تشتهر مناطق ولاية جيجل، لا سيما الجبلية والنائية بالعديد من الأطباق التقليدية التي تلجأ إليها العائلات في فصل الشتاء لسد الرمق بسبب الأوضاع الاجتماعية المزرية في السنوات الماضية، وهي أطباق نباتية وصحية، حيث تقوم المرأة بالبحث عن العديد من الأعشاب البرية التي تنبت في هذه الناحية والتي لا يضاف إليها عادة سوى كمية من زيت الزيتون الأطباء يؤكدون أهميتها في معالجة فقر الدم السكري، السمنة وغيرها “أربيط” من أشهر الأطباق على مستوى ولاية جيجل تحضّره الأمهات بصعوبة. كما قالت لنا الجدة زوليخة إنها في الخمسينات من القرن الماضي وخاصة خلال الاستعمار كانت تعدّه لأبنائها لإنقاذهم من الموت جوعا، وهو يحضر بمجموعة من الأعشاب منها سموم، مجوط، الحرش، السلة، بيبراس، التوت البري وغيرها، والتي تقطفه في أجواء باردة ثم تحضّره في القدر الطيني بعد قصّه وإضافة مادة الدشيش أو الشعير المرحي حتى يعطي ذوقا لذيذا عند التقديم للعائلة، يضاف إليه زيت الزيتون بكمية معتبرة. أما السيدة نادية التي تقطن بإحدى القرى النائية في جيجل فقالت إنها تركز في أيام الشتاء الباردة على تحضير طبق “البقول” والذي يعد تقريبا بنفس الكيفية، ويتم تناوله مع الكسرة أو بواسطة الكسكسي الأبيض أو الأسود. وأضافت أن طبق “الربوزة” أيضا كان ولا يزال سيد الموائد في الشتاء، وهو عبارة عن اللفت التي يتم طهيها كاملة ويتم تناولها بواسطة الكسرة، الغرايف أو الكسكسي بنوعيه. من جهته، قال الشاب مراد الذي التقيناه في إحدى غابات الولاية، إنه يعشق كثيرا هذه الأطباق منذ أن كان صغيرا وخاصة “اربيط”، إلا أن ارتفاع أسعار زيت الزيتون الذي وصل إلى 700 دج للتر الواحد، جعل الكثير من العائلات الجيجلية تعزف نسيبا عن تحضير هذا الطبق، إضافة لتخوف البعض الآخر من التنقل إلى الجبال للبحث عن الأعشاب، والمحظوظ اليوم هو من يتمكّن من تناول “اربيط” شتاء. ويضيف قائلا “إنه طبق لذيذ جدا وأحس براحة ونكهة كبيرة عند تناوله وأفضله على كل أنواع اللحوم والأسماك”. أطباق تقي من الأمراض وحمية للمرضى وتشتهر هذه الأطباق بأنها صحية جدا. ومن أجل التعرف أكثر على خصائصها وأهميتها اتصلنا بالأخصائي في أمراض داء السكري والغدد الطبيب بواب ضياء الدين، الذي أشار إلى أنها من أحسن الأغذية بالنسبة لعدة أمراض بالخصوص فقر الدم، داء السكري والسمنة، وارتفاع الضغط الدموي، وهذا نظرا للكمية الكبيرة للألياف التي تحتويها مكونات هذه الأطباق والتي تؤدي دور الأدوية من ناحية تقليل الامتصاص وتنظيمه في الأمعاء، إضافة إلى توفره بكميات كبيرة على الأملاح المعدنية على غرار الكالسيوم، البوتاسيوم، والحديد. وأضاف بأن طبق “اربيط” مع زيت الزيتون يشكّل عاملا وقائيا من الإصابة بأمراض القلب والشرايين وفقر الدم. أما الطبيب بوالغبرة نبيل، فقد أكد أن هذه الأطباق حمية طبيعية ينصح بها لكل المرضى وحتى الأصحاء وخاصة مرضى الجهاز الهضمي. من جهته، جراح الأسنان بوالدين عمر، أشار إلى أن “اربيط” إذا ما إضيف إليه البصل البري والتوت البري (اسرف) يفيد كثيرا اللثة والأسنان ويقيهما من الأمراض والتسوس عند الكبار والصغار بسبب النباتات الصحية التي تتوفر عليها. كما أفاد الجراح بشاني إبراهيم من الطاهير بأنه مفيد للبواسير والذبحة الشرجية واعتماد هذه الأطباق كحمية نافع جدا للذين أجروا عمليات جراحية مختلفة. على كل، لا يزال سكان أعالي جيملة، الشقفة، تاكسنة، والميلية وغيرها، من البلديات النائية يقبلون على عليها بقوة رغم ارتفاع أسعار الزيت.