يبدو أن المعارضة السورية استفادت كثيرا من تجارب الثورات العربية التي سبقتها فتمسكت بمبدأ سلمية ثوراتها، ولم تنزلق إلى اليوم إلى المواجهة المسلحة مع النظام رغم دموية الاحتجاجات ومقتل العديد من نشطائها أسوة بالثورة التونسية والثورة المصرية ورفضت التدخل الأجنبي تجنبا لتكرار سيناريو المعارضة الليبية التي سارعت إلى حمل السلاح و”استنجدت” بالتدخل الغربي ونقلت الشعب الليبي من هيمنة القذافي إلى الهيمنة الأجنبية، خاصة أن سوريا مستهدفة من الغرب منذ سنوات. في خطوة تحمل الكثير من التركيز أعلن وفد المعارضة السورية الذي يزور موسكو، رفض وفد المعارضة السورية أي تدخل خارجي في بلاده، معبرا عن ثقته بقدرة المعارضة على إسقاط النظام بالطرق السلمية وشرح عدالة قضية الشعب السوري في تطلعاته. وهي خطوة قد تفسر باستفادة المعارضة من الدروس الثورات في تونس ومصر وكذلك في ليبيا، حيث تبنت المعارضة السورية مبدأ سلمية المظاهرات وتمسكت بعدم حمل السلاح رغم سقوط العديد من القتلى في صفوفها برصاص النظام، كما أن المعارضة السورية تكون قد استخلصت العبر ايضا من ”أحداث ليبيا” فتجنبت المواجهة مع النظام تفاديا لحرب أهلية ورفضت التدخل الخارجي لتغلق الباب في وجه الأطراف الغربية التي تستهدف سوريا منذ زمن بعيد نظرا لمواقفها من المقاومة الفلسطينية وعلاقاتها بإيران. وكان وفد المعارضة السورية وصل إلى موسكو الإثنين بمبادرة من منظمات روسية من بينها ”الجمعية الروسية للتضامن والتعاون مع شعوب آسيا وإفريقيا”. وأضاف الوفد في مقابلة مع وكالة (نوفوستي) إن ”روسيا لديها مكانة سياسية ودولية هامة ونطمح لوقوفها إلى جانب الشعب السوري في قضاياه العادلة”. ورداً على سؤال عن التطلعات القومية الكردية، قال الناشط الكردي رضوان العدينية ”لا يريد الأكراد الانفصال عن سوريا ولا يجوز الشك في نوايا الأكراد في هذا الموضوع. وكل ما يشاع عن رغبة الأكراد بانفصالهم عن سوريا هي من صنع النظام السوري لبث الفرقة بين شرائح المجتمع”. وحول دور جماعة الإخوان المسلمين ومدى قبولها في الشارع السوري قال القيادي في الجماعة ملهم الدروبي إن الجماعة ”من مكونات الشارع السوري، وهي قامت منذ العام 1996 بمراجعة داخلية لاستراتيجية وفكر الجماعة خلال فترة زادت عن عشر سنوات توصلت خلالها للمشروع السياسي الذي نص على أهمية الحرية في كافة المجالات السياسية والدينية”. وحول تخوف الغرب من وصول الإسلاميين إلى الحكم، قال الدروبي ”نحن نقوم بجولات ولقاءات لنشرح للعالم وجهة نظرنا وبأن الجماعة في سوريا لا تشكل كل المجتمع السوري، بل هي عبارة عن شريحة منه”. واعتبر أنه من غير المجدي أن يقيم المجتمع الدولي بما في ذلك روسيا علاقات مع نظام الرئيس بشار الأسد، معتبراً أنه من الأفضل إقامة علاقات مع دولة يسود فيها القانون والاستقرار. وأشار إلى وجود عدم فهم وإدراك صحيح ل”ما يجري على أرض الواقع من عنف وقتل ضد المدنيين داخل سوريا من بعض السياسيين الروس”، مضيفاً أن زيارته لموسكو جاءت أيضاً للتأكيد على سلمية الثورة وعدم امتلاكها أي سلاح كما ”روج الإعلام السوري”. وقال الوفد أن ما يجري في سوريا هو ”جرائم ضد الإنسانية من خلال إطلاق النار العشوائي على المتظاهرين ومنع سيارات الإسعاف من نقلهم ومنع المصابين من الحصول على العلاج”. ودعا رئيس وفد المعارضة السورية رضوان زيادة موسكو إلى إعادة النظر في علاقاتها مع السلطات السورية للحفاظ على علاقات واسعة مع الشعب السوري تضمن المصالح الروسية في المستقبل.