تدخل الرواية الموسومة ب”دمية النار”، للروائي الجزائري بشير مفتي، إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للروائية العربية “بوكر”، في دورتها الخامسة لعام 2012، رفقة 12 نصا روائيا تم اختيارها من بين 101 رواية شاركت من 15 بلدا عربيا نشرت في الأشهر الاثني عشر الماضية. تسرد رواية بشير مفتي، الصادرة منتصف العام الفارط، عن منشورات الاختلاف بالعاصمة والدار العربية للعلوم ناشرون ببيروت، تحولات ومسارات بطل العمل رضا شاوش المتقلبة، الذي يحاول فيه الروائي استنطاق الماضي من خلال صراع الأقوياء، وعدم الجرأة على مخالفة قانون الأمر الواقع الذي يقع تحت وطأته الضعفاء وكيف يتحول الإنسان بسبب الظروف المحيط به إلى شخص آخر، فيعبر عن هذا الواقع في إحدى مقاطع النص “فإذا بي أولد شخصاً آخر مليئاً بأشياء أخرى، ودماء جديدة.. دماء آخرين امتص منهم روحهم، روحهم البريئة لأعيش، صرت الشر، ودمية الشر، صرت الشيطان، ودمية الشيطان، صرت تلك النار اللاهبة والمستعرة، النار الحارقة والمسعورة، صرت مثل دمية النار، تحرق من يمسكها.. صرت اللاشيء الفارغ من أي معنى، والذي لن يعيش إلا عندما يقدر على مص دماء الأبرياء الذين يواجههم.. كانوا يطلبون مني أشياء غريبة، وكنت أنفذها، وصرت بعدها واحداً منهم”. في هذا العمل الجديد الذي أطل به بشير مفتي على القارئ الجزائري والعربي، يترك الروائي البطل يحكي سيرته الشخصية عندما يفاجئ بمخطوط يصله بعد عشر سنوات على اختفاء رضا شاوش يسرد فيه تجربته التي يقول فيها:”حينما حمل لي البريد ظرفاً بداخله مخطوط مع رسالة قصيرة جاء فيها: عزيزي الروائي بشير م. يصلك هذا المخطوط وأنا ربما في عالم آخر، ليس بالضرورة الموت، وإن كنت لا أستبعد هذا، وفيه ما وعدتك به، المخطوط الذي كتبته تأريخاً لحياتي تلك، إنها قصتي أنا بكل حروفها السوداء، وأبجديتها الخارقة، إنها قصتي التي عشتها وتخيلتها، وإنها ذاكرتي التي صنعتها وصنعتني في نفس الوقت، وإنني لأتمنى صادقاً أن تكتب اسمك في أعلى صفحاتها، وتنسبها لنفسك فتكون بالنسبة إليك كقصة خيال مروعة على أن يراها الناس حقيقة مؤكدة.. مع أنني، من خلال ما عشت، لم أعد قادراً على التفريق بين ما هو خيال وحقيقة، واقع وحلم.. شكراً لك على التفهم، وداعاً.. رضا شاوش”. بعيداً عن أحداث الرواية التي يدرج فيها اسم الروائي بشير مفتي للمرة الأولى ضمن القائمة الطويلة لجائزة الرواية العربية “بوكر”، بعد الروائي سمير قسيمي، في الدورات السابقة منها، ينتمي الكتاب الإثني عشر المرشحون للقائمة الطويلة وفقا لبيان الجائزة لست بلدان عربية مختلفة، حيث تناصفت كل من مصر ولبنان ثمانية كتاب، وتوزع باقي الكتاب على كل من الأردن وسوريا والعراق وتونس بالإضافة إلى الجزائر، وتسلط عدد من الروايات الضوء على الحرب اللبنانية. في حين تتناول روايات أخرى مواضيع شائعة مثل التشرد على وتيرتين سواء من فقدوا أحبة في صغرهم أو المغتربون العرب، إضافة إلى التحديات التي يواجهها الناس في إعادة اكتشاف الجذور والبحث عن الهوية. ومن الروايات التي تم اختيارها للقائمة الطويلة لدورة العام 2012 هي رواية “النبطي” للروائي يوسف زيدان، والذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العربية عام 2009 عن روايته “عزازيل”. كما ينضم إليه في القائمة ثلاثة كتاب آخرين ترشحوا للقائمة القصيرة في دورات سابقة للجائزة، وهم جبور دويهي الذي وصلت روايته “مطر حزيران” لدورة العام 2008، والحبيب السالمي الذي ترشحت روايته “روائح ماري كلير” لدورة العام 2009، وربيع جابر الذي ترشحت روايته “أمريكا” لدورة العام 2010، في حين تم ترشيح رواية الكاتب عز الدين شكري فشير “غرفة العناية المركزة” للقائمة الطويلة للعام 2009. وقد تم اختيار الروايات من قبل لجنة تحكيم مؤلفة من خمسة خبراء في مجال الأدب العربي، سيتم الإعلان عن أسمائهم في السابع من ديسمبر المقبل، وهو الوقت ذاته الذي سيتم الإعلان فيه عن القائمة القصيرة. وتضم روايات القائمة الطويلة 2012، “سرمدة” للسوري فادي عزام، “تبليط البحر” للبناني رشيد الضعيف، “شريد المنازل“ للبناني جبور الدويهي، “روز بلغراد” لربيع جابر، “عناق عند جسر بروكلين” للمصري عز الدين شكري فشير، “تحت سماء كوبنهاغن” للعراقية المقيمة بالدنمارك حوراء النداوي، “العاطل” للمصري ناصر عراق، “حقائب الذاكرة” للبناني شربل قطّان، “كائنات الحزن الليلية” للمصري محمد الرفاعي، “نساء البساتين” للتونسي الحبيب السالمي، “رحلة خير الدين العجيبة“ للأردني ابراهيم زعرور، “النبطي” للمصري يوسف زيدان، و”دمية النار” لبشير مفتي. وعلق رئيس لجنة التحكيم لدورة العام 2012 على القائمة الطويلة قائلا:”تنعقد الدورة الخامسة للجائزة العالمية للرواية العربية في ظل ظروف استثنائية تتمثل بانتفاضات العديد من شعوب العالم العربي ضد أنظمة الاستبداد المتأصلة في أكثر أقطاره منذ عقود مديدة. وبدون أن نزعم أن الروايات المرشحة لهذه الدورة تنبأت على نحو مباشر بالربيع العربي، فإن العديد منها قد رسمت الأجواء الخانقة التي كانت سائدة قبل انفجار تلك الانتفاضات وأدخلت قارئها إلى العالم التحتي لأجهزة الشرطة السرية وجسدت الظمأ إلى الحرية لدى العديد من أبطالها الرئيسيين أو الثانويين، منددة في الوقت نفسه بانتهازية المتعاملين منهم مع تلك الأجهزة. يذكر أنّه الروائيين الذين سيتم إدراجهم ضمن القائمة القصيرة، سيحصلون على مكافأة قدرها 10 آلاف دولار، إضافة إلى 50 ألف دولار أخرى تكون من نصيب الفائز الذي سيتم الكشف عنه في ختام فعاليات معرض أبو ظبي الدولي للكتاب في ال27 من مارس المقبل. وقد شرع العمل بهذه الجائزة في أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، في أفريل عام 2007 بدعم من مؤسسة جائزة “بوكر”، ومؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي.