قال لي أحد القراء في الهاتف: تحدث عما يحدث في العالم العربي ودعك من الحديث عن لجان "الكابسياس" للحوار حول تغيير الدستور.. بطريقة تغيير "الأوفلا" أيام زمان إلى سوق الفلاح! دون أن يتغير الوزير الطيبي العربي الذي أفسد الفلاحة "بالأوفلا" وأصلحها بالكابسياس وأسواق الفلاح؟! تماما مثل ما يصلح المصلحون الآن الدستور الذي أرسوا أسس فساده بالإصلاحات والإصلاحات المضادة! وجه الشبه بين لجان إصلاح الدستور اليوم ولجان أسواق الفلاح بالأمس هو أن أسواق الفلاح بالأمس قامت ببيع البطاطا للفلاحين مصحوبة بالفؤوس.. فالفلاحون الذين أوصلتهم إصلاحات الفلاحة إلى شراء البطاطا من أسواق الفلاح عوض إنتاجها في مزارعهم وبيعها في الأسواق حتى ولو كانت أسواق الفلاح.. هؤلاء الفلاحون عاقبتهم الدولة بإلزامهم أخذ الفؤوس مع كيلو البطاطا الذي يشترونه من عند أسواق الفلاح وهي بدورها تستورده من الخارج بالعملة الصعبة كما تستورد الفؤوس! لجان الدستور أيضا تقترح علينا إصلاحات دستورية تشبه بيع البطاطا مقرونة بالفؤوس! فيعمد مثلا مصلحو الدستور إلى اقتراح فتح العهدات الرئاسية مقرونة بدسترة الأمازيغية! أو اقتراح إعادة بعض الصلاحيات للحكومة مقابل فأس دستورية أخرى قد يخترعها المخترعون! المصيبة أن برلمان أسواق الفلاح والكابسياس هذا هو الذي أفسد الدستور وهو الذي أسندت له مهمة إصلاحه! هذا البرلمان بأحزابه التعالفية الثلاثة هو الذي أصدر قانون المحروقات العار والذي ألحق أضرارا كبرى بالثروة البترولية.. وهو ملف ألعن من ملف سوناطراك وما يزال مسكوتا عنه! والوزير الذي قدم هذا الملف ترك منصبه، لكن النواب الذين صادقوا على هذا القانون ثم ألغوه أيضا لم يحسوا بأي حرج! بل حتى زعماء أحزابهم الذين حثوهم على التصويت الكارثة ثم التصويت بالإلغاء لم يحسوا بأي ذنب نحو الشعب أو نحو البلاد أو حتى نحو أحزابهم! عندما تسود عقلية أسواق الفلاح والكابسياس في البرلمان والأحزاب والحكومة فالمهم ليس الفضيحة التشريعية أو الفسادية أو السياسية.. بل المهم هو البقاء في المنصب! لهذا صدق القارئ الذي قال لي: إن دستور الجزائر المستقبلية كسوق فلاح هو جاهز الآن ولجان المشاورات ما هي إلا مناورات.. فقد تعودنا على هذه السيناريوهات.. والجزائر سيصلح حالها عندما تصل الأزمة إلى حد بيع كرسي النيابة والوزارة في المزاد العلني مصحوبا بالفأس!