حاولت الممثلة والفنانة المصرية، وفاء الحكيم، من خلال هذا الحوار الذي جمعها، مساء أول أمس، مع “الفجر”، أمام مبنى محي الدين بشطارزي بالعاصمة، في إطار مشاركتها في فعاليات الطبعة السادسة من المسرح الوطني المحترف، أن تسلط الضوء على الأهمية الكبيرة التي تكتسيها هذه الزيارة التي تقود وفدا رسميا من مصر إلى الجزائر بعد قطيعة فنية وثقافية قاربت السنتين.. مصر كلها تراهن علينا في إعادة بعث العلاقات بين البلدين بعد قطيعة فنية بين الجزائر ومصر، ها أنتم تحضرون جنبا إلى جنب مع كوكبة من المبدعين الجزائريين، وتشاركونهم احتفاءهم بطبعة جديدة من المسرح الوطني المحترف، ما هي قراءتك لهذه الزيارة؟ حقيقة لقد كان الجمهور الجزائري والمثقفين من كتاب ومسرحيين وإعلاميين، في قمة الجود والكرم معنا، وطوال تواجدنا في الجزائر لم نشعر أبدا أن هناك قطيعة بين الشعبين المصري والجزائري. وشخصيا لم تختلف زيارتي هذه عن زياراتي السابقة إلى الجزائر التي تجمعني بها علاقة طويلة جداً تمتد إلى سنوات التسعينيات، يوم قمت بجولة فنية مع وفد مصري قادتنا إلى الغرب الجزائري، وقدمنا حينها عرضا بالمسرح الجهوي لوهران أياما فقط بعد اغتيال المسرحي الكبير عبد القادر علولة. .. هل كنت خائفة من الزيارة، خاصة بعد كل العواصف التي أثرت على سير العلاقة بين المصريين والجزائريين بعد واقعة أم درمان؟ في البداية كنت متخوفة قليلاً من الزيارة، لسبب واحد هو أن هناك الكثير من الوجوه الفنية والسينمائية والإعلامية والسياسية المصرية التي أساءت إلى الجزائر والجزائريين، وباعتبارنا أول وفد يزور الجزائر بعد قطيعة طويلة كان يخالجنا نوع من الخوف من ردة فعلكم على هذه الزيارة، ولكن كان لدي إحساس كبير أنكم شعب لا مثيل له، شعب يعرف كيف يسامح وكيف يكرم ضيوفه. لهذا كان الخوف يتبدد كلما اقترب موعد السفر، والحقيقة أن رهاننا الكبير كان على الجمهور الجزائري. وبعد أيام من تواجدي بالجزائر اكتشفت كم أنتم كرماء مع ضيوفكم، فاستقبلتمونا بكل حب وود. ترى كيف عاش الفنان المصري ثورة 25 يناير؟ ولم يكن يختلف مع عامة الشعب لأنه منهم وإليهم، فقد خرجنا إلى ميدان التحرير مند 23 يناير، وعايشنا التطورات التي شهدتها مصر في ذلك الوقت لحظة بلحظة، وقد كان ميدان التحرير بالنسبة لنا كخشبة المسرح، وكان علينا أن نقدم أدوارا حقيقية لأول مرّة في حياتنا سواء كفنانين أو كمصريين. ولعل أبرز ما خرجنا به من تلك الأيام هو أننا أيقنا أن الركح لطالما كان هو أفضل وسيلة لفضح الأنظمة الفاسدة، تماما كما فعلنا نحن، فلقد كان المسرح فاضحا لعدّة تجاوزات في الفساد وفي نظام الحكم السابق الذي كان ينخر في المجتمع المصري. كما واكب المسرح جملة من الفضائح التي كانت تحاك ضدّ الشعب، ولعل ما قدم في النص المسرحي الموسوم ب”أخبار.. أهرام.. جمهورية”، خير دليل على ذلك. برأيك هل ستساهم مسرحية “البروفة الأخيرة”، التي تقدمين فيها دور البطولة، في عودة العلاقات بين الجزائر ومصر كما كانت في السابق؟ كما سبق وقلت لك، في بداية الحديث، نحن سنحاول أن نقدم من خلال هذه المشاركة صورة جيدة عن مصر وعن المصريين الذين يكنون محبة واحترام خاص للجزائر والجزائريين، هو ليس وليد اللحظة ولكنه منذ سنوات طويلة جداً، والمسرحية التي ستعرض بعد قليل بركح بشطارزي - الحوار أجري أمس -وسيعرض يوم غد الجمعة بقصر الثقافة مفدي زكرياء، تأتي لتزيل بعض الجليد الذي أعاق سير العلاقة بين الشعبين الشقيقين الجزائر ومصر، ونحن ومصر كلها تراهن علينا في إعادة بعث العلاقة بين الشعبين. ونحن علينا اليوم أن نسعى جاهدين لترسيخ صورة المصريين الحقيقيين، وأن نجمل ما حاولت بعض الأطراف المحسوبة على النظام السابق تكريسه. فوزارة الثقافة التي أوكلتنا للقيام بهذه المبادرة اختارت نخبة من أهم الفاعلين في المشهد المسرحي لتمثيل مصر في هذا المهرجان، ولكل عضو من الوفد قصة مع الشعب الجزائري تمتد لسنوات طويلة، ونحن لم نكن مسؤولين على ما بدر من تجاوزات ارتكبها البعض باسم الشعب المصري والمثقفين المصريين. هل تعكس مسرحيتكم بوادر الثورة الجديدة؟ نحن نقدم مسرحية “البروفة الأخيرة”، للمخرج سامح مهران، منذ حوالي ثماني سنوات، وكأنها استشراف لما حدث في مصر مؤخراً، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الملك لثرورته على بناته، ومن ثم أصبح مجنونا يجمع أوراق الكلينكس المرمية على الأرض.. وهي نهاية كل طاغية. بعد نجاح ثورة شبابكم، قام هؤلاء بتصنيف الفنانين في قوائم الولاء والخيانة. ما كان رأيكم كفنانين في هذه التصنيفات وهل ظلمت البعض منكم؟ أنا ضدّ العقاب العنيف على الفنانين أو غيرهم، ولكنني بالمقابل أرفض أن يسيس الفنان وأن يتحدث باسم السلطة، خاصة إذا كانت هذه السلطة ضد إرادة الشعب، وتعمل على قمعه. ولكن وجب على هؤلاء الشباب أن ينسوا ويسامحوا من أخطأ في تقدير الأمور، لأن عددا كبيرا من الفنانين تعرض لضغوطات من قبل أجهزة أمن الدولة التي كانت تابعة لنظام مبارك، وأنا أدعو هؤلاء للاقتداء بكم في المسامحة والعفو. النقيب السابق للفنانين، أشرف زكي، قرر الترشح من جديد لقيادتكم. هل من تعليق منك على ترشحه؟ أنا ضد وجود هذا الشخص من جديد في النقابة، فمواقفه لم تكن مشرفة لا مع الفنانين ولا مع الشعب، وهو لم يخدم إلا نفسه، لذلك فوجوده لم يعد مرغوبا بيننا. على أي نص ستشتغلين في الوقت القادم؟ سأقدم بعد حوالي أسبوع مسرحية جديدة ستكون موسومة ب”كوميديا الأحزان”، نص إبراهيم الحسني، وهي من إنتاج مسرح الغد، فيما أسندت مهمة إخراجها للمخرج سامح مجاهد، وهي مسرحية تسلط الضوء على تداعيات الثورة التي عرفتها مصر. أما بخصوص برنامجي القادم، فلن أتواجد في الشبكة البرامجية الخاصة بشهر رمضان، لسبب بسيط هو أنّ أغلب البرامج التي ستقدم خلال الفترة القادمة ستكون منحصرة على عدد قليل من شركات الإنتاج، ولكني أطمئن جمهوري لأنني سأظهر كضيفة شرف في مسلسل “لحظات حرجة” الذي سيبث على الفضائية العربية دبي، رفقة كل من الممثلة يسرا، والممثل عمرو واكد، وهشام سليم.