فضلت العديد من وجوه المعارضة السياسية، بمختلف تياراتها الديمقراطية والاشتراكية والإسلامية، المرافعة لصالح النظام البرلماني، كاقتراح نموذجي للتعديل الدستوري المقبل، محتكمة في ذلك إلى المزايا العديدة التي يطرحها هذا النوع من الأنظمة وتكريسه للديمقراطية الحقة وحكم الشعب، مقارنة بأنظمة الحكم الأخرى إلى درجة أن حركة حمس شذت عن قاعدة التحالف الرئاسي في هذا الشأن، وضمت صوتها إلى أنصار هذا النظام، في حين اكتفى الأفالان بالإشادة بنوعية النظام البرلماني ملقيا بحجة عدم تبنيه على عاتق عدم توفر المناخ السياسي والاجتماعي في الوقت الحالي. من بين التشكيلات السياسية المعروفة بدفاعها المستميت عن النظام البرلماني، نجد حزب العمال الذي سبق الجميع في هذا الطرح، وعدد في أكثر من مناسبة مزايا هذا النظام، ووجد في إفلاس البرلمان الفرصة السانحة لتأكيد تمسكه بالنظام البرلماني، محتكما في ذلك إلى صلاحيات الشعب في سحب الثقة من المنتخبين الذين يخونون العهدة، ويعد النظام البرلماني أحد النقاط الجوهرية في برنامج الحزب وخيارا لا رجعة عنه لبلوغ الديمقراطية الحقة. وفي سياق مماثل، دافع رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، في حديثه ل”الفجر” عن النظام البرلماني، مشيرا إلى “إنه أفضل الأنظمة على الإطلاق وأحسنها لإرساء الديمقراطية وإشراك المواطن في تسيير الشأن العام عن طريق منتخبيه الذين يزكيهم”، مستبعدا أن تكون التعديلات الدستورية التي وعد بها رئيس الجمهورية، تمس جوانب حساسة، كالذهاب إلى نظام برلماني، على الرغم من كثرة المطالبين بإقراره. وأضاف المتحدث أن حزب الأفانا يتحفظ على تلك التعديلات التي ستقوم بها اللجنة المكلفة، مشككا في نوعيتها وجديتها، وتابع بأنه “كان من الأجدر بالسلطة أن تقوم بإعلان عن استفتاء حول نوعية النظام الذي يريده الشعب، لتمر بعد ذلك إلى التفصيل في تعديل الدستور بناء على رؤية شاملة للشعب”، وقال إن جميع الدساتير التي عدلت لم تأت بالجديد، لأنها “نوقشت على مستوى دوائر مغلقة”، مشيرا إلى أن المجلس التأسيسي لن يغير في الأمر شيئا، قياسا بما حدث في عهد زروال. وأوضح في رده على سؤال متصل بما إذا كانت الأفانا ستشارك في اللجنة أم تقاطعها قياسا بنظرته السلبية لها، “أننا سنشارك، ولكننا ندري أن وجهة نظرنا سوف لن تسمع، وسوف تمرر اقتراحات ممثلي السلطة”. ومن بين الداعين للنظام البرلماني في سياق الإصلاحات الدستورية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابه الموجه للأمة، عبد الله جاب الله، الذي قال في تصريح ل”الفجر”، إنه يساند التغييرات الرامية إلى إقرار نظام برلماني، لأنه الأحسن والأفضل ويصون خيارات الشعب ويتيح للجميع فرصة المشاركة في الحكم عن طريق ممثليه من القاعدة إلى القمة، وأضاف أن البرامج التي ستطبق هي تلك التي يصوت عليها الشعب وتنفذها الحكومة المنبثقة من خيار الشعب، وختم بالقول إنه أفضل بكثير من النظام الرئاسي والشبه رئاسي. من جهته، أكد نائب حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، أن الحركة تحبذ لو يتم تبني النظام البرلماني في التعديلات الدستورية المقبلة، مشيرا إلى أنها ستدافع عن هذا الخيار في ورشة تعديل الدستور، معللا ذلك بكونه أحسن الأنظمة الصالحة للانتقال من أنظمة ناقصة ديمقراطية إلى أنظمة ديمقراطية. وقال مقري إنه من بين النقاط التي تدافع عنها الحركة في التعديلات الدستورية المقبلة، الفصل التام بين السلطات واستقلالية كل واحدة عن الأخرى، بالإضافة إلى الاستقلالية التامة للقضاء وتوسيع الحريات من خلال رفع يد الإدارة وزيادة الحقوق، وواصل “من يريد تأسيس حزب سياسي أو صحيفة يتمكن من ذلك بمجرد إيداعه الملف، وأن تكون العدالة هي التي تفصل في قضايا الرفض بناء على أسباب موضوعية وليس تراخيص الإدارة”، وأضاف أن استحداث آليات لمحاربة الرشوة والفساد، هي نقطة أخرى توليها حمس أهمية قصوى، من خلال إشراك العديد من الهيئات حتى تكون المسؤولية جماعية، زيادة على ضمان حرية التعبير الكاملة والتجمع. وفي نفس الاتجاه صب رأي الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، جمال بن عبد السلام، حيث جزم بأن النظام البرلماني هو الأفضل على الإطلاق، مشيرا إلى أن الحركة سجلت العديد من النقاط في إطار استعدادها للمشاركة في الورشة المقترحة لتعديل الدستور، تدعو إلى توسيع أكثر للحريات والحقوق، استقلالية القضاء، إلغاء مجلس الأمة، حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات، تنظيم الإضرابات والمسيرات والتجمعات، ضمانات إضافية لحرية التعبير والرأي والصحافة. وفي ذات السياق، قال الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي، ميلود شرفي، إن حزبه سيشارك في الورشة الخاصة بتعديل الدستور، مبديا تمسك الأرندي، من حيث المبدإ، بالنظام شبه الرئاسي، على غرار النموذج الفرنسي الذي يعتبره الحزب الأنسب للجزائر وخصوصياتها، في انتظار ما ستسفر عنه النقاشات المشتركة للجنة المكلفة، وهو موقف غير بعيد عن ذلك الذي رافع عنه الأفالان على لسان أمينه العام، عندما أقر بأن النظام الرئاسي هو الأفضل للجزائر في المرحلة المقبلة.