عندما اندلعت المظاهرات في ليبيا ضد القذافي كنا نعتقد أن الثورة في ليبيا ستؤدي إلى جعل القناة التلفزية الليبية المسماة بالجماهيرية مثل قناة الجزيرة في المهنية وقول الحق! لكن الذي حصل هو أن قناة الجزيرة هي التي تحولت إلى قناة تشبه "الجماهيرية" في قلة المهنية و"البروباغندا" الكاذبة التي لاتستند إلى منطق مهني! وهكذا عوض أن نغير الوضع الإعلامي في إعلام ليبيا غيرنا الوضع المهني في قناة "الجزيرة" التي كان يرى فيها الرأي العام العربي قناة العرب الأحرار! نعم لقد تحولت قناة "الجزيرة" إلى ما يشبه قناة "الجماهيرية" في قلة المهنية في معالجة الأخبار القطرية.. فقد رأيت في شريط خبري مضحك بثته القناة حول الأيادي القطرية البيضاء السابغة على الثوار الليبيين وهم يعالجون أنفسهم في مستشفيات قطر! تماما مثلما تفعل قنوات التلفزة العربية الأكثر تخلفا مع حكام العرب! حتى الإعلام المصري الذي حررته الثورة في الأسابيع الأولى للثورة المصرية عاد إلى عادته القديمة في تمجيد الحاكم.. وأصبح لا يرى إلا ما يراه المجلس الأعلى للعسكر الذي يحكم مصر بعد الثورة! وبدأ الوضع في مصر يتحول شيئا فشيئا من ثورة على نظام الحكم وقلبه رأسا على عقب إلى مجرد "هوشة" سياسية بين الجناح العسكري في الحكم والجناح المدني الذي يسمى الحزب الوطني.. وإن الرئيس مبارك أخطأ في حساباته حين سمع رأي أبنائه وزوجته، وانحاز إلى حزب رجال الأعمال والمال الذي يرأسه ابنه.. ولم يسمع رأي العسكر أصحاب الحق الإلهي في تعيين وعزل الرؤساء! فانقلب العسكر على الحزب والحكومة والرئيس وزجوا بالجميع في السجن دون أن يمس العسكر بسمعة شخص واحد من صفوفهم! وعندما يهدد مبارك العسكر بأنه سيكشف ما يعرف عنهم إذا حوكم هو وأبناؤه فذاك يعني أن مصر مقبلة على قلاقل كبيرة، وأن ما يسمى بالثورة المصرية هي مجرد لعب عيال! مصر الآن مخيرة بين أن تقبل برئيس يفرضه العسكر بتزوير المرشحين وليس الانتخابات، يكون هذا الرئيس المفروض عسكريا مجرد "طرطور" في يد المؤسسة العسكرية، أو بفرض الشعب رئيسا من خارج إرادة العسكر.. وهذا أمر صعب يمكن أن يؤدي إلى قلاقل لا يمكن أن يتنبأ أحد بحجمها ومداها! في 23 يونيو وقع انقلاب عسكري على الملك حوله العسكر والشعب إلى ثورة أبقت العسكر في الحكم 60 سنة.. وفي 25 جانفي 2011 نفذ العسكر انقلابا على حزب الرئيس بواسطة الشعب.. والهدف هو بقاؤهم في الحكم بصورة أو بأخرى! لهذا قال مبارك إنه ندم على أنه استقال وندم على أنه لم يأخذ برأي سوزان التي أشارت عليه بالهرب إلى السعودية ورفض! مبارك كان يعتقد أنه من المؤسسة ولا يمكن أن يمسه العسكر بسوء.. ونسي المسكين أن الرئيس القادم لابد أن يبني مجده على جثته وجثث رجالات حكمه!