عاشت، أمس، مدينة عنابة حالة من الحذر والترقب وسط تعزيزات أمنية مكثفة، حيث نصبت فرق لمكافحة الشغب لتطويق الأحياء الأكثر تضررا جراء الاحتجاجات الدامية ضد غلاء المعيشة، والتي اندلعت شرارتها الجمعة المنصرم، لتنتقل حمى الاحتجاجات إلى أغلب الشوارع الرئيسية للولاية بعد أن تأزمت الأوضاع وزادت احتداما على خلفية الاشتباكات التي أسفرت عن إصابة 10 أشخاص بجروح خطيرة بينهم شرطيان، فيما تم، أمس، الإفراج عن 10 أشخاص آخرين تم اعتقالهم، لتورطهم في تأجيج فتيل الاحتجاجات التي عرفت تصعيدا خطيرا بعد تخريب وتحطيم بعض المحلات التجارية والمنشآت العمومية. خيم أمس بعض الهدوء على منطقة عنابة، بعد ليلة بيضاء من الفوضى والشغب، إثر المواجهات العنيفة التي اندلعت بين مئات الشباب العاطل عن العمل والثائر إزاء غلاء المعيشة وقوات الأمن، حيث بدت الشوارع شبه مهجورة من قاطنيها الذين نال منهم التعب والإرهاب، بعد اشتباكات عنيفة مع الشرطة التي كانت تطلق الرصاص عشوائيا لتفريق المتجمهرين. وكان الطريق الوطني رقم 44 محفوفا بالمخاطر، الأمر الذي يوحي بأن ولاية عنابة مهددة بانفجار الأوضاع في أية لحظة، لأن المحتجين هددوا بتصعيد وتيرة الاحتجاجات وحرق مقرات الدولة وإشعال النيران في العجلات المطاطية إذا لم تتحرك وزارة بن بادة لتوقيف المضاربة في الأسعار. وأمام هذه التهديدات، راسل والي عنابة، محمد الغازي، مصالح الأمن لتكثيف الرقابة لإنقاذ الوضع. وفي سياق متصل توقفت أمس أغلب نقاط بيع البنزين عن نشاطها تضامنا مع الشباب الثائر ضد غلاء المعيشة والتهاب الأسعار التي ألهبت جيوب المواطن البسيط. وعلى صعيد آخر، تعرض خلال الاحتجاجات الأخيرة أكثر من 20 محلا تجاريا للتخريب والتحطيم من طرف المحتجين، الأمر الذي دعا أصحاب هذه المحلات إلى غلق أغلب المحلات التي كانت شبه مشلولة بسبب الفوضى، بعد أن تحول فتيل الاحتجاجات إلى حرب الشوارع واستعمال الأسلحة والسيوف والخناجر ضد صمم الإدارة. تجار سوق الخضر والفواكه يدخلون في احتجاجات دخل، أمس، تجار أسواق الخضر والفواكه بعنابة في حركة احتجاجية واسعة، حيث امتنعوا عن تسويق الخضر لتجار التجزئة، تنديدا بالارتفاع المفاجئ في أسعار المواد الاستهلاكية مثل السكر والقهوة والحليب، حيث تفاجأ زبائن سوق الحطاب بوسط مدينة عنابة بنفاد الخضروات مثل البطاطا والطماطم وبعض المواد الأساسية الأخرى، الأمر الذي أثار استياء المواطنين الذين زاد تذمرهم أمام غلاء المعيشة. وفي سياق متصل، أكد لنا أحد التجار بسوق الحطاب أنهم مضطرون للتنقل إلى الولايات المجاورة مثل ڤالمة وسكيكدة لاقتناء بعض الخضروات، لأن الوضع على حد رأيه يذر بانفجار الأوضاع وتأزمها إذا لم تتحرك السلطات للإفراج عن هذه الوضعية. ليضيف أن أسعار السكر والقهوة ارتفعت بسبب إرتفاع بورصة أسعار المواد الغذائية بالخارج، وعليه فإن السوق المحلية تخضع للسوق العالمية. وتجدر الإشارة أن أغلب العائلات تحول استهلاكها إلى المعكرونة باعتبارها غذاء الزوالية. اعتقال 70 شابا وجرح 52 شرطيا أفادت المصالح الأمنية لولاية عنابة أن أحداث الشغب التي شهدتها بعض أحياء مدينة عنابة، ليلة أول أمس، أسفرت عن إصابة 52 شرطيا بجروح طفيفة خلال عمليات التدخل التي قامت بها عناصر الأمن لحماية أمن الأشخاص والممتلكات عقب خروج عشرات من الشبان والمراهقين، ليلة أول أمس بعدد من أحياء المدينة، أين أقدموا على تخريب مقر شركة “جي.بي.أش” بالسهل الغربي، ووكالة “سوسيتي جينرال” واقتحموا مديرية التكوين المهني، أين قاموا بسرقة عتاد الإعلام الآلي ولوازم مكتبية قبل أن يضرموا النار في الملفات والأوراق الموجودة بالمكاتب. وقد مكنت تدخلات مصالح الأمن، التي تواصلت الى غاية الساعة الثالثة من صباح أمس، من احتواء الوضع وإلقاء القبض على 70 شابا من المشاركين في أعمال التخريب، التي ولحسن الحظ لم تطل سوى بعض مواقف الحافلات ومرافق عمومية وخاصة محدودة. هذا، وقد مكنت نداءات الأئمة طيلة نهار أمس، وكذا بعض العقلاء بالأحياء الشعبية من تهدئة الأوضاع، رغم محاولات بعض الشبان تجديد المناوشات مع مصالح الأمن التي انتشرت بقوة في عدة أحياء من المدينة لمواجهة أي طارئ. ملثمون يسطون على محل لبيع الهواتف النقالة اغتنمت مجموعة من الشبان الملثمين انشغال رجال الأمن بتطويق أعمال الشغب بوسط مدينة عنابة للسطو على محل لبيع الهواتف النقالة، بحي “طاباكوب”، غرب مدينة عنابة، أين أفرغوه من محتوياته وتجهيزاته ولاذوا بالفرار على متن سيارة، وفور إبلاغها بالحادثة تنقلت مصالح الأمن إلى عين المكان وفتحت تحقيقا في عملية السطو، للتعرف على هوية العصابة التي لم يكن همها سوى السرقة والسطو.