بخطوات متسارعة انتقلت الأزمة بين فرنسا ساركوزي وتركيا التي تفجرت إثر مصادقة الجمعية الوطنية الفرنسية على قانون يجرم إنكار “إبادة الأرمن” من شقها السياسي، لتتجه نحو الاقتصاد، حيث اتخذت مديرية الأمن العامة التركية الخطوة الأولى لتنفيذ قرار فرض العقوبات على الشركات الفرنسية. اتخذت مديرية الأمن العامة قراراً بإلغاء صفقة شراء سيارات لمساعدي مدراء الأمن بعموم تركيا من طراز بيجو 508 من فرنسا، وفقا لما ذكرته صحيفة “ميلليت” التركية في عددها الصادر أمس. وأضافت الصحيفة أن عددا من أصحاب المحلات التجارية والمطاعم الشهيرة للأسماك في اسطنبول غيرت أسماء محلاتهم المكتوبة بالفرنسية إلى اللغة التركية، ورفع العلم التركي أمام محلاتهم، وامتنعوا عن تقديم الوجبات الفرنسية الشهيرة لزبائنهم، احتجاجاً على الموقف الفرنسي المتبع ضد تركيا. وفي السياق نفسه، اعتبر الخبير التركي فايق بولوت، في تصريح إعلامي، أن الخطوة التركية بمقاطعة فرنسا اقتصاديا وتجاريا مبالغ فيها. واعتبر أن دوافع انتخابية وراء تبني فرنسا قانون إبادة الأرمن في تركيا حيث يحاول ساركوزي كسب أصوات الجالية الأرمنية في الانتخابات التشريعية المقبلة، وكذلك الحزب الاشتراكي في منافسة على الأصوات. وأضاف بولوت أن الدول الأوروبية مثل سويسرا بدأت تسن قوانين تعترف بإبادة الأرمن في تركيا عام 1915 وتجرم من ينكرها، معتبرا أن رد الفعل التركي المطالب بمقاطعة فرنسا اقتصاديا وتجاريا مبالغ فيه. وفي خضم الصراع الفرنسي التركي، قالت أنقرة إن دول الخليج جمدت مفاوضات للتجارة الحرة معها، دون أن تفصح عن الأسباب. ونقلت صحيفة الاقتصادية السعودية نقلا عن وزير الاقتصاد التركي، ظفر جاغلايان، قوله إن بلاده جاهزة للتوقيع على الاتفاقية وتنتظر حاليا موقف دول الخليج. وأوضح جاغلايان أن الدول الخليجية تخسر بهذا الإجراء، مشيرا إلى أن النفط قد يؤدي إلى غنى وقتي، لكنه لن يكون مستداما، وأن دول الخليج وعلى رأسها السعودية في حاجة إلى استثمارات صناعية ضخمة لا تتحقق إلا من خلال توقيع اتفاقيات التجارة الحرة. وقال إن هناك 57 دولة إسلامية أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تمثل ثلث سكان العالم، لكن حصتها من التجارة العالمية تمثل فقط 7 ٪ أو 1.2 تريليون دولار، وقد حققت تركيا وحدها 10٪ من هذا الرقم. وأشار جاغلايان إلى أن الناتج القومي لهذه الدول منخفض جدا مقارنة بدول العالم، حيث يساوي 4.5 تريليونات دولار. كما أن التجارة البينية بين هذه الدول تمثل فقط 17٪ من مجمل تجارتها مع العالم، بينما يصل الرقم بين دول الاتحاد الأوروبي إلى ما بين 75٪ و80٪.