كشفت مصادر مقربة من محيط عبد العزيز بلخادم أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، أنه أبدى لمقربيه شعوره بالقلق والخوف من فشل الأفلان في الاستحقاقات المقبلة، والسبب هو العراقيل الحقيقية التي يعيشها الحزب في الوقت الراهن، فالتقويمية تضعف قاعدته النضالية من جهة وأحزاب التحالف تضرب من الجهة المقابلة، وحتى الأحزاب الأخرى ركبت الموجة، وهو ما يجعل بقاء بلخادم على رأس الحزب مسألة أيام فقط. يبدو أن أيام بلخادم على رأس الحزب العديدة قد أصبحت معدودة، وإعلانه الانسحاب من قيادة الحزب وخروجه من الباب الضيق أضحت مجرد وقت، وما يؤكد صحة هذا هو حديثه لمقربيه مؤخرا عن شعوره بقلق كبير من إمكانية فشل الجبهة في الاستحقاقات المقبلة، وأكدت مصادر مقربة من محيطه ل«السلام”، أن تخوف الأمين العام للحزب من الخسارة في الموعد الانتخابي القادم، راجع بالأساس إلى عراقيل حقيقية يواجهها الأفلان في الوقت الراهن من داخل الحزب وخارجه، فمن الداخل، هناك انشقاق قيادات ذات وزن في الحزب وتشكيلها لما يعرف بالحركة التقويمية بزعامة القيادي محمد صالح ڤوجيل، حيث تمكن هذا الأخير رفقة إطارات أخرى على رأسهم وزراء سابقون وآخرون يشغلون مناصبهم في الحكومة الحالية، منهم محمد صغير قارة ورشيد بوكرزازة والهادي خالدي ومحمود خوذري، من خلط الأوراق على طاولة بلخادم وتجريده من قاعدته النضالية، وهو ما تأكد مؤخرا من خلال عقدها لندوة وطنية جمعت إطارات ومناضلين من الحزب، حيث حظيت الحركة بتغطية وسائل الإعلام العمومية الثقيلة، وهو ما قرئ على أنه ضربة من السلطة لبلخادم حتى وإن لم يصرح بذلك علنا، وما يشير إلى الشعور الانهزامي الذي انتاب هذا الأخير في الفترة الأخيرة، هو غياب شخصيات ذات وزن في الحزب عن حضور ندوته التي نشطها في القاعة البيضاوية أول أمس، أمثال محمد الصالح يحياوي، عبد الحميد مهري، عمار تو ووزراء آخرون قاطعوا الاحتفال الذي نظمته الجبهة بمناسبة ذكرى أول نوفمبر، وعدم حضورهم يفسر تخليهم عن الرجل الأول في الحزب، كما أن الحفل حضره شباب جامعي ومواطنون نسبة كبيرة منهم لا علاقة لهم بالحزب، وترجح مصادرنا أن بلخادم أدرك فعلا غياب قاعدة الحزب النضالية عن دعمه، حيث لجأ إلى البحث عن منخرطين جدد لإنقاذه من الخسارة في الاستحقاقات المقبلة. بلخادم غير مرغوب فيه في التحالف الرئاسي إضافة إلى هاجس التقويمية وإصرارها على رحيل الرجل، يواجه بلخادم من خارج الحزب، هجمات شرسة من قبل شريكيه في التحالف الرئاسي الأرندي وحركة حمس، فحرب التصريحات لم تنته منذ تشكيل التحالف، حيث عبرت حمس عن رفضها تسيير التحالف وفقا لسياسة هذا الحزب أو ذاك، وهو ما رفضه بلخادم الذي أصر على بقاء النهج ذاته والتصرف بعقلية حزب الأغلبية، وهذا ما جعل الحركة تغير من موقفها من التحالف حتى وإن لم تعلن انسحابها منه، وواصلت تهجماتها على الأفلان خاصة بعد نزول مشاريع الإصلاحات إلى البرلمان، حيث اتهمت بلخادم ضمنيا بإفراغ إصلاحات الرئيس من محتواها وتحزيبها، فرض منطق الأفلان عن طريق مكالمات هاتفية وممارسة ضغوط على لجنة الشؤون القانونية في المجلس الشعبي الوطني لإلغاء مواد معدلة في إطار قانون الانتخابات لاسيما استقالة الوزراء، إضافة إلى كوطة المرأة في المجالس المنتخبة. التجمع الوطني الديمقراطي الأرندي شريك الأفلان في التحالف يحاول جاهدا إظهار حزب بلخادم بالحزب المتصدع والمنهار، ويحمله سبب أزمات الجزائر، كما يتهم الأرندي حزب جبهة التحرير تعرقل مسار التحالف، إلى جانب عرقلتها إصلاحات الرئيس، وإن لم تظهر تصريحات علنية بين بلخادم وأويحيى، إلا أن خطابات كل واحد منهما خاصة في الآونة الأخيرة، تعتبر دليلا على خلافات بين الرجلين، وما يعزز ذلك هو تسابق الرجلين على كسب رهان الاستحقاقات المقبلة، غير أن السبب الحقيقي الذي يثير غضب الأرندي من بلخادم هو محاولته فرض نفسه على أنه خليفة الرئيس المقبل. الأحزاب تناشد بوتفليقة حماية إصلاحاته من بطش بلخادم ركبت بعض الأحزاب السياسية موجة الدفاع عن مصلحة رئيس الجمهورية، وحذرت من محاولة بلخادم وزمرته من إفساد الإصلاحات التي دعا إليها الرئيس، وهذا التحامل على أمين عام الحزب مرده إلى رغبة إزاحة بلخادم من الساحة السياسية ومن تمثيله الرئيس بوتفليقة، حيث طالبت أحزاب على غرار حركة النهضة وحزب العمال، من رئيس الجمهورية حماية إصلاحاته من بطش بلخادم الذي أراد حسبها تمرير رغباته الشخصية على حساب رغبة الرئيس، ونيته العودة بالحياة السياسية إلى عهد الحزب الواحد. سياسة بلخادم الإقصائية ورغبته المضمرة في الترشح كخليفة بوتفليقة في رئاسيات 2014 المقبلة، جعلته محل رفض من طرف الجميع من داخل حزبه ومن خارجه، وما يحدث للرجل هو استهداف لشخصه أكثر من استهداف الحزب، ويحدث في الوقت الراهن إجماع على رحيله من طرف أغلبية التشكيلات السياسية، ويبدو أن أمين عام الأفلان بدأ يعد أيامه الأخيرة قبل رحيله.