ستناقش مجموعة ال20 في إجتماعها المقبل المزمع تنظيمه يومي 27 و 28 جانفي المقبل عدة مسائل منها إرتفاع أسعار المنتوجات الغذائية و إختلال نظام الإنتاج الفلاحي العالمي و خطر مجاعة عالمية التي أعلنت عنها منظمات عالمية غير حكومية. وأمام أزمة غذائية عالمية قد تتسبب في إرتفاع مفاجيء لأسعار المنتوجات الفلاحية في الأسواق العالمية و آثار مناورات المضاربة التي تمارسها صناديق الإستثمار على أسعار الحبوب و المواد الزيتية و كذا توقعات تحقيق محاصيل زراعية سيئة يتعين علي الدول التي ستشارك في أشغال إجتماع مجموعة ال20 الذي سيعقد "بالعاصمة العالمية لفن الطهي" أن تحدد أسباب هذه الأزمة الغذائية. وقد أعربت رئاسة مجموعة ال20 التي تتولاها حاليا فرنسا عن "إنشغالها" أمام خطورة الوضعية الغذائية في العالم الذي زادت حدتها منذ فصل الصيف الفارط بسبب الحرائق في روسيا و محاصيل الحبوب السيئة في أوكرانيا و روسيا و الفيضانات التي شهدتها أستراليا و البرازيل. بالرغم من أنها تختلف عن تلك التي شهدها العالم سنة 2008 إلا أن الأزمة الغذائية العالمية-حسب خبراء منظمة التغذية و الفلاحة لمنظمة الأممالمتحدة (الفاو) قد استقرت في عدة مناطق من العالم. و قد أعلن مدير منظمة الفاو السيد جاك ديوف في شهر أفريل الفارط أنه ما يفوق مليار شخص في العالم يعانون من الجوع بسبب الأزمة الإقتصادية و ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة. وأشار السيد ديوف إلى "ان عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع في العالم قد ازداد ب105 مليون سنة 2009 مقارنة بسنة 2008" مفسرا هذه الظاهرة "بإرتفاع نسبة سوء التغذية خلال السنوات الثلاثة الفارطة بسبب تراجع الإستثمارات في المجال الفلاحي و إرتفاع أسعار المواد الغذائية و الأزمة الإقتصادية". و أضاف "تبقى إفريقيا القارة الأكثر عرضة لسوء التغذية التي تمس 28 بالمائة من سكانها داعيا إلى "سياسة عالمية للأمن الغذائي" و على هذه الأخيرة الأخذ بعين الإعتبار ضرورة رفع الإنتاج الفلاحي بنسبة 70 بالمائة في الدول المتقدمة و 100 بالمائة في الدول النامية "إذا ما أردنا ضمان الغذاء للسكان الذين سيبلغون سنة 2050 حوالي 1ر9 مليار نسمة". وأبرز تقرير منظمة التغذية و الفلاحة أن "خطورة الأزمة الغذائية الحالية هي نتيجة لعشرين سنة من الإستثمارات غير الكافية في قطاع الفلاحة و التخلي عن القطاع. كما يعتبر ديوان المساعدات الإنسانية للجنة الأوروبية (إيكو) أنه يمكن لبعض دول منطقة إفريقيا الغربية أن تتعرض لأزمة غذائية حادة و يبقى ملايين الأفراد مهددين بالجوع في هذه المنطقة. وأشار الديوان أن خطر الأزمة ناجم عن نقص في مستوى تساقط المياه الذي شمل هذه السنة المناطق الفلاحية في هذه المنطقة الإفريقية. وأوضحت المنظمة ان "محاصيل الحبوب تشهد هذه السنة عجزا يراوح 1 مليون طن" مشيرة انه في النيجر فقط ما يفوق 2 ملايين شخص يعانون من "خطر حقيقي للمجاعة" و يمكن أن يتضرر ما لايقل عن 5 ملايين آخرين من "خطر أزمة غذائية". ويمكن لهذا التهديد المتعلق بالازمة الغذائية الخطيرة ان تشمل كلا من النيجر و تشاد و بوركينا فاسو و بعض مناطق نيجيريا بسبب الانخفاض الكبير في المحاصيل الزراعية في هذه البلدان المتضررة بمستويات متفاوتة. في هذا الصدد اشار المدير الاقليمي لمنظمة اوكسفام بغرب افريقيا السيد مامادو بيتايي الى "اننا نشهد كارثة تجري امام اعيننا الا انه يمكن تفاديها اذا تحرك العالم بشكل سريع". ومن هنا، فان اجتماع مجموعة ال20 سيكون حافلا بشكل خاص و صعبا بسبب المواقف المتباينة بين كبريات البلدان الفلاحية الاعضاء في مجموعة ال8 منها فرنسا و الولاياتالمتحدة و كندا مع البلدان الاخرى التي تدعى بريك (البرازيل و روسيا و الهند و الصين) التي تعد هي ايضا من كبار منتجي الحبوب و المنتجات المعاشية. وأوضح عدد من المنظمات غير الحكومية ان المعركة التي ينبغي تفاديها بباريس هي خاصة تجنب ان يؤدي تحميل المسؤوليات على ارتفاع أسعار مواد الصناعات الغذائية حتى لا يتم تحويل البلدان المشاركة عن النقاش الحقيقي و المتمثل في ايجاد الاسباب الحقيقية للازمة الغذائية العالمية التي بدا شبحها يلوح و ان يوجد لها حلول مستديمة. في هذا الصدد، لوحت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) بشبح المضاربين في الاسواق المالية حيث يمكن ان تتعد فاتورة الواردات الغذائية العالمية لثاني مرة قيمة الف مليار دولار خلال هذه السنة. و قد جاءت هذه الانشغالات لمنظمة الاممالمتحدة في الاصدار الاخير لمجلة "افاق الغذاء". و في واقع الامر فان منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) قد اشارت الى ارتفاع قيمة الفاتورة العالمية من الغداء الى 026 1 مليار دولار سنة 2010 اي بزيادة 15 % مقارنة بسنة 2009 (893 مليار) و قاربت بقليل اعلى قيمة سجلت سنة 2008 خلال الازمة الغذائية ب031 1 مليار. كما أوضح التقرير ان قيمة الواردات لم تسجل خلال 1997-1998 معدل 500 مليار دولار سنويا "و يمكن للفاتورة ان تزداد بنسبة 11 % بالنسبة للبلدان الاكثر فقرا و بنسبة 20 % بالنسبة للبلدان ضعيفة الدخل والتي لها عجز في المنتجات المعاشية". في هذا الصدد، أوضح خبير فلاحي "انه ما من شك ان نشاطات المضاربة قد اوجدت اضطرابات كبيرة و اختلالات هامة في سوق الحبوب" مضيفا ان "المضاربة ليست السبب الوحيد في ارتفاع الاسعار". أما السيد حافظ غانم نائب مدير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) فلديه راي اخر معتبرا انه ليس "هناك دخل للمضاربين في ارتفاع الاسعار" مشيرا الى ان "الراديكاليين هم السبب". كما اكد ان "الانتاج العالمي من الحبوب سنة 2010-2011 سيكون 2 % اقل من السابق حتى وان ظل ثالث نتيجة يتم تسجيلها حتى الان" مضيفا ان الظروف المناخية الماساوية هي التي تقف وراء انخفاض المتتوجات الفلاحية المعاشية خلال هذه السنة. و تشير التقديرات الاخيرة للفاو الى تحقيق انتاج قدر ب22ر2 مليار طن من الحبوب لطلب يقدر ب25ر2 مليار مسجلا ارتفاعا بنسبة 3ر1 % و بالتالي فانه سيكون هناك انخفاض للمخزونات العالمية بنسبة 7% في المتوسط: 35 % بالنسبة للشعير و 12 % للذرة و 10 % للقمح و اما مخزونات الارز سترتفع بنسبة 6 %. في ذات الصدد، أوضح خبراء الفاو انه "بالنظر الى توقعات انخفاض المخزونات العالمية فان محاصيل السنة المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لاستقرار السوق العالمية حيث سيكون على المجتمع الدولي ان يبقى متيقظا و الاستعداد الى أزمات عرض جديدة سنة 2011". كما اشاروا الى انه "من الاهمية بما كان ان يرفع المزارعون من الانتاج بشكل اكبر سيما الذرة و القمح خلال موسم 2011-2012 من اجل الاستجابة للطلب و اعادة تشكيل المخزونات العالمية".وهي الصورة القاتمة التي ستواجه مجموعة ال20 في الاجتماع المقبل بباريس التي ستعطي المؤشرات الكبرى لعملية تجنيد دولي لمواجهة الازمة الغذائية العالمية.