الذكرى ذكريان اليوم؛ الذكرى ال 23 "لثورة" أكتوبر 1988، الأحداث التي قلبت الوضع رأسا على عقب في جزائر الشاذلي، ومازال التغيير والإصلاح لم ينته بعد في جزائر بوتفليقة.. يلومنا العرب الذين استفاقوا منذ بضعة أشهر على أحداث سموها ثورات في الشارع العربي على أننا لم نجار الربيع العربي الذي جاء ليحرر المواطن العربي في مصر وتونس وليبيا وغيرها من أنظمة مهترئة عمّرت طويلا، ونسوا أن استفاقة الشارع الجزائري سبقتهم قرابة ربع قرن، وقتها لم تكن هناك مواقع للتواصل الاجتماعي، ولا فضائيات التحريض، ولا هواتف محمولة تنقل صور الثورة العارمة التي اجتاحت مدن الجزائر، وأنزلت أعظم حزب في تاريخ البلدان المتحررة من الاستعمار من صهوة جواده، وجعلته ينزل أرضا ويساق إلى محكمة الشعب. كان اليوم، يوم أربعاء، شمسه الخريفية دافئة، وكل شيء يبدو في الشوارع هادئا؛ لا شرطة في نقاط المرور، اختفت البذلة الزرقاء نهائيا يومها، وكان الكل يتحدث أن هناك مظاهرات وانفجار للوضع في العاصمة، بعد أيام من الإضراب دخلها عمال مصنع الرويبة للشاحنات، وتململ في كل شبر من المدينةالبيضاء التي احتضنت من أسابيع قمة عربية صاحبتها قمة مغاربية قالوا إنها ستشيد لمغرب عربي كبير.. وانفجر الوضع، وبدأت أخبار المظاهرات تلتهب كالنار في الهشيم من شارع إلى شارع، وتعالت أعمدة الدخان في سماء العاصمة التي باتت على خراب كبير، وعلى سقوط العشرات من الأرواح.. وجاءت التعددية، وجاءت حرية التعبير، وجاء بعبع الإسلام السياسي، ليحول العرس الديمقراطي إلى مأتم ويحول البلاد إلى خراب طيلة عشريتين ومازالت ثورة أكتوبر لم تحقق مكاسبها.. الذكرى الثانية، هي أن الفجر تطفئ اليوم شمعتها العاشرة، في جو من الزحام الإعلامي، ومن السقوط الحر الذي عرفه الإعلام المعرّب في الجزائر التي مازالت تعتبر رغم النقائص أهم تجربة صحافة حرة في العالم العربي.. تأتي هذه الذكرى لتقلب في نفسي الكثير من المواجع، ولأضحك من النكت السياسية التي يتشدق بها حكامنا.. قيل إن الدولة أقرت قانونا يعطي المرأة حقها بنسبة 30٪ في القوائم الانتخابية وآثر رئيس الجمهورية أن يفتح المجال للمرأة واسعا لتتبوأ كل المناصب دون تمييز، لأنها الأكثر تواجدا في مدرجات الجامعة وفي أروقة المستشفيات وفي سلك التعليم، وأيضا في الشارع، وفي البيت هي أساس البيت من شغل البيت إلى ضمان دخل الأسرة.. ومن هنا كان لابد من اعتراف للمرأة وإعطائها حقها. لكن لماذا هذا التضييق على تجربة الفجر، مع أنها الأولى التي تقودها سيدة في الجزائر وفي شمال إفريقيا والوطن العربي؟! أم أن كلام ترقية حقوق المرأة لا يعني الإعلام الذي فتح المجال واسعا لبقارة السياسة والمال ويكفي تصفح صفحات الإشهار في عناوين ولدت بعد الفجر بسنوات لتفهم المهزلة..