لم أفهم توقيت تصريحات الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، في هذا الظرف بالذات، وما المراد من كلام كهذا من شأنه أن يصبّ الزيت على النار، في وقت نحن بحاجة ماسة إلى رصّ الصفوف أمام المخاطر المحدقة بالبلاد، من مخططات تجزئة للمنطقة العربية، ومخاطر محدقة بالجزائر تحديدا !!؟ لو قال بن بلة هذا الكلام في ذكرى التصحيح الثوري يوم 19 جوان مثلا؛ لقلت إن المناسبة قلبت المواجع على الرجل، وكنت أتمنى أن يكون كلام الرجل نابعا من تخاريف شيخوخة لو لم يسبق له وصرح بكلام مماثل في كذا مناسبة، وقال نفس الكلام، إنه “مرّوكي” وإنه أول نوفمبر، وأول نوفمبر هو، في مجلة الوطن العربي التي كانت تصدر في باريس سنوات الثمانينات، وتكرار مثل هذا الكلام الآن قد يوحي بالعنصرية. فمن حرّك لسان الرجل ؟ وفي مصلحة من سيصب مثل هذا الكلام ؟ الأكيد أنه لن يصب في وعاء مصلحة الجزائر. كنت أتمنى لو قال بن بلة إنه كزعيم تاريخي تمنى أن يرى المغرب العربي الكبير الذي حلم به زعماؤنا الثوريون، يتحقق قبل أن يرحل هو إلى الدار الأخرى، وأن يرتمي المغرب “المرّوك” في أحضان المنطقة المغاربية، لما يجمعنا من مقومات ومن موروث حضاري واحد، لا أن يصبح اليوم جزءا من نادي أثرياء الخليج، الذين يتربصون سوء بالجمهوريات العربية، ويقضون على حلمنا في إسقاط الحدود. لا أن يقول إن والدته ووالده مرّوكيان، ثم يسقط الصفة الجزائرية عن زعيم تاريخي آخر سجلّه النضالي حافل بالبطولات، حسين آيت أحمد، كيف يكون هو المروكي جزائريا ويرأس الجزائر وآيت أحمد القبائلي ليس جزائريا ؟ ولا يسمح له حتى بأن يصبح وزيرا في الجزائر؟ ثم ما دام هو مروكي وهو أول نوفمبر، فهذا يعني أن مفخرتنا التاريخية من صنع المغرب، أليست هذه تخاريف شيخوخة ؟ هذا تحريف للتاريخ ولنضال الرجال ليس إلا، ومن قال إن بوضياف عسكري، بوضياف مناضل سياسي ولم يكن يوما عسكريا، والتاريخ يذكر بأن بن بلة هو من كان عسكريا في صفوف اللفيف الأجنبي الفرنسي في الحرب العالمية الثانية ووشح صدره الجنرال دوغول نظير بلائه الحسن في الحرب ضد الألمان. كل كتب التاريخ تقول بأن نوفمبر كان أوراسيا، ولن ينجح بن بلة في تزييف هذه الحقائق، والرجل الوحيد الذي من حقه أن يقول إنه هو نوفمبر، كتب له الله الشهادة وهو بن بولعيد أسد الأوراس، الذي ترأس اجتماع 22 الذين حضروا لتفجير الثورة، وقاد اجتماع الستة، مجموعة التنسيق والتنفيذ، الذي قرر تاريخ الثورة، ولم يكن بن بلة واحدا من هؤلاء، وبن بولعيد هو من أضاف اسم بن بلة وآيت أحمد وخيدر الذين كانوا بالخارج إلى مجموعة الستة لتصبح مجموعة التسعة، فكيف يكون بن بلة مرادفا لأول نوفمبر ؟ لا أقول إن بن بلة يصفي اليوم حساباته مع التاريخ؛ فالتاريخ أكبر من أن تمسح به أحذية الرجال، وآمل ألا يحاول بن بلة تصفية حسابه مع الرجال، لأن بن بلة أكبر من أن ينزل إلى هذا المستوى؟؟