بلخادم لم يستوعب الدرس الذي حاول الرئيس أن يلقنه إياه، وراح يعيد كالببغاء كلمات الرئيس حرفيا. بلخادم ردد من جيجل ما قاله الرئيس منذ أيام في افتتاح السنة القضائية، حيث قال: "إن بعض الأحزاب كلما كانت صغيرة كلما ارتفع صوتها"، وراح يعيد نفس الكلمات ويقول: "هناك بعض الأحزاب بقدر ما يخف وزنها بقدر ما يرتفع صوتها"!! ربما لهذا حمل بلخادم المعول وراح يحطم جبهة التحرير الوطني ويقزمها، ظنا منه أنه سيكون أكثر تأثيرا عندما يخف وزن الأفلان، لكن ما أراد أن يقوله الرئيس لبلخادم، الذي لم يعد يجد ما يقوله لمناضليه سوى ترديد أقوال بوتفليقة، إن أحزاب التحالف لا تعنيه، وإنه أكبر من هذه الأحزاب، التي عوض أن يسهر أمناؤها العامون على تقوية أحزابهم وفتحها أمام الشباب لاستيعابهم وتعبئتهم في صفوفها حتى لا يلتهمهم التيار السلفي الذي يتربص بالمجتمع، راح كلاهما، وأقصد هنا بلخادم وأويحيى، يعول كل على سند يتكئ عليه. بلخادم ربط مصيره بالرئيس، ظنا منه أنه سيقدم خدمة لبوتفليقة عندما يعلن مساندته له، وهو في الحقيقة لا يساوي وزن حزبه الذي يعيش منذ فترة صراعا وتصحيحيات فجرده من مناضليه الحقيقيين ومن رصيده التاريخي والنضالي. وأويحيى يعول على الإدارة، وإن كان في الحقيقة يبقى الأرندي أكثر تفتحا على الشباب وعلى المرأة، ويضم في صفوفه مناضلين أكثر نشاطا وأكثر إيمانا بالإطار الذي يناضلون في صفوفه. وعوض أن يتوجه الأمين العام لجبهة التحرير إلى الشباب ويستقطبهم في صفوف حزبه ويفتح خطابه على انشغالاتهم واهتماماتهم، راح يقلد في كل مرة كلمات الرئيس ويرددها بغير معنى، بل يجردها من قيمتها عندما يخرجها من الإطار الذي قيلت فيه. لا أتوقع أن يعمر بلخادم كثيرا على رأس الجبهة، والأسلم للأفلان أن يزيح هذا الرجل في أقرب الآجال، حتى يتسنى لهم النهوض بحزبهم ليكون جاهزا للاستحقاقات المقبلة، وإن لم يفعلوا فسيمنون بخسارة أشنع من خسارة محليات 1990. أويحيى مجبر أيضا على التفرغ لحزبه ليكون جاهزا لخوض الانتخابات، وربما التغيير الحكومي المقبل سيمنحه فرصة للاهتمام أكثر بحزبه، هذا إذا مس التغيير الوزارة الأولى، وإلا فإن نتائج الانتخابات المقبلة ستكون كارثية على الحزبين، وهو ما يفتح الطريق أمام الإسلاميين الذين هم أكثر تنظيما وانضباطا.