تعشق السينما حتى النخاع، ورغم تجربتها السينمائية المتواضعة وانتمائها لجيل المخرجين الشباب، الا أنها أبدعت ولمعت في سماء الفن السابع وصارت من رائدات السينما الجزائرية، دائما متفائلة، وتتطلع الى الأرقى، وبنظرة ثاقبة تصنع عملا سينمائيا يدرس واقعا ويحاكي صورا بطريقة فريدة ومتميزة، هي المخرجة السينمائية الصاعدة والواعدة »ياسمين شويخ« التي التقتها جريدة »الشعب« بمدينة الورود على هامش الأيام الدولية للفيلم القصير فكان لنا معها هذا الحوار. ❊ بداية كيف تقيّم ياسمين شويخ واقع السينما في الجزائر؟ ❊❊ لا يمكننا القول بأن الجزائر لا تمتلك سينما أو لا توجد أفلام، فالكفاءات موجودة ومستوى السينما الجزائرية يرتقي يوما بعد يوم نحو الأفضل، وقطعت هي الأخرى شوطا هاما، حيث سارعت وتيرة الانتاج السينمائي نوعا ما، فبعدما كنا ننتج فيلما سينمائيا واحدا خلال سنة او سنتين اصبح الانتاج يصل الى خمسة او ستة أفلام سنويا، وهذا عن الأفلام الطويلة، أما القصيرة فقد عرفت مؤخرا موجة ملفتة للنظر، وظهر عدد كبير من الشباب المهتمين بها، وهذا يعني أنه هناك تحسن وشيء يولد من جديد يحتاج الى الوقت الكافي لينينمو ويكتمل، وهذه ماهي الا بداية، تعد بمستقبل قوي وواعد للسينما الجزائرية. ❊ لكن السينما في الجزائر منذ بدايتها تعاني من نقائص، فأين يكمن الخلل ، هل في المكان أم نقص في تكوين الممثلين او نقص الامكانيات. ❊❊ هناك عدة عوامل تساهم في بناء العمل السينمائي فالمخرج لا يستطيع وحده الإلمام بكل جزئيات العمل من صورة وإضاءة وموسيقى وممثلين، كما أن الكاميرا وحدها لا تنتج فيلما، ولا يمكن لأي مخرج سينمائي ان يقدم عملا جيدا الا بمساعدة طاقمه وفريق عمله، وأي خلل في عنصر من هذه العناصر سيؤثر سلبا على الانتاج في الأخير، لذا في الجزائر نحن نعان من مشكل التكوين، والتكوين اقصد في كل المجالات والأدوار السالفة الذكر، فالمخرج يستطيع أن يكون محترفا وماهرا لكنه إذا لم يجد مصورا محترفا أو مهندس اضاءة يحقق درجة الاضاءة وفي المعايير الذي حددها المخرج كمحترف لا يمكنه تقديم عملا محترفا، لذا فالسينما في الجزائر لا تعاني من مشكل سيناريو فحسب، كما يعتقد البعض بل الاشكال حاصل ايضا في الجانب التقني للعمل السينمائي من صوت وصورة وتركيب.. وعليه يمكنني القول بأنه بالرغم من الاحترافية التي يصل اليها المخرج او أي عنصر آخر ما شرك في الاخراج، الا أن عامل التكوين يبقى مهما وضروريا للارتقاء بالعمل السينمائي الى مصاف الأعمال العالمية، فصحيح ان المخرج يكتسب خبرة في الميدان، لكن حبذا لو يجمع بين الميدان والتكوين فهذا يجعله يبدع أكثر. ❊ على ذكر الاحترافية، كيف تختار ياسمين شويخ طاقم التمثيل؟ وهل تفضل الممثل المحترف أم الهاوي؟ ❊❊ في البداية أبدأ في البحث عن شخصياتي من المحترفين، فاذا لم أجد فيهم ملامح الشخصيات التي صنعتها من خلال كتابة السيناريو، فحتما أبحث عنها وأفتش عليها بين الموهوبين، واذا تحدثنا عن الممثل الحق، فهو ذلك الممثل الذي يحب دوره ويتقمصه جيدا ويعجب بالسيناريو، دون الاهتمام والاكتراث لميزانية المخرج او المنتج، فالممثلين في نظري مناضلين مثلهم مثل المخرجين وحتى تؤتي السينما آثارها ينبغي ان يكون هناك انسجام وتوافق بين كل فريق العمل. ❊ إلى جانب الاخراج أنت كاتبة سيناريو، حدثينا عن هذه التجربة. ❊❊ دخولي إلى عالم السينما كان بكتابة السيناريوهات، وأول سيناريو كتبته لما كان في عمري 14 سنة، أما عالم الاخراج السينمائي فدخلته في السنوات الأخيرة فقط، وأنا شخصيا أؤمن بالتخصص، فالمخرج يجب أن يقسم الأدوار والمهام على طاقمه كل حسب اختصاصه فالسكريبت سكريبت والمصور مصور... وكل واحد يهتم بتخصصه وبدوره في العمل السينمائي، ويجب على المخرج أن يتحكم في كل حيثيات الانتاج ولا يستطيع أي مخرج أن يسجد أفكاره على أرض الواقع الا بمساعدة طاقمه وهذا حتى يحصل على الاضاءة التي يريدها وكذا الصوت والصورة. ❊ هل كل الأفلام التي أخرجتها ياسمين شويخ هي نفسها كاتبة السيناريو؟ ❊❊ نعم لقد كتبت كل سيناريوهات أفلامي، وفي الحقيقة، أعتبر مسيرتي السينمائية انطلقت الانطلاقة الفعلية ابتداء من فيلم »الباب« والأعمال التي سبقته أعتبرها تجارب كان لابد من المرور عبرها. ❊ إذن فيلمك القصير » الباب« هو الذي ستشاركين به في فعاليات هذه الأيام الدولية، حدثينا عنه. ❊❊» الباب« هو فيلم قصير قمت بتصويره خلال 2006 وأخرجته خلال ,2007 يروي في ثماني دقائق، قصة فتاة ماكثة بالبيت تدعى »سامية« لديها رغبة واحدة وهي فتح باب يصدر منه ضوء سحري وموسيقى ساحرة، وهي تسعى جاهدة للاقتراب من هذا الباب، وكلما تقترب من هذا الباب تلتقي أحد أفرا د عائلتها فتضطر لمساعدته وتجد في كل مرة عائقا يعرقل وصولها الى الباب، ورسالة هذا الفيلم في أن الفتاة اذا خيرت بين رغبتها ومساعدة عائلتها، تختار مساعدة عائلتها دائما على تحقيق رغبتها. ❊ وما دلالة الباب في هذا الفيلم القصير؟ ❊❊ البا ب عموما له أكثر من معنى ودلالة، ويمكننا أن نعتبره مفتاحا للفرج او عائقا في الوقت ذاته، فالباب يحمل معاني كثيرة ويحمل العديد من التقلبات فهو يمثل الحرية والسجن الخارج والداخل، الحزن والفرح،، وللاشارة فإن هذا الفيلم شاركت به في مهرجان ''التاغيت الذهبي'' خلال العام الفارط. ❊ من خلال مشاركتك في هذه الأيام الدولية ما تقييمك للمشاركة الجزائرية؟ وما هي الأعمال الأجنبية التي نالت إعجابك؟ ❊❊ في بعض الأفلام الجزائرية المشاركة شاهدتها قبل هذا اللقاء في مهرجان تاغيت الذهبي، وأجد متعة كبيرة في اعادة مشاهدتها كما شاهدت ايضا بعض الأعمال السينمائية الجديدة لمخرجين شباب، وهي أعمال جديرة بالتنويه والتقدير. وعن الأفلام الأجنبية فقد اعجبت بالفيلم الكاميروني الذي عنونه صاحبه ب ''مرحبا'' وكذا الفيلم المغربي لملخرج احمد بيوض الذي كان عنوانه ''دمى من قصب''. ❊ هل تملك ياسمين شويخ تكوينا قاعديا في السينما؟ ❊❊ لقد درست اختصاص علم النفس وعلوم التربية بعد حصولي على شهادة البكالوريا، لكنني أردت التخصص في السينما، ولغياب المعاهد والمدارس التي تكون في هذا المجال لم استطع تحقيق رغبتي، وبما أنني في هذه المرحلة كنت أكتب سيناريوهات، ساعدني كثيرا تخصص علم النفس وفتح لي آفاقا واسعة في السينما، وجعلني على دراية واسعة بالانسان وأسراره الدفينة والكامنة، وكذا مختلف أنواع الشخصيات في كتاباتي أعالج حالات نفسية واجتماعية كثيرة. فكاتب السيناريو يجب أن يدرس الشخصيات ويفهمها قبل أن يجسدها على أرض الواقع. ❊ يوجد أفلام مشاركة في هذه الأيام سبق أن عرضت في مهرجانات سابقة »تاغيت وهران« فلماذا هذا التكرار؟ ❊❊ صحيح أنه هذه الأفلام تكررت وشوهدت أكثر من مرة لكن الجمهور كان يختلف في كل مرة، والبليدة لأول مرة تحتضن تظاهرة سينمائية كهذه، فالأوروبيون مثلا عندما ينتج المخرجون أفلامهم، تعرض في كل الدوائر والمحطات والمقاطعات للتعريف بالابداعات، وكذا التفاعل مع الجمهور الواسع والمتنوع، كما أن الأفلام السينمائية الجزائرية عرضت خارج الجزائر»تونس، المغرب، فرنسا« وصارت كل الجماهير تعرف مخرجيها، والجزائريون لا يعرفون مخرجيهم ولم يطلعوا على أعمالهم الابداعية. ❊ في الأخير ما هي مشاريع ياسمين شويخ السينمائية؟ ❊❊ أنا حاليا في اطار التحضير لفيلم سينمائي قصير بعنوان»الجن« قمت شخصيا بكتابة سيناريو الفيلم والاخراج طبعا، وسيكون عمل سينمائي برؤية جديدة.