تعيش البلاد موجة واسعة من الاحتجاجات شملت عدة قطاعات من البلديات إلى التربية، الصحة، العدالة، الجامعة، الثانويات، الجمارك، وغيرها، ورغم توسع رقعة الاحتجاجات إلا أنها لم تخرج إلى الشارع، ولم يشارك منظموها من نقابات وعمال في المسيرات التي دعت إليها التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية، ما يجعل المتتبع للساحة السياسية يطرح عديد التساؤلات حول الأسباب الحقيقية التي تمنع طرح انشغالهم في الشارع، أم أن الأمر رده نفور العمال من الأحزاب السياسية التي تراجع تمثيلها وتأطيرها للشارع، أم إلى الخوف من تردي الأوضاع؟ قال رئيس التنسيقية الوطنية للمساعدين التربويين، فرقاطي مراد، في تصريح ل” الفجر”، إن مطالب التنسيقية مهنية وليست سياسية، ما يجعلهم يتمسكون بخيار الاحتجاجات دون الخروج إلى الشارع أو المشاركة في المسيرات، وأضاف أن “القانون الذي نعمل به كنقابيين، يحتم علينا عدم التنسيق أو العمل مع أي حزب سياسي مهما كان”، مشيرا إلى أن “النقابة التي ينتمي إليها ترفض الانسياق وراء الأحزاب، التي تحاول تحقيق مطالبها على حساب المطالب المهنية للنقابة”، موضحا أنه خارج إطار النقابة، كل المساعدين التربويين أحرار في الانتماء السياسي، ولا يمكن إجبارهم على الخروج إلى الشارع أو منعهم من المشاركة في المسيرات. ولم يخف المتحدث مخاوفه من العودة إلى سنوات الإرهاب، وقال “إن الشعب عانى كثيرا من سنوات الإرهاب، لذلك نرفض الانصياع للأصوات التي تنادي بالمظاهرات والمسيرات”، وقال إن العمال يريدون العيش بكرامة دون الدخول في “المتاهات السياسية”، وخلص إلى أن المانع القانوني، الخوف من التدهور الأمني، وطبيعة المطالب المهنية، أسباب عدم مشاركة نقابته في المسيرات أو الخروج إلى الشارع. من جهة أخرى، عبر رئيس النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية “السناباب”، رشيد معلاوي، عن تفاؤله بقدوم اليوم الذي “تدخل فيه النقابات وحتى الطلبة في مسيرات بالشارع”، واعتبر في تصريح ل “الفجر”، أن المسيرات التي نظمتها التنسيقية كسرت حاجز الخوف، ما يشجع أكثر النقابات على الخروج إلى الشارع مستقبلا”، ومرجعا عدم انضمام الحركات الاحتجاجية للمسيرات إلى عاملين اثنين، “عدم اتصال التنسيقية بهم، وخوف تلك النقابات”. ومن خلال تتبع مسار الأحداث، فان النقابات ومنظمي الاحتجاجات ورغم تصعيدهم لسقف المطالب، إلا أنهم لم يخرجوا إلى الشارع، بسبب انعدام الثقة في الطبقة السياسية من جهة، والخوف من خروج المسيرات عن أهدافها المسطرة من جهة أخرى، ما يؤكد تأثير العشرية السوداء على الجزائريين، ومهنية المطالب ورفض تسييسها.