شدّد الخبير في الدراسات الفلاحية المتوسطية، سيباستيان أبيس، على ضرورة تطوير الفلاحة في بلدان جنوب المتوسط وجعلها أولوية بالنسبة لسياسة الدول الأوروبية اتجاه جاراتها الإقليمية. وأوضح الخبير خلال ندوة نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، عشية أول أمس، أن المسألة الفلاحية همّشت منذ إطلاق مسار برشلونة سنة 1995، لكنه ينبغي أن تجعلها أوروبا أولوية في إطار التعاون مع بلدان جنوب المتوسط. وأشار إلى أن تمحور التعاون الأورو-متوسطي حول الطرقات السريعة البحرية وحول الطاقات المتجددة إيجابي، ولكنه ينبغي أولا التكفل بمسائل استراتيجية على غرار الفلاحة والتغذية، محذرا من الآثار التي قد تنجم عن التهاب أسعار المواد الغذائية على بلدان جنوب المتوسط في غياب مثل هذا التعاون. وعاتب الخبير الاتحاد الأوروبي على توقيف صادرات الصناعة الغذائية الآتية من بلدان جنوب المتوسط، معتبرا أن مسار تحرير التجارة بين أوروبا والضفة الجنوبية ناقص لأن أوروبا تتحدث عن إعفاءات جمركية لصالح هذه المنتوجات في الوقت الذي تضع فيه جملة من المقاييس القانونية والصحية. وبعد أن دعا إلى توجيه التجارة الأورو-متوسطية نحو أسواق المنطقة التي تضم 450 مليون نسمة، أشار الخبير إلى أن منتوجات الصناعة الغذائية لبلدان شمال إفريقيا غير مرغوب فيها بفرنسا. وأكد أن التعاون الفلاحي بين ضفتي المتوسط أضحى أكثر من أي وقت مضى ضروريا لمواجهة الأزمة الغذائية العالمية الجديدة، مضيفا أن بروز الثقافة الطاقوية كما هو الشأن في الولاياتالمتحدة حيث توجه نسبة 30 بالمئة من إنتاج الذرة للوقود الفلاحي والنمو الكبير للسكان العالميين، لا سيما في آسيا وكذا مضاربات البورصة بخصوص المواد الغذائية الحيوية، ترد ضمن العوامل التي قد تعجّل بظهور هذه الأزمة. وأوضح الخبير أن الارتفاع المذهل لاستهلاك القمح في البلدان العربية المتوسطية يثير هو الآخر انشغالا، مشيرا إلى أن بلدانا كالجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومصر تمثل أقل من 2 بالمئة من السكان العالميين، ولكن 6 بالمئة من استهلاك القمح و20 بالمئة من واردات هذا المنتوج. واقترح في هذا السياق تشكيل مخزونات من حبوب المتوسط لمساعدة هذه البلدان على مواجهة التهاب محتمل لأسعار القمح العالمية.