يُصنّف تقرير منظمة الشفافية الدولية الجزائر في المركز 105، ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، شأنها في ذلك شأن عدة بلدان عربية تعاني من الظاهرة، التي تعتبرها المنظمة سببا رئيسيا في مأساة الشعوب والأنظمة السياسية، وتدرجها في خانة الفشل الاستراتيجي لصناعة الاقتصاد القومي تقارير تؤكد إهدار الفساد ل9 بالمائة من الناتج المحلي العالمي عدة تقارير صدرت مؤخرا، وتناقلها الإعلام الأجنبي، تؤكد مدى هشاشة الاقتصاد العربي، الذي يئن وسط الفساد، الظاهرة الأكثر فتكا بالاقتصاد القومي، والتي تنعكس سلبا على سيادة الدول، وتنشر ما يسمى باقتصاد الفوضى الذي يحتكم إلى الرشوة والمبايعات غير الرسمية والسلطة المالية وخرق القوانين، مع التعدي على حدود التشريع المعمول به تجاريا، فضلا عن السعي إلى إسقاط الحكم في أية دولة تحت ضغط “سماسرة” الفساد على أصحاب القرارات، وإنشاء منظمات غير قانونية للتلاعب بكل ما يخدم مصالح الشعب، مركزة على أهم موارد الدولة واتباع سياسة المضاربات وتبييض الأموال، وخدمة الذات على حساب العموم. وهي المؤشرات التي تعتبرها منظمة الشفافية إلى جانب البنك العالمي في آخر إصداراتهما، أنها مصدر القلق العالمي وسبب ثورات الشعوب وانقلابات الحكم، كما تعتبرها منعكسا شرطيا لتهاون الدول النامية وبعض الدول المتقدمة في بناء اقتصاد قومي قوي معزز بإجراءات حمائية داخلية، قبل أن يتم استصدار إجراءات للحماية الخارجية. وبالنسبة للجزائر فقد أشارت التقارير الصادرة إلى تصنيفها في المركز 105، ضمن قائمة ل180 دولة، تم ترتيبها على أساس الدول الأكثر فسادا في العالم من الناحية الاقتصادية. وتتقاسم الجزائر مؤخرة الترتيب مع عدة دول عربية أخرى، منها سوريا، ولبنان، والمغرب ومصر، وهي تتفاوت من حيث الترتيب، فيما احتلت السودان، ليبيا واليمن المؤخرة عند المركز 175 ضمن سلم الفساد. ولقد تجلت، حسب التقارير الدولية، مأساتها ميدانيا، فيما اعتبرت فشل الجزائر في صناعة اقتصاد قومي “محمي” من الاضطرابات الدولية، قد تجلى في فشل مخططات التنمية رغم تخصيص أغلفة مالية بآلاف المليارات من الدولار والأورو، لم تصنع التغيير المرتقب والطفرة النوعية اقتصاديا، بقدر ما صنعت فسادا أخلط كل الأوراق السياسية، سارعت الحكومة إلى احتوائه بإعلان رفع الأجور وتسقيف أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع. غير أن هذه التقارير تؤكد أن الحل لن يأتي من التعويضات المالية لكل قطاع، بل الحل في إعلان قانون عمل جديد يخدم كل القطاعات وزيادة الأجور بنفس “الريتم”، تجنبا لتأجج الوضع الاجتماعي. وتشير معطيات المنظمة العربية للتنمية الإدارية، إلى أن ثلث الدخل القومي العربي منذ بداية الألفية، ذهب ضحية الأشكال المختلفة للفساد. ويُقدر البنك الدولي أن الفساد يهدر ما لا يقل عن 9 بالمئة من الناتج المحلي العالمي، ما يؤشر على تدهور الحالة الاقتصادية وإمكانية بروز أزمات مستقبلية “خانقة“ ستطيح بالنظام الليبرالي حتما، في انتظار مستجدات الوضع وما ستحمله رؤى القوى الجديدة، من الهند إلى البرازيل، مرورا بالصين والكوريتين واليابان، وإن كان الخبراء يتوقعون أيضا نهوض القارة الإفريقية من سباتها العميق مستقبلا، إن اندمجت في تكتل اقتصادي موحد.