تؤكد المخرجة الشابة ياسمين شويخ أن صدفة الطبيعة التي جعلت منها ابنة لاثنين من أهم المخرجين الجزائريين، لا يمكنها أن تحرمها لذة النجاح الذي صنعتها بجهدها وعملها المتواصل وكذا التكوين الأكاديمي في باريس والعمل إلى جانب عدد من المخرجين الجزائريين وبالتالي، فهي ترى أن نسَب نجاحها إلى والديها فقط يعد ظلما لها ولباقي المخرجين الشباب الذين يجب الاعتراف بمواهبهم ونجاحهم وأنهم أعطوا روحا جديدة للسينما الجزائرية. ياسمين شويخ تحدثت عن تواصل الأجيال وعن أمور كثيرة أخرى في السينما، فتحت قلبها ل" الفجر الثقافي" فكان هذا الحوار. بداية كيف تقيمين تجربتك السينمائية كمخرجة شابة، وهل ترين أن الجوائز التي تحصّلت عليها من خلال أفلامك دليل على نجاحك في الإخراج أم أنها تحسسك بمسؤولية أكبر؟ في الوقت الحالي لا أعتبر نفسي إلا مجرد مبتدئة، لأني في بداية مشواري السينمائي ومازلت لا أحمل في رصيدي السينمائي إلا فيلمين قصيرين "الباب" و"الجن" وبالتالي أجدد القول بأني في بداية الطريق. وبالنسبة للجوائز الدولية التي تلقيتها فإني أرى أن جائزتي الأولى كانت في قدرتي على عرض أعمالي الفنية في مختلف المهرجانات السينمائية الدولية، وكذا تسليط الضوء عليها داخل الوطن وهو ما منحني فرصة الالتقاء بالجمهور ومعرفة ردود أفعالهم عن قرب. وهذه الجوائز في رأيي ليست الهدف في حد ذاته، فالحصول على جائزة لا يعني بالضرورة أنها مكافأة بقدر ما هي مسؤولية أكبر للقيام بأعمال تستحق تأكيد ما وصلت إليه من نجاح. وما قلته سابقا لا يعني أن هذه الجوائز ليست خطوة مهمة بالنسبة لأي مخرج، لأنها تعني بالضرورة أن هناك مختصين كبار قد تعرفوا إلى أعمالك. وهو ما يدفعك إلى المضي قدما إلى الأمام باعتبارها مجرد خطوة إلى الأمام وليست هدفا في حد ذاتها. وفي اعتقادي أن الحصول على مثل هذه الجوائز بالنسبة لأي أحد من المخرجين الجزائريين يعتبر مهما جدا لأنه يلفت الانتباه إليك من قبل الجمهور، كما تساعدنا على إبراز أفكارنا ومشاريعنا الحالية والمستقبلية وطرح فرص للنقاش بين المختصين. رغم أن تجربة الفيلم القصير عمرها قصير في الجزائر إلا أنك استطعت إلى جانب عدد من المخرجين الجزائريين الشباب التعريف بالسينما الجزائرية دوليا، كيف تقيمين تجربة الفيلم القصير في الجزائر وما السبب في نجاحكم دوليا؟ الفيلم القصير كان حاضرا دائما في الجزائر من خلال مخرجين كبار على غرار لخضر حمينة وأحمد راشدي وعمار العسكري الذين يعتبرون اليوم واجهة السينما الجزائرية. إلا أنه من الملاحظ أن الفيلم القصير أصبح أكثر انتشارا من الفيلم الطويل، ربما بالنظر إلى محدودية ميزانيته وهو ما يعطي الانطباع أنها ظاهرة جديدة خاصة في ظل اعتماده على التكنولوجيات الجديدة والشباب العارفين بالصوت والصورة. ولكن يجب الاقتناع في النهاية أن العدد الكبير من هذه الأعمال لا يعني بالضرورة الجودة، لكن المهم أن يعرف العاملون بالسمعي البصري والسينما الفكرة التي يريدون الحديث عنها وكيفية تجسيدها وأي نوع من الأفلام يصلح لذلك. وبالحديث عن الجوائز الدولية التي تحصّلت عليها عدد من الأفلام الجزائرية القصيرة في السنوات الأخيرة لا يمكنني الجزم في سبب نجاحها ولكن يبدو أنه راجع إلى الديناميكية الجديدة التي أعطت نفسا جديدا لهذا النوع من الأفلام. ولكن إذا أردنا الحديث عن الفيلم القصير في الجزائر فيمكن القول إن الأفلام التي شاهدتها في السنوات الأخيرة تستحق الفخر بجيل الشباب وتنوع فنّهم. كيف هي علاقتك مع المخرجين الجزائريين الشباب وهل هناك اتصال بينكم للتشاور وتبادل الخبرات أو التفكير في القيام بأعمال مشتركة؟ بالنظر إلى أننا قلة من المخرجين الشباب للأفلام القصيرة، فان العلاقة بيننا يمكن أن توصف بالعائلية. وبطبيعة الحال، فإننا نتشاور في حال احتاج أي منا للنصيحة أو المساعدة ونعمل في الكثير من الأحيان سويا. ونحن نعتبر أن تقديم عروض في المهرجانات السينمائية فرصة لإعطائنا الكلمة لنقول ما نريد ونستعرض أفكارنا التي نتناولها من خلال أعمالنا. والشيء الأهم في الموضوع أننا نكون مدركين أن هناك من يمكنه أن يقدم لك يد المساعدة والأكثر من ذلك، فان السينما هي عمل جماعي لا بد من القيام به في فريق واحد متكامل، لذا يجب أن تحب هذا العمل. بالعودة إلى مهرجان "تاغيت" ما سبب اختفائه وهل هو مرتبط بغياب حمراوي حبيب شوقي، وهل هناك إمكانية لعودته من جديد؟ مهرجان تاغيت كان تحت رعاية حمراوي حبيب شوقي الذي أصبح حاليا سفيرا في رومانيا، وقد كشف من قبل عن استمرار هذا المهرجان وعودته من جديد وذلك من أجل كل السينمائيين وكذا عشاق السينما. فالمهرجان أثبت نجاحه في طبعتيه خاصة مع تعريفه بالمواهب الجزائريةالجديدة وتقديمها للجمهور الجزائري. فإقامة مهرجان ليس بالأمر السهل بالنظر إلى ضرورة توفر المورد المالي والبشري، وهو ما يتعذّر في الوقت الحالي وهو السبب في غياب مهرجان تاغيت عن قائمة المهرجانات الجزائرية. وأنا في الحقيقة أتمنى عودته سواء في وجودي أو من خلال شخص آخر، لأنه مهرجان يستحق التواجد قناعة مني أن الإدارة ليست من تقيّم مهرجانا ولكنه يقوم على الفاعلين الذين يؤمنون بأهميته. السؤال الذي لا بد منه، هل تعتقدين أن اسم شويخ اختصر مراحل كثيرة في مسيرتك مع الإخراج؟ أو بعبارة أخرى هل ترين أن اسم والديك هو من صنع منك مخرجة في فترة قصيرة؟ لا أنكر أن لوالدي الفضل الأول فيما وصلت إليه، وذلك من حيث أنهما كانا أول من تعلمت على يديهما حب الفن، كما كانا أول تلقيت عنهما المبادئ الأولى في الإخراج، فكانا يقدمان لي النصائح كما كنت أستفيد من خبرتهما في السينما كغيري من المخرجين المبتدئين الذين كانوا يأتون إلى بيتنا لطلب النصيحة والمعلومة. وعلى الرغم مما قلت سابقا، فإن ذلك لا يلغي مجهودي الشخصي وسعيي إلى التقدم والتكوين الذي تدعّم في أحسن مؤسسة في فرنسا تهتم بهذا المجال وذلك بالنظر إلى غياب مؤسسات خاصة بتكوين مخرجين في الجزائر. هذا إلى جانب عملي أكثر من مرة كمساعدة مخرج في أفلام طويلة وتلفزيونية. وبالتالي، يمكنني القول عن ثقة إني أحترم مسيرة والدي الفنية، إلا أني فخورة بما قدمت إلى حد الآن، وهو ما يثبت موهبتي بغض النظر عن كوني ابنة للمخرجين محمد وأمينة شويخ. فأنا أجد أن هذا النسب لم يكن وسيلة في اختصار أي مرحلة في مسيرتي الفنية بقدر ما كان دافعا أكبر للعمل والمثابرة والتكوين للحفاظ على ما قدماه إلى الآن. ما هي أهم النصائح التي وجهها إليك المخرجان شويخ في بدايتك مع الإخراج؟ أهم النصائح التي تلقيتها من والدي هي أن العبقرية لا وجود لها والعمل الجاد والمتواصل وحده من يصنع أفلاما ناجحة، مع اقتناعي بضرورة العمل والمثابرة وأن أكون حرة في خياراتي وقناعاتي مع احترام نفسي والآخرين إلى جانب الصدق، وهي الصفات الصالحة لأي كان ويمكنها أن تؤهله للقيام بأي مشروع، أو العمل في السينما وهي نافعة في العلاقات الإنسانية والحياة اليومية. هل يمكن القول إن إخراج الأفلام القصيرة مجرد بداية للتحول مستقبلا إلى إخراج الأفلام الطويلة؟ القيام بإخراج الأفلام القصيرة هو بداية بالنسبة لمن قرر ذلك، وفي المقابل فإن هناك من قدموا أفلاما سينمائية قصيرة فقط في مسيرتهم الفنية في الوقت الذي فضل فيه آخرون أن تكون بدايتهم مع الأفلام الطويلة ليتحوّلوا إلى الأفلام القصيرة قبل العودة من جديد إلى الأفلام الطويلة. وفي رأيي، فإن الأفلام القصيرة ليست ممرا أو مرحلة انتقالية إلى الفيلم الطويل، وهي نوع سينمائي مستقل بذاته وأنا لا أنكر أني أفكر في الانتقال لإخراج أفلام طويلة ولكن هذا لا يعني أن أتخلى عن الأفلام القصيرة. ولكن هذا يعتمد على ما أفكر في كتابته أو تجسيده سينمائيا. هل هناك فكرة أعمال سينمائية تحضّرين لها مستقبلا؟ بالطبع هناك مشروع هو في مرحلة الكتابة، لذا لا يمكنني الحديث عنه في الوقت الحالي وأنتظر إلى أن أتقدّم فيه قليلا.