لم يفوت عباسي مدني، زعيم الفيس المحل، فرصة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد هذه الأيام على غلاء المعيشة ليحاول “التحريض على نار هادئة” جموع الشباب المنتفض، في تصريحاته لقناة “الجزيرة” القطرية، التي فضل الحديث من خلالها بصيغة “الجمع” في كلام تشتم منه رائحة محاولة العودة للأيام “الخوالي” التي لم تلتئم بعد جراحها. عباسي مدني دعا الجزائريين من وراء قصور الدوحة ومن مكتبه الراقي، ودون تقديم الصفة التي يتحدث بها، إلى ما أسماه “التعاون والوحدة من أجل تغيير الواقع الأليم”، ودون أن يثبت حسن نيته بالتأكيد على أن التغيير لا يكون بالعنف والترهيب والأساليب التي كلفت الجزائريين غاليا جدا منذ 22 عاما، دون أن يمسه وعائلته التي تعيش على دولارات المأساة الوطنية والحواجز المزيفة وسلب المواطنين في ألمانيا والعواصم الغربية تحت ستار رجال أعمال، وأضاف في محاولة لتبني واستغلال واستمالة الشباب الذي قاوم إرهاب جماعته وتسلح لبناء وطن وأسقط الصورة السوداوية التي ألصقها الدمويون من حزبه بالجزائر والجزائريين، “إلى الالتحام من أجل النجاح سويا أو السقوط سويا”، في صورة عادت بالأذهان إلى الخطاب “المتطرف المعهود لديه” والذي أشعل نار الفتنة في البلاد، كما أن حديثه عن انتفاضة الشارع “العفوية” للمطالبة بالتغيير قد يفهم منه السعي إلى استمالة “الشارع” وتحويل وجهة الغضب من الاستيلاء على غلاء المعيشة إلى ما كرره في حديثه بشدة الأهداف. عباسي مدني، أو حتى علي بلحاج، الذي اعتقل قبل يومين من طرف قوات الأمن في حالة تلبس وهو يلقي كلمة لبعض الشباب المتجمعين لإفراغ شحنة من الغضب والتهور تجهل عواقبها، لا يظهران أبدا من أجل الدعوة للتعقل تفاديا لتكرار أزمة لم تطو صفحتها بعد، على اعتبار أن الجزائريين ليسوا بحاجة لمن يدفع بهم إلى “جهنم” أخرى اليوم، وقد بدأوا يستعيدون الأنفاس التي “قطعها” الإرهاب عليهم سنوات طوال.