بعد عام على الهجوم البحري الإسرائيلي على أسطول للمساعدات الإنسانية كان متوجها إلى غزة، تبدو الدولة العبرية معزولة عن المجتمع الدولي وفي مواجهة محاولة جديدة لكسر الحصار البحري على القطاع وأسهم الهجوم الذي أدى إلى مقتل تسعة أتراك في 31 ماي، في تأزم العلاقات التركية الإسرائيلية المتوترة أصلا، ولعب دورا كبيرا في تعميق عزلة إسرائيل الدولية بعد إدانة دولية واسعة للعملية التي استهدفت ست سفن تنقل مساعدات إلى القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس. وبعد مرور عام، تواجه إسرائيل التي ما زالت علاقاتها مع أنقرة باردة، أزمة أخرى تتمثل في أسطول ثان سيتألف من 15 سفينة تستعد للإبحار باتجاه غزة في نهاية جوان. وقالت منظمة الإغاثة الإنسانية وهي جمعية خيرية إسلامية مقرها إسطنبول نظمت “أسطول الحرية” الأول العام الماضي، إن نحو 1500 متطوع من أكثر من مئة دولة سيشاركون في القافلة الجديدة في محاولة لكسر الحصار البحري على قطاع غزة المفروض منذ 2006. وستشارك السفينة “مافي مرمرة” التي جرت المواجهات على متنها العام الماضي في “أسطول الحرية” الثاني. وقال مدير المنظمة بولنت يلديريم في وقت سابق هذا الشهر “إذا كان لديكم ضمير حي، فيجب أن تسمحوا بهذا الأسطول الثاني وإلا كل ما تفعلونه سيرتد عليكم”. وبعد الهجوم، حدثت محاولات مماثلة عديدة للوصول إلى قطاع غزة، كان آخرها قبل أسبوعين. وقد أطلقت قوات إسرائيلية عيارات تحذيرية باتجاه سفينة مساعدات ماليزية اقتربت من غزة، ما دفع السفينة إلى الانسحاب إلى مصر. ووجهت تركيا التي ما تزال تطالب إسرائيل باعتذار رسمي وتعويضات لعائلات الضحايا، تحذيرا إلى الدولة العبرية بعدم استخدام القوة في مواجهة القافلة الجديدة. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو لقناة “أن تي في” التركية إن “تركيا سترد بالشكل المناسب على أي عمل استفزازي مكرر من إسرائيل في البحار”. وترى إسرائيل أن محاولات كسر الحصار البحري على غزة تحركات سياسية وليست محض إنسانية. وقد عرضت مرارا نقل أي مساعدات حسنة النية مباشرة إلى غزة شرط أن تكون قادرة على فحص البضائع لمنع تهريب الأسلحة إلى حماس أو أي من الجماعات المسلحة الفلسطينية. وقال مارك ريغيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو: “إن فكرة أسطول آخر ليست ضرورية وتشكل عملا استفزازيا”. وأضاف: “قمنا بدعوة الحكومات العادلة إلى أن تفعل ما بوسعها لمنع حدوث ذلك مرة أخرى”، مؤكدا أن إسرائيل “ستواصل التأكد قدر الإمكان من أن البضاعة الوحيدة التي تصل غزة هي التي يتم فحصها للتأكد من أنها لا تحتوي على أسلحة”. وفرضت إسرائيل حصارا بحريا مشددا على قطاع غزة في جوان 2006 بعد خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي ما زال محتجزا. وشدد الحصار بعد مرور سنة على ذلك عندما استولت حركة حماس على قطاع غزة، إلا أنها خففت من القيود والحصار بعد الانتقادات والضغط الدولي الذي تلى حادثة “أسطول الحرية”. وترى إسرائيل أن قدوم أسطول جديد يشكل جزءا من استراتيجية فلسطينية تهدف لنزع الشرعية عن الدولة العبرية على الساحة الدولية. وقال المحلل السياسي في “مركز هرتسيليا المتعدد المجالات” جوناثان سباير إن”هذه زيادة تدريجية ولكن مؤثرة في محاولات نزع الشرعية عن إسرائيل كالمقاطعة وغيرها”. وأضاف أن محور هذا الاستراتيجية هو محاولة الفلسطينيين التوجه للأمم المتحدة للحصول على اعتراف بدولتهم المستقلة في سبتمبر المقبل، في تحرك يتوقع أن يلقى تأييدا واسعا. وقال “إن هناك شعورا بأنه بعد سبتمبر، لن يعني الإعلان الكثير في الواقع لكن الأجواء المضادة لإسرائيل على الساحة الدولية تتزايد وستزداد بشكل أكبر بعد سبتمبر”.