بدأت الأمور تتضح في "الثورة المصرية".. فالأمور تتحول بسرعة من ثورة شباب على المظالم إلى مجرد هوشة سياسية بين أجنحة الحكم! استطاع الجناح العسكري عبرها أن يصفي الجناح المدني أو لنقل جناح الرئيس العسكري الذي بدأ محاولة نزع حق العسكر في مصر الأبدي في تعيين الرئيس الذي يحكم مصر.. وهذا من خلال تقوية آلة الحزب الوطني الذي يرأسه ابنه ودعمه بآلة المال والفساد وآلة الشرطة التي صار عدد أعضائها بالملايين. ليس من الصدفة طبعا أن يقوم مبارك بعزل وزير الدفاع أبو غزالة لأنه تجرأ وعارض مبارك ضمنيا وقال لا للتوريث! وليس من الصدفة أن شباب الفايسبوك تدرب بعضهم في أمريكا على يد الخبراء الأمريكان في الفايسبوك.. وكيف استخدم في نصرة وصول أوباما الرجل الأسود إلى البيت الأبيض! وليس من الصدفة أن الشباب المصري الذي ثار بالفايسبوك كان يتظاهر في ميدان التحرير ويقول "الشعب والجيش يد واحدة"! وكأن الجيش ليس آلة من آلات الحكم المباركي الفاسد!؟ في هذا الوقت كان أكثر من 25 جنرالا من كبار قادة الجيش المصري في الولاياتالمتحدة وعلى رأسهم قائد الأركان! ولا تقولوا: إن هؤلاء كانوا في أمريكا يتآمرون معها على أمن إسرائيل أو على أمن أمريكا؟! ومبارك يتعرض إلى ضغوط عسكرية عالية من أجل التنحي مقابل وعد بأن لا يتعرض لأية متابعة هو وحاشيته وأبناؤه.. ولكن بقدرة قادر تتحرك آلة الضغط بما يسمى بشباب الثورة للضغط على العسكر بأن يجرجروا مبارك وعائلته.. إلى درجة أن الثورة تحولت من ثورة على نظام الحكم الفاسد برمته إلى ثورة على مبارك ورجاله فقط! وها هي الصورة تتضح اليوم أكثر من أن الأمر لم يكن سوى "ثورة عسكرية" بنكهة انقلاب نفذها العسكر بالشباب المعد سلفا! ولهذا قرر العسكر أن يضعوا الترتيبات اللازمة لتنصيب رئيسهم على رأسهم وعلى رأس مصر.. ومن هنا جاء قرار السماح للعسكر بالتصويت لأول مرة في تاريخ مصر.. وهذا معناه أن العسكر هم الذين سيرجحون من يحكم مصر بواسطة أصوات العسكر! وبكل ديمقراطية أيضا؟! ويضاف إلى هذا أيضا السماح للمصريين المقيمين في الخارج بالتصويت لأول مرة وهي نافذة أخرى لدعم إدارة العسكر في فرض من يرونه مناسبا ليحكموا به مصر كما كان الأمر في عهد ناصر والسادات ومبارك قبل أن يستولي عليه حزب المفسدين! هذه مصر الأمل حالها هكذا فكيف يكون حال بقية الثورات العربية في ربيع العرب العاصف!