تشهد مختلف الأسواق وأماكن العرض للكتب المدرسية القديمة، خلال هذه الأيام، إقبالا منقطع النظير لأولياء التلاميذ للحصول على كتب مدرسية مجانا أو بثمن منخفض عن السعر المحدد من قبل وزارة التربية الوطنية، وذلك من أجل التقليص من مصاريف الدخول الاجتماعي. ومن خلال جولة استطلاعية قادت “الفجر” إلى بعض الأسواق، أكد لنا بعض الأولياء أن الكتب المدرسية ما هي إلا مصاريف أخرى تضاف إلى الميزانية العائلية كل سنة، وفي نفس الفترة الزمنية التي ترافقها تلك الرغبة في الاقتصاد والتقليص من النفقات من خلال هذه الطرق التي يتحتم على الأولياء اللجوء إليها. وإذا كانت هذه الكتب في السنوات السابقة تتم إعارتها للتلاميذ من طرف المدارس، فإنها اليوم تشترى بأسعار يمكن يقال عنها باهظة، خاصة في ضل تعدد المتمدرسين في العائلة الواحدة وتوافدهم على مختلف الأطوار التعليمية، حيث يبلغ سعر أغلى كتاب في الطور الإبتدائي للفرنسية في السنة الخامسة 240 دج، و230 دج بالنسبة لكتاب القراءة و150دج كأدنى سعر بالنسبة لكتاب الجغرافيا.. ليصل مجموعها إلى 2220دج، و2160 بالنسبة للسنة الرابعة و1145 دج للسنة الثانية، ويرتفع مجموع أسعار الكتب في الطور المتوسط إلى 3000 دج. أما في الطور الثانوي فإن سعر أدنى كتاب 180 دج لكتاب الجغرافيا وأغلاها يصل إلى 270 دج للجزء الواحد، ويتعلق الأمر بكتب العلوم الطبيعية واللغة العربية، لتكون هذه الأرقام بمثابة أسعار للكتب فقط دون احتساب اللاوازم المدرسية والاحتياجات الأخرى. وفي هذه الأحوال، فإن الشروع في التفكير في كيفية الحصول على تلك الكتب دون دفع أي مصاريف أو تقليصها يصبح أمرا تلقائيا، كما أن التدابير للحصول عليها مجانا أو بسعر منخفض عن السعر الرسمي تفرض نفسها في أذهان الأولياء، وهو أمر لا يخص العائلات ذات الأجر الضعيف فحسب بل جميع العائلات الجزائرية. ومن بين تلك الطرق والوسائل التي تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى عادة تتكرر كل عام لدى العائلات الجزائرية، هي رحلة البحث للحصول علة الكتب المدرسية القديمة في الأسواق أواقتنائها من الجيران والأقارب.. لتكون هذه العملية في بعض الأحيان شبه سباق يتسابق فيه كل من يريد اقتنائها بتزايد الطلب عليها وربما كان الإشعار بتلك الرغبة يكون بوصية مسبقة قصد التأكد من الحصول عليها، على أن يتم دفع الثمن المتفق عليه من كلا الطرفين شريطة أن يكون تحديده وفقا لحالة الكتاب أي مدى جدته أو قدمه، حيث يعمد البائعون بعد حصولهم على الأموال إلى شراء كتب أخرى للأطوار اللاحقة، وعرض مجموعة من الكتب ليس للبيع بل لكرائها لمدة سنة ب 100 دج للكتاب الواحد، وهو نفس السعر الذي يعتمد عليه لجميع الطوار الدراسية، مؤكدين أنها صفقة مربحة بالنسبة لهم شريطة عودة الكتاب إليهم كل سنة. هي صور وأخرى تفرض نفسها للتأمل، إذ تعكس لنا واقع الجزائريين في تعاملاتهم مع مختلف الظروف والمناسبات.