قدّم خبير اقتصادي اسباني مؤشرات عدم التوازن بين ضفتي المتوسط، وأعلن عن مقترح بناء فضاء اقتصادي مشترك يسمح بتدفق رؤوس الأموال والعمالة بين العرب وأوروبا، وأكد أن الجزائر لا تشذّ عن قاعدة الاقتصاد الجزئي الموفّرة لمناصب الشغل، ما خفّض من متوسط الأجور محليا إلى 1.7 بالمئة مقابل ارتفاعها ب 3 بالمئة أوروبيا خبير إسباني يقترح بناء فضاء حرّ مشترك بين العرب وأوروبا “ينبغي على بلدان الضفة الجنوبية من المتوسط إعطاء الأولوية لتوفير مناصب الشغل في سياستها الاقتصادية المرتكزة في الوقت الحالي على نتائج الاقتصاد الكلي”، حسبما أكده، أول أمس، الخبير الإسباني في العلاقات الدولية، إيفان مارتن، وهو باحث مشارك في معهد الدراسات الدولية، أوضح أثناء محاضرة ألقاها بالجزائر العاصمة حول أزمة اختيار النموذج الاقتصادي والاندماج في المتوسط، أن برامج حكومات بلدان جنوب المتوسط ترتكز على سياسات الاقتصاد الكلي كمحرك وحيد للتنمية على حساب أدوات أخرى للاقتصاد الجزئي مثل توفير مناصب الشغل وإنعاش الصناعة. كما أكد في محاضرة نظّمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، أن الجزائر لا تشذّ عن هذه القاعدة بما أن النتائج الخاصة بالتنمية مماثلة لتلك المسجلة في البلدان الأخرى من الضفة الجنوبية من حوض المتوسط. وتابع يقول إن للجزائر سياسة اقتصادية مختلفة تماما عن البلدان العربية الأخرى الواقعة على ضفة المتوسط، إلا أن النتائج المتعلقة بالتنمية وتوفير مناصب الشغل والاندماج الدولي وحركية النمو تعد مشابهة جدا لتلك الدول. وفي هذا السياق، دعا إلى ضرورة إعادة النظر في النماذج الاقتصادية لهذه الدول ككل، والتي تؤدي - حسب - إلى توزيع أفضل للثروات، وتسيير أحسن للاقتصاد بنمط الحكم الراشد،. وأضاف إيفان يقول إن الانتفاضات التي حدثت في الوطن العربي مؤخرا، لم تكشف فقط عن أزمة في النموذج السياسي وإنما هي كذلك تترجم أزمة في النماذج الاقتصادية التي ينبغي تغييرها، وحتى الانفتاح الاقتصادي - حسب رأيه - الذي باشرته هذه الدول لإنعاش اقتصادياتها لم يحقق النتائج المرجوة وإنما على العكس من ذلك أدّى إلى ضعف حواجز حماية الاقتصاد وانخفاض الجباية والأجور، ولتعليل تبعات هذا الانفتاح والفرق المسجل في مجال الأجور بين ضفتي المتوسط، أشار إلى أن متوسط الأجور في الجزائر قد عرف ما بين 1996 - 2006 انخفاضا بنسبة 1.7 بالمئة، مقابل ارتفاع بنسبة 3 بالمئة في بلدان أوروبا. زيادة على ذلك، فإن تجربة الانفتاح الاقتصادي قد خلفت - كما قال - أنظمة إنتاجية ذات دخل ضعيف مقارنة بتلك الموجودة في أوروبا. وفي هذا الإطار، أوضح إيفان أن الحل يكمن “في إجراءات المرافقة” الخاصة بالحكومات، لا سيما لقطاعي التربية والتشغيل. كما أضاف أن “الحكومات مطالبة بتنفيذ سياسة تنافسية”، تساعد على توفير مناصب شغل منتجة، مشيرا إلى أنه في الجزائر كما في بقية بلدان المنطقة لا تعطي أهمية كبيرة للبعد المتمثل في توفير مناصب الشغل في مختلف البرامج العمومية الاستثمارية. وعن التحدي الأكبر بالنسبة للبلدان المتوسطية، فيقول ذات المتحدث إنه يكمن في ضمان تنمية موزعة بين الضفتين، مقترحا إنشاء فضاء اقتصادي مشترك مع حرية تنقل رؤوس الأموال والعمالة، وأن إنشاء مثل هذا الفضاء يتطلب - على حد قوله- “إقامة تدفق اقتصادي ومالي متطابق بين بلدان المنطقة”، وخلص في محاضرته إلى القول بأن التدفق المالي حاليا بين شمال وجنوب المتوسط لا يضمن هذا التطابق، مشيرا إلى العجز التجاري المقدر ب 30 مليار دولار للبلدان العربية ال8 مع أوروبا سنة 2010 ما يبرز هذا الاختلال في تدفق رؤوس الأموال، الذي ينعكس سلبا على طموحات إقامة الاقتصاد الحر المشترك.