هد لا يقل عظمة عن ذلك الذي صنعه أقباط مصر يوم الجمعة الماضية، عندما قاموا بحماية المسلمين من أي أذى أو اعتداء قد يتعرضون إليه من "بلطجية" النظام المصري، وهم يؤدون صلاتهم في ميدان التحرير، قام أمس، مئات الآلاف من المسلمين بحماية الأقباط وهم يؤدون قداس الأحد في الميدان ذاته تمكن الشعب المصري من حرق واحدة من أهم وأخطر الأوراق التي حاول نظام حسني مبارك من خلالها محاولة اغتيال ثورة 25 جانفي، فمنذ اندلاع الثورة الشعبية وعلى مدار 12 يوما وحتى أياما قبلها، لم يتوقف الإعلام المصري الناطق باسم مبارك ونظامه من اتهام ثوار ميدان التحرير بأنهم مجرد مرتزقة تسوقهم جماعة الإخوان المصريين لضرب استقرار مصر والضغط على النظام ليستسلم لشرعية الإخوان التي لاتزال محظورة منذ أزيد من 40 عاما. وأكد الكاتب والصحفي المصري محمد طاهر، المتخصص في شؤون الإخوان المسلمين ل"القجر" أن نظام مبارك لايزال يحاول الضغط على المتظاهرين برفعه ل "فزّاعة الإخوان" لقمع الثورة، على حد تعبيره" وأضاف :" ليست موجهة للداخل، بقدر ما هي موجهة للخارج، يريد إرعاب الغرب بأن الإخوان هم البديل له إن ترك السلطة، وهذا غير حقيقي، فالشعب واع، ويعرف أن وصول الإخوان للسلطة في مصر "مصيبة" ستعيدنا للوراء عدة قرون. وأكد طاهر أن مشهد قداس الأحد في ميدان التحرير تجلى هذا الإحساس المشعّ، وتحولت الجملة الشهيرة "الدين لله والوطن للجميع" إلى "الدين لله والميدان للجميع"،" وقال :" أصبح من العادي جدا أن ترى مسلما يصلي بينما يحرسه من الخلف مسيحي، خوفا من انقضاض بلطجية الحزب الوطني عليهم، وأن يدعو المعتصمون بعضهم بعضا في صلاة الجمعة، إلى حضور قداس الأحد". وردا محدثنا على تصريحات قادة الإخوان حول قبولهم الدخول في حوار مع النظام المصري، الممثل في شخص نائب الرئيس عمر سليمان قائلا "الإخوان يشاركون في الثورة باعتبارهم مصريون، لهم أجندتهم الخاصة (نعم)، لكن هذه الأجندة مؤجلة إلى ما بعد نجاح الثورة، وبعد تحقيق هدفها الأول: إزاحة النظام ومحاكمة رموزه الذين خربوا البلد. حينها نحتكم للشعب، عبر انتخابات ديمقراطية بحق" مشيرا إلى أن الثورة لن تسمع بأي أجندات خاصة حيث ليس من المنطق أن يقمع الشعب بعضه البعض ويتجاهلون المهمة الكبرى، وهي التخلص من النظام. وأضاف "إن محاولات النظام هذه للتهويل من تأثير الإخوان وخطورتهم، ليس من الإيجابي الالتفات إليها، وإلا كان علينا أن نقسم الثائرين إلى ليبراليين واشتراكيين وناصريين، وتشتتنا في نزاعات تستهلك الوقت والجهد، وتشغلنا عن الهدف الأهم، وحين يجد النظام فرصة لاستعادة قوته وجبروته". من جهة أخرى، وقع أزيد من 300 قبطي على بيان يعتبرون فيه أن مطالب المعتصمين هي مطالب الشعب المصري كله ومن واجبهم كمصريين مساندة المعتصمين في تحقيق الهدف المشترك والمتمثل على حد تعبيرهم في البيان إسقاط النظام ومحاسبة المتسببين في قتل الأبرياء. هذا وتمنع السلطات المصرية إجراء أي إحصاء سكاني حول الديانة، حيث تتحاشى الكشف عن العدد الحقيقي للأقباط، معتبرة الكشف عن عددهم الحقيقي يهدد الأمن القومي، ويتعايش المسيحيون مع المسلمين في مصر في سلم وإخاء فتجدهم جيران وأصدقاء وزملاء في العمل. ويتهم الأقباط النظام المصري الحالي بأنه يسعى إلي إثارة الفتنة دائما من خلال الإصرار على حرمانهم من العديد من حقوقهم وأنه لا يساوي بينهم مع المسلمين، حيث لايزال الأقباط ممنوعين من الحق في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية كما يمنع عليهم تولي مناصب قيادية في الجيش والمؤسسات الحساسة كالبرلمان والوزارات.