في وقت يعيش فيه الشمال الإفريقي، وخصوصا منطقة الساحل، تحولات جيوسياسية كبرى، وفي خضم تداعيات الحرب في ليبيا وترجيحات باحتمال نقل قاعدة الأفريكوم من ألمانيا إلى ليبيا، أمام رفض الجزائر لهذا المعطى، حلّ أمس قائد القيادة الأمريكية لإفريقيا ال”أفريكوم”، الفريق الأول كارتر هام، بالجزائر، في زيارة رسمية تنتهي اليوم، وتبدأ معها أسئلة كثيرة حول خلفياتها.. أجرى قائد القيادة الأمريكية لإفريقيا ال”أفريكوم”، أمس، محادثات رفيعة المستوى مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ووزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، وكل من الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالشؤون المغاربية، عبد القادر مساهل، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، عبد القادر ڤنايزية، ويتباحث فيها حول تعزيز التعاون العسكري الثنائي بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والقاري. وقال بيان للسفارة الأمريكيةبالجزائر، تسلمت “الفجر” نسخة عنه، إن زيارة قائد الأفريكوم، تندرج في إطار المشاورات المنتظمة بين الولاياتالمتحدةوالجزائر، وأن الفريق أول كارتر هام التمس نصائح وتوصيات السلطات الجزائرية حول مواضيع مختلفة لتحسين المساعدات الأمريكية في الدول الإفريقية. واستنادا إلى ذات البيان، تولى الفريق أول هام، منصب قائد القيادة الأمريكية لإفريقيا الكائن مقرها في شتوتغارت بألمانيا يوم 9 مارس 2011، وعمل في العديد من الدول على غرار جورجيا، إيطاليا، ألمانيا، المملكة العربية السعودية، قطر، مقدونيا والعراق، كما شغل منصب مستشار لدى الحرس الوطني في السعودية ومنصب قائد اللواء متعدد الجنسيات في الموصل بالعراق. وسيتطرق القائد العسكري الأمريكي مع المسؤولين الجزائريين الى قضايا تتعلق بملف الإرهاب في الساحل والتهديد الأمني لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومسائل ذات صلة بأمن المنطقة كتجارة الأسلحة، وهي من أهم القضايا التي تهتم بها الأفريكوم، خاصة مع بداية بروز التداعيات الأمنية الأولى المترتبة عن الأزمة في ليبيا، وانتشار الأسلحة الخفيفة القادمة منها في صحراء الساحل. وتسبق زيارة قائد الأفريكوم إلى الجزائر لقاء دولي ستنظمه الجزائر في الثلاثي الأخير من السنة الجارية، حول ملف مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، تقرر تنظيمه بإجماع دول الساحل الأربع، في اللقاء الأخير المنعقد في مالي بمشاركة الجزائر، وستشارك فيه الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وقد فوّضت دول الساحل الجزائر بإجراء الاتصالات مع الشركاء من خارج المنطقة، ويرجح أن تشمل المباحثات التي يجريها المسؤول العسكري الأمريكي مع رئيس الجمهورية وباقي المسؤولين السامين، التحضير لهذا اللقاء الهام. وجاءت زيارة القائد العسكري الأمريكي إلى الجزائر، وهي الثانية من نوعها، في ظرف تتميز فيه العلاقات الثنائية بين واشنطنوالجزائر على المستوى الأمني بتوافق في المواقف المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وظهر ذلك من خلال تزكية واشنطن في أكثر من مرة لسياسة الجزائر في القضاء على الظاهرة، خاصة موقفها الرافض لدفع الفدية للجماعات الإرهابية مقابل تحرير الرهائن المختطفين من قبل تنظيم القاعدة، كما بدا هذا التوافق جليا مؤخرا في دعوة رئيس مجلس الشيوخ الأمريكي العواصم الأوربية إلى الالتزام بالتوقف عن دفع الفدية للجماعات الإرهابية في منطقة الساحل. كما تأتي زيارة الفريق الأول كارتر هام، الى الجزائر، في ظل تصاعد التوقعات حول نقل إقامة قاعدة الأفريكوم من ألمانيا الى ليبيا، رغم أن السفير أنتوني هولمز، نائب قائد الافريكوم للشؤون المدنية، كان قد أكد منذ حوالي سنة أن هذه المنظمة العسكرية لا تفكر في نقل مقرها رغم أن دولا إفريقية عرضت عليها ذلك، موضحا حينها أن “ الأفريكوم” تتعامل مع موضوع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من خلال العمل مع حكومات المنطقة، ولا تقوم بتدخل مباشر، مثل القيام بغارات، وعمليات عسكرية، وكل ما تقوم به هو أنها تساعد جيوش المنطقة على تطوير حرفيتها، والعمل مع الحكومات من أجل وضع مقاربة للمشكلة.