أعلنت منظمة الأغذية والزراعة “الفاو”، التابعة لهيئة الأممالمتحدة، عن ارتفاع جديد لأسعار المواد الغذائية، وهي تتعدى سقف أسعار “أزمة 2008”، وتهدد هذه الأسعار الدول النامية بشكل رهيب، منها الجزائر التي تستورد نحو 90 بالمائة من غذائها من الخارج، معتمدة في ذلك على مداخيل البترول لتغطية فاتورة الواردات في تقارير صادرة عن الجهازين المذكورين، كشفت الأرقام عن تسجيل مؤشر “الفاو” لمستوى قياسي تجاوز ذروة 2008، الأزمة التي خلفت آنذاك تصعيدات اجتماعية ألهبت شوارع بعض الدول الإفريقية، وسجلت “الفاو” هذه المرة ارتفاعا متزايدا لأسعار المواد الغذائية والوقود، المواد الأولية، وخام النفط أيضا. موجة الأسعار ستتسبب حتما في تقلبات اجتماعية، منها ما حدث في مصر، تونس، اليمن، وبعض التخريب في الجزائر، الأردن.. حسبما قاله رئيس البنك العالمي، روبرت زوليك: “سنواجه ضغوطا كبرى بسبب تقلبات الأسعار، وستنجم عنها أزمات لكنها ستخلق فرصا أيضا”، في إشارة منه إلى نجاح واشنطن من تحقيق نمو داخلي فاق 20 بالمائة، لم تحققه منذ 22 سنة مضت، وهي نعمة على نقمة العرب، ولقد بلغت الأسعار مستوى 230.7 نقطة حاليا، بعد أن كانت عند 224.1 نقطة خلال أزمة 2008، ويضم مؤشر الأسعار سلة الحبوب، البذور الزيتية، ومنتجات الألبان واللحوم والسكر. ودعا زوليك الدول العشرين، منها واشنطن، إلى ضرورة تبني أزمة الغذاء وإدراجها ضمن الأولويات الراهنة، لمواجهة ومكافحة التقلبات والمضاربات، خصوصا بعد اندلاع موجة العنف التي قد تعصف بالدول الصناعية ذاتها، بالنظر إلى احتكاكات الشعوب وتقارب وجهات الطبقة العاملة والتجار أيضا. ويحذر ذات المتحدث من انفلات الأوضاع من بين أيدي الحكومات لإقناع الشعوب بما يحدث، لاسيما أن أغلبية دول العالم لا تنتج غذائها وتستهلك بالعملة الصعبة، ما يجعلها رهينة تقلبات أسعار العملات ورهينة الدولار والأورو، مثلما يحدث مع الجزائر، التي تستورد نحو 60 بالمائة من غذائها بالأورو، و40 بالمائة بالدولار، وهي الآن - حسب التقارير العالمية - تواجه الأزمة بالبترول، الذي يسجل انتعاشا مؤقتا في ظل تواصل أسعاره في الصعود، حيث بلغت 103 دولار للبرميل مؤخرا، وهو مؤشر إيجابي للجزائر.. غير أن رئيس البنك العالمي يحذر من مغبة أخرى، مرتبطة بتقلبات المناخ ونقص الإنتاج الغذائي السنوي، وتراجع عدد من الدول العربية عن التصدير مؤخرا بسبب العنف المسجل داخليا، وكذا بعض الدول الإفريقية التي تعاني الندرة، إلى جانب البرازيل وروسيا، بتسجيلهما لمستوى متدني ووقفهما لعملية التصدير، كون المنتوج لا يغطي الطلب المحلي، هذه العوامل وصفتها التقارير بالخطيرة جدا، وهي تهدد كل دول العالم دون استثناء. وفي سياق متصل، دعا زوليك، الدول النامية إلى انتهاز الفرصة للرفع من مستوى إنتاجها ومضاعفة المردودية السنوية، من خلال تكثيف الزراعات الموسمية والبذر مرتين إلى ثلاث مرات سنويا، لتغطية الطلب المتزايد عالميا، بعد تسجيل انتعاش مؤقت للدول المتضررة من الأزمة المالية، واعتبر أن هذه الدول، منها الجزائر، تمتلك إمكانات زراعية تكفي لتغطية طلب العالم وبإمكانها أن تنشئ أقطابا جهوية وتكتلات قوية تواجه مضاربات المحتكرين في السوق الدولية.