قدمت تالا للإنتاج، مساء يوم الخميس، العرض الشرفي الأول لأربعة أفلام قصيرة تحت عنوان Alger demain، بمساهمة الوكالة الوطنية للإشعاع الثقافي والديوان الوطني لحقوق المؤلف وبنك الخليج ومؤسسة بول للإنتاج. الأفلام من إخراج شباب جزائري يحمل رؤية تصويرية وتقنية وجمالية جديدة، مكنت الحضور من اكتشاف مواهب سينمائية حقيقية “إننا ندرك جيدا أهمية الفيلم القصير، سواء بالنسبة للمسار المهني للمخرج أو الحركة السينمائية ككل، لذا أخذنا على عاتقنا عملية إنتاج هذه الأربعة أفلام قصيرة مع مساهمة عدد من المؤسسات الوطنية، لأننا نؤمن أولا بمواهب المخرجين الأربعة، وكذا الموضوع المشترك الذي تصب فيه هذه الأفلام، وهو الرؤية الجديدة بعيون السينمائيين لشباب الجزائر”.. بهذه الكلمات عرف المنتج الشاب ياسين بوعزيز ومدير تالا للإنتاج. الفيلم الأول للمخرج رؤوف بنية، جاء بعنوان “يوم في العاصمة”، يحكي يوميات شاب جزائري يعيش التناقض بين ما هو مفترض أن يكون والواقع الصادم، حيث يبدأ الفيلم بصورة عصرية لشاب جزائري يعيش بمفرده يتولى إدارة مؤسسة ناجحة، يصل إلى عمله في ظرف 15 دقيقة عن طريق ميترو الجزائر، يعقد صفقته التجارية بواسطة تيليكفيرونس ويتعامل مع والديه بكل أدب واحترام حتى أنه يرسلهما في رحلة إلى أوروبا، لكن كل هذا مجرد حلم، هي الساعة الآن السابعة صباحا.. والحقيقة تقول إنه نام بملابسه في غرفة المعيشة، يبدأ الشاب يومه بصراخ الوالدة وبعدها مشاكل المواصلات، حتى التاكسي لا يسدي الخدمة بشكل صحيح ويوصله إلى منتصف الطريق فقط، الصفقة لا ترسو عليه، والحاسوب الذي من المفروض أن يستعمله من أجل عقد الصفقة يجد السكرتيرة تتسلى به وتحكي عن مغامراتها في الفيسبوك، يعيش الشاب أثناء ذلك حالة الوجع بين حلمه والواقع المعاش، وبرفقة صورة سينمائية جميلة وتقنيات حديثة يقدم لنا المخرج رؤوف بنية حلم الشباب في جزائر الغد. “تسويف” أو”إرجائية”، هو عنوان الفيلم الثاني لاتيان خلاب، من بطولة الممثل خالد بن عيسى الذي يعيش قصة حب مع مينا التي تتحدث معه من خلال الذاكرة وتترجاه أن يكلمها لكنه يؤجل ذلك ويذهب لموعد مع صديق، وبالتالي يؤجل حلم وصوله للحب، وكأنه يقول في الجزائر يتأجل كل شيء.. لاسيما الحب. أما الفيلم الثالث، وهو أهم الأفلام على الإطلاق وأكثرها تأسيسا، جاء بعنوان “غدا الجزائر” للمخرج أمين سيدي بومدين، يروي حكاية أربعة أصدقاء يتواجد ثلاثة منهم أسفل مبنى الحي ينتظرون وداع صديقهم الذي سيهاجر إلى فرنسا، لكنه يفضل عدم رؤيتهم، أثناء الانتظار يلح أحدهم على ضرورة الذهاب غدا إلى العاصمة ولا نفهم السبب، يرفض أحدهم الذهاب بينما يجسد القلق في الفيلم بواسطة السيجارة، ينزل الصديق الذي سيهاجر إلى فرنسا برفقة والده وحقائبه، يطلب منه والده أن يسلم على أصدقاء طفولته لكنه يرفض، وعندما تخرج السيارة من الموقف يجتمع الثلاثة في لحظة قهر، ويؤكدون موعدهم يوم غد في العاصمة عند حدود العاشرة صباحا، قد نعتقد أن الشباب سيقدمون على أمر ما، على الحرڤة مثلا، لكن الجنيريك يقول إننا في 4 أكتوبر 1988 وغدا 5 أكتوبر 1988. الفيلم الأخير لزكريا سعيداني، يصور حالة شخصية تعاني ازدواجية الشخصية، تحكي حكايتها مع الماضي، الحب، الجامعة والتمثال الذي يعني علاقته العاطفية مع الحبيبة. الفيلم يحمل فكرة جميلة مفادها أننا في الجزائر نعيش التناقض كحالة مرضية متقدمة، تماما كما بائع السجائر الذي أمسى يرتدي بذلة سوداء وإلى جانبه رفيقته وكأنهما سيذهبان إلى الأوبرا، يتقدم ليسأل البطل عن إمكانية مرور حافلة من هنا؟ في حين هيئتهما لا توحي أبدا بركوب الحافلة.. ما يعاب على الفيلم الأخير عدم مقدرة المخرج على تجسيد الفكرة، حيث يحتاج المشاهد جهدا كبيرا في ربط الأحداث. المبادرة لقيت استحسانا كبيرا في أوساط الحاضرين، حيث أعرب بجاوي أن السينما الجزائرية في أيدي الشباب والمطلوب منهم الدفاع عن أفكارهم. للذكر تالا فيلم أنجزت من قبل عدد من الكليبات الموسيقية والفيلم الوثائقي “لقاء”، وتشرف على المهرجان الوطني للجاز.