر صحافي أن عودة الناخبين إلى الجنوب تزيد الضغط على المجتمعات التي ينقصها الماء والغذاء والمسكن والخدمات الصحية.