توقعت منظمة "فاو" أن تصل فاتورة استيراد الغذاء عالميا خلال العام الحالي إلى نحو تريليون دولار (ألف مليار دولار) متأثرة بالارتفاع الحاد في أسعار السلع الغذائية مقارنة بالأرقام المسجلة في العام الماضي. ووجهت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" في أحدث إصدار لها من نشرة "توقعات الأغذية" تحذيراً لانتباه المجتمع الدولي من أجل "الاستعداد لأوقاتٍ عصيبة قادمة" ما لم يُسجِّل إنتاج المحاصيل الغذائية الرئيسية زياداتٍ كبرى في غضون عام2011. وتُشير تنبؤات "فاو" إلى أن فواتير استيراد الغذاء في حالة بلُدان العالم الأشدّ فقراً قد ترتفع بمقدار 11% في عام 2010، وبحدود 20% في حالة بُلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض "LIFDC"... فيما سيَدفَع بمجموع التكاليف في إطار فاتورة الاستيراد العالمية للمواد الغذائية إلى زياداتٍ تتجاوَز رقم التريليون الدولار. والمحتمل أن تصل هذه الارتفاعات، وفقاً لل"فاو"، إلى مستوياتٍ لم يُشاهَد لها مثيلٌ منذ الذِروة التاريخية لانفجار أسعار المواد الغذائية في عام 2008. ويلاحظ تقرير "توقعات الأغذية" الذي تُصدره "فاو" بصفةٍ نصف سنوية، أن "المجتمع الدولي، وسط عدم تَراجُع الأسعار الغذائية لمعظم السلع الرئيسية عليه أن يَتوخَّى الحَذَر باستمرار وأن يتأّهب تَحسُبّاً لأي صدماتٍ أخرى ممكنة للإمدادات الغذائية في غضون عام 2011". التغيرات المناخية خِلافاً للتنبؤات السابقة، يُرجَّح الآن أن يتقلَّص الإنتاج العالمي من الحبوب بحدود 2%، عوضاً من أن يزيد بحدود 1.2% كما كان متوقّعاً في جوان الماضي. ويُعزىَ تَراجُع الإمدادات على نحوٍ لم يكن في الحِسبان إلى حالات المناخ غير المواتية والتي تُعتبر مسئولة عن هذا التبدُّل في اتّجاه الإنتاج، استناداً إلى تقرير "فاو". وتوقع التقرير أن تتراجع أرصدةُ الحبوب الرئيسية بِحدّة، مطالبة دول العالم بزيادة الإنتاج بهدف إعادة تكوين المخزونات حيث تتجه أرصدة الحبوب العالمية إلى الانكماش بحدود 7%، مع هبوط أرصدة الشعير بنسبة 35%، والذرة الصفراء 12%، والقمح 10%. وأكدت "فاو" أنه لا يُرجَّح زيادةُ أي احتياطيات غذائية سوى لأرصدة الأرز، بحدود ستّة بالمائة. المستهلكون يدفعون الثمن وما كشفت عنه منظمة "فاو" يؤكد أن "حجم محاصيل العام المُقبل سيكون حَرِجاً، قياساً إلى تَرَاجُع وزن الأرصدة العالمية من المخزونات، وذلك بالنسبة لتحديد مَسار الاستقرار على صعيد الأسواق الدولية للمواد الغذائية". وقد نبَّه تقرير "توقعات الأغذية" إلى أن "إنتاج الحبوب الرئيسية من المُتعيَّن زيادتُه بكمياتٍ ضخمة سواء لتلبية الطلب على الاستهلاك أو لإعادة تكوين الاحتياطيات العالمية"؛ وأضاف أن "المُزارعين من المحتمل أن يستجيبوا لمستويات الأسعار السائدة بالتوسُّع في عمليات الزَرع". غير أن التقرير حذَّر في الوقت ذاته من أن "محاصيل الحبوب في الأحوال كافة قد لا تشكِّل الخيار الوحيد للمُزارعين في مساعيهم لزيادة الإنتاج، حيث أن تَصاعُد الأسعار يُضفي جاذبيةً على سلعٍ أخرى أيضاً لصالح التوسُّع في زراعتها، من فول الصويا إلى السكر إلى القطن. وقد يَحدُّ ذلك فعلياً من قُدرات الاستجابة الفردية للمُزارعين إلى مستوياتٍ قد تكون غير كافية للتخفيف من تأزُّم الأسواق. وإزاء مثل هذه الخلفيّة، ربما لا يملك المُستهلكون من خيارٍ آخر سوى دفع أسعارٍ أعلى طَلباً لغذائهم". وتُعزىَ زيادات الأسعار التي شُوهِدَت في أكثر السلع الزراعية على مدى الأشهر الستّة الماضية إلى جُملة عوامل، لاسيما نَقص الإمدادات غير المتوقَّع بسبب أحداث المناخ غير المواتية، واستجابةِ السياسات من قِبَل بعض البُلدان المُصدِّرة، والتَقلُّبات في أسواق العُملات. بيد أن الأسعار الدولية يمكن في غضون السنة القادمة أن تُواصِل حَركة تَصاعُدها تِباعاً إلى حدٍ بعيد، خُصوصاً بالنسبة لمحاصيل الذرة الصفراء، وفول الصويا، والقمح حسبما كشفت المنظمة "فاو". بل وحتّى سعر محصول الأرز، الذي تُشير المنظمة إلى استقرار إمداداته أكثر مما هو الوضع في حالة محاصيل الحبوب الرئيسية الأخرى، فقد يتأثّر هو الآخر إن واصلت أسعار محاصيل القوت الرئيسي الأخرى تَحرُّكها صعوداً. جنون أسعار السكر من جهةٍ ثانية، يُعدَّ السكّر من العوامل الحاسمة وراء الارتفاع في أسعار السلَّة العالمية للأغذية في غضون الأشهر الأخيرة. وحسبما أكَّدت "فاو" فإن أسعار هذه السِلعة الرئيسية التي فاقت مؤخراً أعلى مستوياتها للسنوات الثلاثين الماضية تَظلّ مرتفعةً ويَغلُب عليها التقلب الشديد. وبالنسبة لقطاع البُذور الزيتية، يعكِس ثَبات الأسعار على ارتفاعها نُمواً بطيئاً نسبيّاً في الإنتاج العالمي، على نحوٍ يَخَفق حسبما ذكر التقرير في مُجاراة الطلب المُتزايد بسرعة. وحتى إن سجَّلت أسعار اللحوم ارتفاعاً فقد ظلَّ ذلك إلى الآن مَحدوداً بالمقارنة. وفي قطاع إنتاج الألبان، مسّت أسعار الزُبد أعلى سقف تاريخيٍّ لها من قَبل؛ بينما تَصاعَدت أسعار الكسافا في التعامُلات التجارية الدولية خلال عام 2010 إلى مستوى قياسيّ، مع تَوقُّعات أن يَهبَط الإنتاج في غُضون السنة الجارية للمرّة الأولى منذ 15 عاماً. انتعاش أسعار الأسماك إثر هبوطها الحادّ منذ نهاية عام 2008، سَجَّلت أسعار الأسماك ارتفاعاً يؤشَّر بانتعاشٍ قويّ على الأكثر نظراً إلى أن مُنتجي قطاع تربية الأحياء المائية استجابوا لانخفاض الأسعار بتقليص أرصدتهم عَمداً مما انعكس بالتالي على حجم المخزونات العالمية من الأسماك المُستزرَعة. غير أن تقرير "فاو"، "توقعات الأغذية" الذي يُعنىَ بالتطوّرات الدولية المؤثِّرة على أسعار الأغذية والأعلاف، أكَّد أن الطَلب القويّ في حالتي البُلدان الصناعية والنامية لم يَنفكّ سَنَداً لأسعار الأسماك في السوق الدولية. * توقع التقرير أن تتراجع أرصدةُ الحبوب الرئيسية بِحدّة، مطالبة دول العالم بزيادة الإنتاج بهدف إعادة تكوين المخزونات حيث تتجه أرصدة الحبوب العالمية إلى الانكماش بحدود 7%، مع هبوط أرصدة الشعير بنسبة 35%، والذرة الصفراء 12%، والقمح 10%. وأكدت "فاو" أنه لا يُرجَّح زيادةُ أي احتياطيات غذائية سوى لأرصدة الأرز، بحدود ستّة بالمائة.