بعيدا عن أطقم الأواني الجديدة، والمأكولات اللذيذة والطواجين التقليدية التي تهيأ في شهر الصيام، والتحضيرات الخاصة له، نرى الخمول والكسل والنوم لساعات طويلة في النهار وعزوف الفتيات عن الخروج، والعطلة في رمضان حلم كل عامل.. يمارس الجزائريون عادات وسلوكات مختلفة تدخل ضمن استعدادهم لاستقبال الشهر الكريم، فهناك تحضيرات من نوع خاص لابد منها من أجل التأقلم مع هذه الأيام تتعلق بإيجاد السبل التي تجنبهم ما يفسد عبادتهم.. هي عادات قارة عند الكثير من الجزائريين لدى دخول شهر الصيام. اختلفت طريقة كل منهم إلا أنهم يشتركون في نيتهم في المحافظة على صحة صومهم، وبين شبان يتجنبون الغضب، وفتيات يتخلين عن الماكياج لتفادي الفتنة، وأزواج يضعون حدود وضوابط لتعاملاتهم، وأشخاص يصومون حتى عن الكلام تبقى لأيام الصيام نكهة خاصة يعيشها الجزائريون كبيرهم وصغيرهم، خاصة إذا تعلق الأمر بالعلاقات الأسرية التي من شأنها إن تتأثر بموجات الغضب والمزاجية التي يحدثها الصيام لدى الكثيرين، فغالبية الأزواج يفضلون عدم التعامل والالتقاء مع بعضهم البعض لتجنب المشاحنات التي قد تثيرها أسباب تافهة تتمحور حول الأكل في أغلب الاحيان. هو ما حدثتنا عنه مها التي تزوجت منذ سنتين، حيث لا تلتقي بزوجها طوال اليوم رغم أنه في عطلة، حيث يقتسمان المنزل ويتجنبان بعضهما البعض.. كل ذلك لأن زوجها حاد المزاج ويغضب لأتفه الاسباب، هو واحد من بين الحلول التي تهون من حدة آثار الصوم. شبان يلجؤون إلى النوم إذا تحدثنا عن فئة الشباب فإن الكثير منهم يتجنبون الاستيقاظ من النوم، ليحرموا من عاداتهم اليومية، خاصة إذا تعلق الامر بالمدمنين على التبغ والسجائر، فيصعب عليهم التكيف بسهولة مع الصيام.. ورحلة البحث عن الحلول تبدأ بمحاولة قضاء يوم كامل في النوم.. هي عادة متبعة بكثرة لدى الشبان الجزائريين. هو ما تأكدنا منه خلال تقربنا من بعض المواطنين من كافة الفئات العمرية. بدايتنا كانت مع حليم، الذي يغير مواقيته كلها بمجرد دخول أول ليلة من ليالي رمضان، فهو - على حد قوله - شخص عصبي للغاية ومتعود على التدخين بكثرة، وبما أنه عاطل فهو يقضي ليلته بأكملها في السهر ثم ينام مع أذان الفجر، ليقضي يوما كاملا من الصيام في الفراش. نفس الشيء حدثتنا عنه السيدة صوريا التي تشتكي من ولديها اللذين يقضيان نهار رمضان نائمين، الأمر الذي يضطرها لقضاء حاجياتها المنزلية بنفسها. من جهة أخرى فسحور المدمنين على المنبهات والسجائر يسحرون، وتكون آخر ما يتناولونه قبل وقت الإمساك. فتيات يتجنبن الخروج بدون ماكياج أما الجنس اللطيف فيتجهزون لرمضان بمحاولة المكوث في المنزل أطول وقت ممكن للتفرغ للطبخ وأداء الفرائض والعبادات.. هو حال كهينة، طالبة جامعية، تقول في هذا السياق: “أقضي كل حاجياتي قبل رمضان، فخروجي يكون فقط للضرورة الملحة، حيث أفضل المكوث في البيت بعيدا عن أي ضغوطات كي أصوم بهدوء”. أما سامية فأرجعت سبب تفضيلها للمكوث في المنزل إلى أنها لا تحب الخروج من غير ماكياج، فهي تضعه طوال أيام السنة لتنزعه في رمضان، ما يحسسها أنها ستبدو غريبة من دونه، لذلك فهي تحرص على ألا يراها أحد على ذلك الحال. نفس الشيء بالنسبة لنهال التي لا تحب شكلها من دون ماكياج، في حين تدرك جيدا أنه من المفطرات، لذلك حفاظا على صحة صيامها فهي تحرص على قضاء شهر كامل في البيت لتفادي الإحراج. هو ما ذهبت إليه الكثيرات ممن حدثتهن “الفجر” حول يومياتهن الرمضانية، فالجمال والماكياج هاجس الكثير من الفتيات خلال شهر رمضان. تنافس الموظفين من أجل العطلة في رمضان مع اقتراب موعد الصيام تشهد مختلف المؤسسات العمومية والخاصة تنافسا شديدا يصل إلى الشجار حول من يستفيد من عطلته السنوية خلال هذا الشهر، خاصة النساء والفتيات، فالكثير منهن يحبذن التفرغ للمطبخ وتحضير ما لذ وطاب، لاسيما ربات البيوت اللاتي يفضلن إيلاء اهتمام خاص للعائلة في هذه الأيام المباركة.. فالسيدة فريدة، على سبيل المثال، موظفة منذ عشرين عاما، اعتادت الاستفادة من عطلتها السنوية خلال رمضان، فهي تعتبره شهرا مقدسا تخصصه لله والعائلة.. هذا الأمر يثير الكثير من المشاكل داخل المؤسسات. هو ما وضحه السيد كمال، مسؤول بأحد الشركات، حيث تلقى الكثير من طلبات العطلة في هذه الفترة، ليجد نفسه في حرج من تلبية رغبة موظف على حساب آخر. نفس الشيء بالنسبة لبعض الرجال الذين يفضلون الراحة والمكوث وراء جدران المنزل من أجل تجنب الانفعال والغضب الذي قد يقعون ضحيته وهم صائمون. هو ما ذهب إليه نبيل، الذي قال في نفس السياق: “لا أحد يتقبل مزاجي السيء من غير زوجتي، لذلك فإني أفضل أن أقضي رمضان برفقتها”.